قال حسين عبدالرازق الأمين العام السابق لحزب التجمع إن المطالب الشعبية للقوات المسلحة وقيامها بالتحرك لإسقاط حكم جماعة الإخوان جاءت بعد أن قادت الجماعة ورئيس جمهوريتها محمد مرسي البلاد إلي حافة الهاوية، وأدت ممارستها إلي انهيار الدولة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وأحوال المعيشة وسقوط دولة القانون. وأشار خلال محاضرة ألقاها فى معهد الدراسات السياسية بالوفد بحضور الدكتورة كاميليا شكرى عميد المعهد ومساعد رئيس الحزب، إلى أن البعض كان يدعو إلى عودة القوات المسلحة إلي الحكم مرة أخري، بينما يعارض سياسيون وأحزاب ديمقراطية عودة القوات المسلحة إلي المشهد السياسى وتولى المسئولية، ففي يوم الجمعة 16 مارس 2013 طالب آلاف المتظاهرين الذين ينتمون إلى تيارات مختلفة أمام النصب التذكارى في مدينة نصر بدعم الجيش وقيادة القوات المسلحة ضد محاولات الرئيس مرسى أخونة القوات المسلحة وطالبوا الجيش بالتدخل لإنقاذ مصر من حكم الإخوان المسلمين، وكانت ظاهرة تسجيل توكيلات لتفويض القائد العام للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد قد انطلقت من بورسعيد لتنشر في عدد من المحافظات، ورغم أن هذه التوكيلات لا قيمة دستورية أو قانونية لها إلا أن دلالتها رمزية سياسية مهمة للغاية فهي تذكرنا بتحرير التوكيلات للوفد المصري برئاسة سعد زغلول للمشاركة في مؤتمر الصلح بباريس، وقام مركز بن خلدون للدراسات الانمائية بإجراء استطلاع للرأي حول مدي قبول المواطنين لفكرة عودة الجيش للعب دور سياسي في المرحلة الراهنة وجاءت النتيجة كاشفة، فقد أيد 82٪ من المشاركين في الاستفتاء في القاهرة الكبري والدلتا ومدن القناة وشرق مصر والصعيد والمدن الساحلية عودة الجيش لتولي القيادة السياسية للبلاد لفترة مؤقتة انتقالية. وقال «عبدالرازق» تلعب القوات المسلحة دوراً سياسياً في إدارة البلاد منذ قام تنظيم الضباط الأحرار في 23 يوليو 1952 بإسقاط النظام القائم في البلاد وتم عزل الملك في 26 يونيو وإلغاء النظام الملكي في 18 يونيو 1953 وفي مارس 1954 انفجر الصراع بين مجلس قيادة الثورة واللواء محمد نجيب فيما عرف بأزمة مارس 1954 أو معركة الديمقراطية انتهت بإعفاء محمد نجيب وتحديد إقامته وتولي مجلس قيادة الثورة برئاسة جمال عبدالناصر كافة السلطات حتي انتخاب جمال رئيسًا للجمهورية في استفتاء 24 يونيو 1956 واستمر عبدالناصر رئيساً للجمهورية حتي عام 1970 وخلفه السادات حتي اغتياله في 6 أكتوبر 1981 وتلاه مبارك من 14 أكتوبر 1981 حتي فبراير 2011. وقال: هناك مقارنة بين تشكيل مجلس قيادة الثورة في 23 يوليو 1952 وبين تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة في فبراير 2011 أولا ضباط يوليو كانوا منتمين سياساً لاتجاهات مختلفة منهم من ينتسب إلي الإخوان ومنهم من ينسب إلي الشيوعيين ومنهم ما كان له ميول ليبرالية. أما ضباط 2011 فليس لهم أي انتماءات سياسية أو عندهم ثقافة سياسية، فقد حرص «مبارك» خلال 30 عاماً علي أن يبعد الجيش عن السياسة. وإذا لاحظ علي أي ضابط ميولاً سلبية يتخلص منه. ثانياً أن ضباط يوليو 1952 كانوا من رتب مختلفة، أما ضباط فبراير 2011 كانوا لواءات باستثناء المشير طنطاوي والفريق عنان ومميش وأغلبهم تلاميذ لطنطاوي وكان أصغرهم هو السيسي ولم يكن لهم اتجاه سياسي وبالتالي هم جزء من النظام القائم وليسوا ثواراً، ثالثاً أن الظروف مختلفة فثورة 23 يوليو كانت الفترة السابقة لها فترة أزمة سياسية علي جميع المستويات كانت بعد حريق القاهرة وإقالة حكومة الوفد وتولي حكومات متتالية، وفي ثورة 25 يناير كانت الأحزاب السياسية قد وصلت إلي طريق مسدود ثم جاءت الثورة وكانت دعوة عبر الإنترنت لمجموعة من الشباب المتجمع في ميدان التحرير يوم 25 يناير في عيد الشرطة احتجاجاً علي الممارسات القمعية للشرطة في عهد مبارك وانضم إليها كل