لا يتوقف الجيش المصرى عن التأكيد على أن القوات المسلحة من الشعب المصرى وله، وإذا كان هذا مهمًا دائمًا عندى بتأكيد الجيش على موقفه هذا الذى اتسم بالثبات والاستقامة والوضوح، فإن تصريحات المصدر العسكرى التى نشرها «الوفد» أمس، والتي جاءت مشددة على «أن الجيش بعيد تمامًا عن اللعبة السياسية ومعتركاتها، ولكنه لن يسمح بالفوضى أو الحرب الأهلية، وأن الجيش مهمته الرئيسية هى الدفاع عن تراب الوطن ومقدساته»، وفى هذه التصريحات تحديدًا ما يؤكد على أن الجيش يرصد ويراقب عن كثب ما يحدث على الساحة المصرية بعامة، حتى إذا لاحت نذر «نشر الفوضى ونشوب ما يمكن اعتباره بالحرب الأهلية» فإن للجيش ساعتها الموقف الذى تمليه عليه مسئولياته الوطنية، وسيكون موقفه وتدخله كافيًا لردع هؤلاء الذين يسعون لإفزاع المواطنين بما يشبه إنذارهم بما لا يمكن لهم تجنبه إلا بالإحجام عن المشاركة فى الاحتشاد يوم 30 يونيه بهدف اسقاط النظام!، وحتى يتأكد هذا الإيهام بأن الإحجام عن المشاركة دونه الفوضى الشاملة والاقتتال الأهلى، فقد لوحت القوى المؤيدة للنظام بأنها ستبادر قبل 30 يونيه باحتلال مختلف المواقع التى تشكل حزامًا حول الحشود الثائرة التى ستعلن عن «تمردها» ورفضها الاستسلام للاخفاقات المتوالية للنظام وحكومته! والهدف كما هو واضح هو الترتيب لاحتكاكات متعمدة مع هذه الحشود التى سوف تخرج فى تعبير سلمى عن إرادتها، وأن الذين دعوا الجماهير للاحتشاد لن يكونوا فى «أوضاع هجومية» مستفزة لأى قوى مناوئة!، أضيف إلي ذلك تراجع وزير الداخلية عن موقفه الذى أعلنه من قبل، بأن وزارة الداخلية سوف تلتزم الحياد بين المتظاهرين، ليعود مؤكدًا على أن الوزارة سوف تعمل على حماية جميع المتظاهرين بصرف النظر عن انتمائهم السياسى!، وأنّ تدخل الداخلية سوف يكون فقط فى مواجهة العنف من جانب أى فريق من الفرق!، أما الفوضى العارمة والاقتتال بين الجميع فإننا نرى طغيانها على جميع التصريحات العلنية التي تصرح بأنها خارجة لتقاتل دفاعًا عما يسمونه «الشرعية» باعتبار أن المعارضين سيكون خروجهم والاحتشاد للتعبير عن هذه المعارضة خارج إطار هذه الشرعية!. عند هذا فقط. تبرز ضرورة الدور الذى لابد أن يضطلع به الجيش برا بوعد مبكر له بأنه لن يتردد فى أن يؤدى واجبه «إذا ما تعقدت الأمور»، ويأتى تصريح المصدر العسكرى فى شبه تحذير واضح للساعين إلي نشر الفوضى والاقتتال الأهلى، وهذا التحذير لا أظن أن الذين يسعون للفوضى العارمة سيمكنهم تجاهله باطمئنان «وهمى» للجيش الذى أكد مرارًا وتكرارًا أنه ليس طرفًا فى اللعبة السياسية ومعتركها!، فليس معنى ذلك أى تراجع للجيش عن أداء دوره الذى سبق له الإعلان عنه!، بل وأعود إلى تصريح أقدم للفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الذى حذّر فيه من خطورة «اللعب مع الجيش»!، وفى هذا التصريح كانت الإشارة الواضحة إلى أن الأمور لو تعقدت فإن هذا لن يأخذه الجيش إلا بمأخذ الجد البالغ!، وكل ما نرجوه فى 30 يونيه أن يرعوى الذين يتصورون أن بإمكانهم ترويع مصر وأهلها بالفوضى والاقتتال، وتصوراتهم لنظامهم القائم على أنه مصر!، وحمايتهم له سوف تكون النار التى تحرقهم!