سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية أمام معهد الدراسات: مرسى مجرد رهينة فى قبضة مكتب الإرشاد
الصراع الآن أصبح بين فكرتين إما صناعة دولة ديمقراطية تتسع للجميع أو تتحول مصر إلى دولة إخوان
قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تاريخ مصر لم يشهد نظاماً سياسياً ديمقراطياً رغم أنها دولة عريقة. وأشار الى أننا لم نعش تجربة ديمقراطية كاملة وإنما كانت هناك ارهاصات لنظام ديمقراطي بين ثورتي 1919 و1952 ولكن للأسف هذه التجربة لم تتم رغم أنها فترة مهمة ازدهرت فيها الثقافة والحريات العامة ومؤسسات المجتمع المدني، وهي من علامات الديمقراطية، وقال نافعة خلال محاضرة له ألقاها في معهد الدراسات السياسية بالوفد بحضور الدكتورة كاميليا شكري عميد المعهد ومساعد رئيس الحزب: أن تعثر النظام الديمقراطي في تلك الفترة بين اصرار الملك على التمسك بجزء كبير من سلطاته واصرار الاحتلال على ألا تزدهر التجربة الديمقراطية فكان التجربة الديمقراطية بين مطرقة الاحتلال وسندان القصر، فالقصر استخدم احزاب الأقلية رغم أن دستور 1923 كان جيداً إلا أن به عيبا وهو أن يحتفظ الملك لنفسه بالحق في حل البرلمان وتشكيل الحكومة فإذا تصادم مع الأغلبية وكانت في ذلك الوقت لحزب الوفد يقوم الملك بحل البرلمان واجراء الانتخابات، والوفد لم يبق في السلطة الا حوالي ست سنوات وكانت في تلك الفترة محاولة لتجربة ديمقراطية وتعثرت ولم يتمكن حزب الأغلبية والحركة الوطنية من تحقيق الاستقلال أو بناء نظام ديمقراطي قبل ثورة 23 يوليو وكانت هناك أزمة سياسية كبرى أحد علاماتها اندلاع حريق القاهرة 1952 وكان ذلك تمهيداً لأن ينهار النظام القديم خصوصاً أن الطبقات الصاعدة بسبب تطوير الصناعة لم يكن لديها نوع من العدالة. وقال نافعة: في ثورة 23 يوليو 1952 جاء الانقلاب من الجيش عبر حركة الضباط الأحرار التي يقودها جمال عبد الناصر وكانوا جميعاً رغم اختلاف الايديولوجية لهم مطلب وطني وهو الاتفاق على أن التغيير ضرورة، وكان الانطباع بأن النظام السياسي الذي يعملون في اطاره فاسد، وأصبح الجيش هو البؤرة التي صهرت الحركة الوطنية، وهذه الحركة ظهرت في البداية كانقلاب عسكري ألغى الأحزاب، وخاض عبد الناصر معارك نجح في بعضها وفشل في البعض الأخرى، أهمها معركة الاصلاح الزراعي والعدالة الاجتماعية وحدد الملكية وشيد صناعة وأمم قناة السويس وقام ببناء السد العالي وكان أهم اخفاق له هو بناء النظام السياسي الديمقراطي، رغم أنه كان من أهداف ثورة 23 يوليو اقامة حياة ديمقراطية سليمة، ولم يستطع أن يقيم هذه الحياة وكانت هذه هي الثغرة التي أدت في النهاية الى هزيمة 1967، وأعتقد أن ثورة 23 يوليو انتهت برحيل عبد الناصر وبقى نظامها السياسي الذي لم يكن يقوم على الديمقراطية، وامتد هذا النظام مع السادات ومبارك، حتى في فترة السادات بعد حرب 1973 ثم أدخل السادات نوعاً من التعددية السياسية والمنابر وظهرت بعض الأحزاب ومنها حزب الوفد عام 1978 ولكن لا نقول بأنه خلال فترة السادات حصلنا على ديمقراطية، ولكن حدثت انفراجة ونوع من التعددية السياسية بالمقارنة بفترة عبد الناصر، وكان في دستور 1971 مادة تتيح لرئيس الدولة الترشح أكثر من فترة دون حد أقصى. وأضاف نافعة: بعد اغتيال السادات جاء مبارك ليستفيد من الوضع القائم وكان يختلف عن عبد الناصر والسادات فهو ليس ثوريا مثل عبد الناصر أو مغامرا وسياسيا كالسادات، وكان رجلا موظفا اختير بالصدفة بعد حرب 1973 وكان ضابطا منتظما في الجيش ويمتلك بعض «العناد» والقدرة على توظيف من حوله لخدمة مصالحه واستمر في الحكم 30 سنة، واعتبر البلد متاعا شخصيا له وكان لديه مشروع التوريث الذي أجهضته ثورة 