الثوار والتيارات المختلفة لإسقاط النظام تحت شعارات «حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية». وأضاف عبدالرازق: رحب كثيرون بتولي القوات المسلحة للسلطة بعد خلع رئيس الجمهورية واعتبروا نزول القوات المسلحة للشارع في 28 فبراير وما تلاها من أحداث حتي خلع الرئيس في 11 فبراير 2011 انحيازاً من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بينما القراءة الحقيقية لما حدث أن المجلس العسكري جزء من النظام السياسي القائم في مصر في ظل دستور 1971 وأن قيامه بالضغط على مبارك بعد أن طالبت القوي السياسية المشاركة في ثورة 25 يناير بإسقاط النظام ورحيل «مبارك» كان بمثابة تضحية برأس النظام وبعض معاونيه للحفاظ علي النظام، وعندما تولى المجلس العسكرى السلطة كان من الواضح أنه تواجهه مشكلة أنه يحتاج إلي تنظيم سياسي جماهيري منتشر في مدن وقري مصر يكون بمثابة الجناح المدني للمجلس ولم يجد ضالته في الأحزاب الديمقراطية المدنية أو ائتلافات الشبان التي شاركت في ثورة 25 يناير ووجدها في جماعة الإخوان المسلمين رغم أنهم آخر من التحق بالثورة وأول من ترك الميدان، وبدأ الخلاف سريعاً بين الطرفين: الإخوان والمجلس العسكري، بمجرد الإعلان عن انتخابات مجلس الشعب الذي حصد فيه الإخوان أكثرية وليس أغلبية، وطالبوا بعزل حكومة الجنزورى التي كان يتمسك بها المجلس العسكري لأنها تستطيع إدارة المرحلة الانتقالية إلي حد كبير وكان أول خطأ وقع فيه الإخوان هو الضغط على المجلس العسكرى لإقالة حكومة الجنزورى ثم حالة الغرور والاستعلاء علي الأحزاب السياسية الوطنية وبعد أن قالوا لها نريد أغلبية في المجلس ترشحوا على 90٪ من الدوائر الانتخابية ثم الرئاسية ولاحظنا في تلك الفترة أن كل المظاهرات التي شاركت فيها الأحزاب غاب عنها الإخوان ثم توالت أخطاء المجلس العسكري ومنها مذبحة ماسبيرو التي سقط فيها 27 قتيلاً وأحداث شارع محمد محمود التي سقط فيها 90 شهيداً. وكشف عبدالرازق أن الخطيئة التي ارتكبها المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتحالفه مع الإخوان وحزبها الحرية والعدالة فتحت الباب أمام قيام أحزاب دينية تحت مقولة «أحزاب بمرجعية دينية» وليس «أحزاب دينية»، ثم فوجئ المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالجماعة وحزبها يكشفان بسرعة رغبتهما في الاستحواذ والاستئثار بالسلطة رغم التصريحات التي أعلنها قيادات الإخوان بأن الجماعة تسعي إلي التوافق والمشاركة وليس المغالبة، ثم حدث انقلاب من القصر علي المجلس العسكري بقرار الرئيس «مرسي» إقالة كل من اللواء موافى رئيس المخابرات العامة واللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية وهي خطوة أولي في مخطط غير معلن لفرض سيطرة حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان علي مفاتيح السلطة والدولة المصرية بهدف تفكيك وتصفية الدولة التي ناضل ومازال الشعب المصري يناضل لتأسيسها منذ عهد محمد علي وتأسيس دولة المرشد أو دولة الإخوان بديلاً لها، ولكن تطورات الأحداث في الأسابيع القليلة الماضية طرحت احتمال وجود خلافات وصراعات بين الرئيس وجماعة الإخوان من جهة والمؤسسة العسكرية من جهة أخرى بسبب محاولة أخونة القوات المسلحة وإغلاق الرئاسة لملف التحقيقات في حادث رفح الحدودى الذي راح ضحيته 16 جندياً وعادت الدعوة لتحرك القوات المسلحة وتولي إدارة البلاد. وفي نهاية المحاضرة قال عبدالرازق إن حملة «تمرد» تختلف عن التوكيلات التي جمعها سعد زغلول والوفد المشارك في مؤتمر الصلح بباريس، وأن هناك حقائق منها أن الولاياتالمتحدة خلال حكمى السادات ومبارك أصبح لها وضع خاص في مصر وأيضاً هناك نفوذ قوي للإدارة الأمريكية داخل القوات المسلحة من خلال تسليح الجيش والتدريب والمناورات المشتركة، وبالتالى أقول إن نزول الجيش بعد ثورة 25 يناير لن يكون بقرار أمريكى.