* رغم كل ما حدث لمصر والمصريين، من فقر وذل وهوان، علي يد نظام غبي، مازال الرئيس مرسي وحكومته وجماعته وحزبه، يعتقدون أن المصريين في مرحلة رياض الأطفال، ولم يقتنعوا بأن الشعب بعد ثورة 25 يناير تغير، ازداد ذكاء ووعياً، ولم تعد تنطلي عليه آلاعيب الاخوان ونطحات الخرفان. * فعلها شباب «تمرد» وهزوا النظام، وصار يرتعش خوفا ووجلا كلما اقترب يوم 30 يونية، ويتمني أن يصبح ما تبقي من أيام مناسبات يتخذها ذريعة لحشد أنصاره، المتأسلمين والجهاديين والتكفيريين، وحلفائه الحمساويين، لإرهاب المتمردين والمحتجين علي أخونة الوزارات وأجهزة الحكم المحلي في المحافظات. * وبعد أن أشهر مرسي سيف العداء في وجه السلفيين،، رأيناه يعود لمغازلتهم ويسعي لاستقطاب الجماعات الاسلامية، واسترضاء كل فصائل الاسلام السياسي بأي شكل ووسيلة، وقد وضح ذلك في مؤتمر نصرة السوريين، الذي دعا فيه شيوخ السلفية علي المتظاهرين والمحتجين ووصفوهم بالكفرة والشياطين. * والغريب أن مرسي «رجل الفيزيك» وعالم ناسا كما يدعي فشل كعادته وحزبه في تحليل رموز وعناصر المعادلة الأمريكية الاسرائيلية التي تفرض نفسها في الشرق الأوسط الجديد. * ومع أنه عاش سنيناً عدداً في بلاد العم سام، لم يستطع قراءة ما يدور في عقول أهل البيت الأبيض، ويغفل أو ربما يتغافل أن واشنطن تدفع به دفعا ضد سوريا من أجل مصلحة إسرائيل وحمايتها من النظام الايراني وحزب الله اللبناني الشيعي، وتحويل الصراع السياسي في المنطقة إلي صراع ديني مذهبي بين عنصري الأمجة الاسلامية «السنة والشيعة»، ويدفع المسلمون وحدهم الثمن مضاعفاً... والمقابل هنا معروف وهو غض أمريكا الطرف عما يدور في مصر من انتهاك لدولة المؤسسات والقانون، وما تتعرض له الحريات من قمعا والديمقراطية من انهيار بفعل سياسات استحواذ وتمكين الإخوان وبقاء مرسي في الحكم ولاية كاملة. * لم يعد أمام الرئيس مرسي الآن سوي الاستقواء بحماس وتوريطها كطرف مشارك في المشهد السياسي المصري، علي حساب القضية الفلسطينية وهو ما تريده واشنطن أو الاحتماء بالأمريكان والاستعانة بأوباما الذي أتي به رئيسا لمصر رغم أنف المجلس العسكري، بعد أن أعلن مرسي وجماعته أنهم سيحرقون مصر كلها بما فيها السفارات الأجنبية إذا لم يتسلم الاخوان حكم البلاد. * لقد نجحت واشنطن في ترويض رئيس أكبر دولة عربية وبات في نظرها الآن مجرد «ورقة كلينكس» لو شعروا بخطورته علي مصالحهم، فسيمسحون بها النظام كله، وهو ما لا يدركه الرئيس مرسي. * الاخوان «فاشيون» يبحثون عن مصالحهم وأهدافهم فقط، ولا يلقون بأي ثمرة، حتي لو كانت عفنة، يحتفظون بالبقايا والفتات حتي آخر رمق ونقطة دم لشعورهم الدائم بأنهم غير آمنين من علي مستقبلهم، ولعجزهم واحساسهم بالفشل في إدارة دولة كبيرة بحجم مصر. ولذا طلبوا وحلفاؤهم من المصريين «ترك مصر للإسلاميين» وكأن المصريين ليسوا مسلمين.. * هذه الحقيقة استثمرتها أمريكا أكثر من مرة وضغطت علي مرسي ليجبر أصدقاءه في حماس علي منع إطلاق الصواريخ علي تل أبيب وحماية أمن اسرائيل، واستبدال تعبير المقاومة بكلمة «الأعمال المعادية»، ونقل المكتب السياسي للحركة من دمشق الي القاهرة، ونقل خالد مشعل للإقامة في قطر ليكون في مرمي عيون الصهاينة داخل أرض الدولة الحالمة بقيادة الشرق الأوسط الجديد. * كما نجحت أمريكا في اقناع «مرسي» باحتضان الارهابيين والتكفيريين ونقلهم من كابول الأفغانية وحدود باكستان الي سيناء لتكون لهم مقراً وموطنا، وبالتالي تضرب أمريكا عصفورين بحجر واحد، تتخلص من عبء تواجدها العسكري في أفغانستان بعد انسحابها الاجباري من هناك، وفي الوقت نفسه ارباك المصريين وإلهاؤهم بقضايا حماس والجهاديين والتكفيريين، ثم التخلص التدريجي من حكم الاخوان، بفتح حوار مع المعارضة ومباركة خطوات الشباب خلف ستار دعم الديمقراطية والحريات. وحتي تتحقق معجزة سقوط الاخوان ورحيلهم في 30 يونية، وتسليم البلاد الي المحكمة الدستورية العليا والدعوة الي انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة تكنوقراط بصلاحيات رئيس جمهورية وحل الأحزاب ذات المرجعية الدينية ووضع دستور جديد للبلاد يعبر عن كل طموحات الشعب، ادعو كل المصريين لأن يرددوا معي قول شاعرنا: أنا شعب وفدائي وثورة ودم يصنع للانسان فجراًً