25 يناير، وخلال حكمه لم تخض مصر أي حروب باستثناء ارسال بعض الجنود في حرب تحرير الكويت وكان من المفترض أن تحقق مصر قفزة اقتصادية وحصلت مصر على معونات أكثر من أي فترة وشهدت تحويلات من العاملين بالخارج بكميات كبيرة ولم تغلق قناة السويس، ولكن كان النظام فاسداً ويوجد به مجموعة كبيرة من رجال الأعمال وتدهور النشاط الاقتصادي ووصل الفقر الى 40٪ وتدهور التعليم، وكذلك الصحة وكان ذلك من العوامل التي ساهمت في قيام ثورة 25 يناير، وقبيل ثورة 25 يناير شهدت مصر سلسلة من الاحتجاجات عام 2004 وظهر حركة كفاية وسلسلة اخرى من الاحتجاجات 2008 وظهور حركة 6 أبريل التي تواكبت مع اضراب عمال المحلة الكبرى ثم الجمعية الوطنية للتغيير، ثم جاءت مجموعة خالد سعيد وكان اختيار التاريخ في ثورة 25 يناير عامل مهما وهو عيد الشرطة التي وصلت الى درجة كبيرة من الطغيان في مقتل خالد سعيد وكان الاحتجاج على الدولة البوليسية والدولة التي غابت فيها العدالة الاجتماعية والحريات واستمرت الثورة في ميدان التحرير ضد التوريث شهد الميدان وغباء النظام ودهسه للناس يوم 28 يناير حتى 11 فبراير وتنحي مبارك عن الحكم وكان الخطأ الكبير أنا انصرفنا عن الميدان ثم دخلنا فترة انتقالية متعثرة يمكن تقسيمها الى مرحلتين المرحلة الأولى التي أدار فيها المجلس العسكري الدولة والثانية بعد انتخاب الرئيس محمد مرسي لمصر وكان أكبر خطأ للمجلس العسكري تشكيل لجنة لتعديل الدستور واجراء الانتخابات البرلمانية قبل وضع دستور جديد للبلاد وأصر الإخوان على الانتخابات حتى يحققوا أغلبية ويكون لديهم القدرة على تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور ويسيطرون على مفاصل الدولة، ووقت انتخاب الرئيس مرسي كان النظام السياسي في مصر لا يوجد به برلمان والمجلس العسكري هو الذي كان يمارس السلطة التشريعية، ثم جاء حادث رفح وتمت ازاحة طنطاوي وعنان وقبول السيسي وكان امام مرسي اختيارات كثيرة ولكنه اختار طريقاً كشف عن نوايا الاخوان وهى انهم يريدون السيطرة على مفاصل الدولة وكانت النتيجة أن أصبح لدينا دستور معيب به مجموعة من المواد التي تعترف القوى السياسية بما فيها الإخوان أنها تحتاج الى تعديل ومجلس شورى غير مؤهل جاء ب 7٪ وحكومة ضعيفة لا تعبر عن مصر ولم يستكمل بناء مؤسسات الدولة وحدثت حالة من الارتباك الشديد وعندما شعر الشعب باليأس ظهرت حركة تمرد وقام الشباب بجمع التوقيعات التي يقال أنها تجاوزت 13 مليونا وهى نسبة أكبر من الذين أعطوا أصواتهم للرئيس مرسي وحركة تمرد هى اداة ضغط سياسي وتم تحديد 30 يونية للنزول الى الشارع وفي المقابل ظهرت حركة تجرد من الاحزاب الاسلامية المؤيدة، والشعب أصبح أمام منعطف خطير فهناك ثورة سرقت واختطفتها جماعة كانت جزءا من الثورة لكنها لم تفجر الثورة، وهناك حالة لدى الشباب والقوى السياسية بالرغبة في تصحيح المسار والعمل على اصلاح الخلل ولكن هناك تحديات كبرى وكنت أتصور أن مجىء مرسي رئيساً للدولة سيؤدي لتطوير جماعة الإخوان المسلمين ودمجها في الاتجاه الصحيح إلا أن الرئيس تحول الى رهينة في يد مكتب الارشاد ولكن القضية الآن هى هل يقيم دولة الإخوان أم دولة الديمقراطية التي تتسع للجميع والحل أن تدخل الجماعة في مشاركة ولكنها تصر على الانفراد والهيمنة. وأضاف نافعة: ما حدث في استاد القاهرة من اجتماع الرئيس مرسي والتيارات الاسلامية والإعلان عن مقاطعة سوريا خطأ كبير فيجب أن ننظر الى مصالح مصر وما يقال عن الجهاد في سوريا لا أساس له من الصحة، كما قال الأزهر، وهذه تيارات تصر على توظيف الدين لأغراض سياسية ولا يصح أن تكون تابعين لأمريكا وأن يتحول جيش مصر الى مرتزقة وهذا المؤتمر كارثة ولم يكن في مصلحة مصر.