كان المتوقع بعد نجاح ثورة 25 يناير المجيدة في إسقاط نظام الحكم السابق.. أن تبدأ البلاد عصراً جديداً.. يُرسي فيه نظام حكم يعيد للوطن مكانته العالية التي تليق به ويستحقها بين دول العالم.. وفي سبيل ذلك تحملت البلاد الكثير.. وصبر الشعب علي ما يلقاه من صعاب في الفترة الانتقالية.. سعيا وراء (الاستقرار) علي حسب وعود جماعة الإخوان وحزبها.. ولكن دخلت البلاد في حلقة مفرغة لا تخرج منها.. وأصبح (الاستقرار) كأنه السراب.. نجري وراءه.. ولا نمسك به.. حتي وبعد ما تحقق لجماعة الإخوان ما سعت إليه ووصول مرشحها إلي سدة حكم البلاد!!! ومنذ تولي الرئيس محمد مرسي منصب الرئاسة في (يوليو 2012) والبلاد تعيش في مناخ من التخبط والارتباك.. وعدم وضوح للرؤي.. ووصل الأمر بأن انكرت قيادات الجماعة بأن لديها مشروعا (للنهضة).. بالرغم من أن الرئيس مرسي انتُخب علي أنه برنامجه للرئاسة.. وطُرحت معه وعود لا أول لها ولا آخر.. انكروها وتناسوها الآن!!! فكان ما يجب أن يقوم به نظام حكم التيار الإسلامي هو ترتيب المنزل من الداخل أولا، ودراسة الأولويات والعمل علي توفير كل الإمكانات لتحقيق أهداف الثورة التي من أجلها استشهد خيرة شباب مصر وأصيب منهم الآلاف. ولكن خرج عن النظام الحاكم مواقف غير متوقعة ومخالفة تماما لما كانت تطرحه الجماعة وحزبها.. ووضح أن لهم هدفا واحداً هو تحقيق (التمكين) والاستئثار بكل مفاصل الدولة وبدون الأخذ في الاعتبار شركاء الثورة. وبالنسبة للرئيس مرسي أصبح متباعدا عن كل المصريين .. في حين لم يُضع أي فرصة للتأكيد علي أنه مرتبط ارتباطاً مصيرياً بأهله وعشيرته وجماعته.. كذلك أحاط سياساته وقراراته بالغموض.. بحيث لا يدري الشعب ما مصير مستقبل البلاد.. وإلي أين يسير بنا؟؟ وعلي سبيل المثال خلال 10 أشهر من حكم الرئيس مرسي طاف العالم من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه في زيارات يفاجئ بها الشعب.. ولا تطرح تفاصيل تمد الشعب بمعلومات كافية.. فالرئيس زار عدداً كبيراً من الدول في فترة حكمه القصيرة خلال عشرة أشهر.. الصين، وباكستان، والهند، وأوغندا، وروسيا، وبلجيكا، وألمانيا، وإيطاليا، والسعودية، وقطر، والسودان، وجنوب أفريقيا، وإيران وتركيا وإثيوبيا والبرازيل والبقية تأتي قريبا. والشعب حقا في حيرة بالنسبة لتلك السفريات المفاجئة التي لا يشار إليها إلا بكلمات مقتضبة متكررة ولا تخرج علي أن تكون لزيادة التعاون في شتي المجالات والاستثمار بين مصر وتلك الدول.. وبس كدة!! والسؤال المهم الذي يبحث عن إجابة.. هل هذا وقته الآن.. ونظام الحكم لم يطرح رؤي وبرامج للإصلاح والبناء يمكن للدول الخارجية تتعاون علي تنفيذها إن وجدت.. وهل البلاد في أوضاع طبيعية ولا يسودها الفرقة والانقسامات.. حتي تشجع الدول الأخري لعقد اتفاقيات علي قدم المساواة معنا؟؟ كذلك من المستغرب أن الرئيس اعتاد علي اصطحاب وفد كبير العدد كما يعلن دائما.. في حين لا نجد لمعظمهم أدوارا مسبقة في تعاملات دولية أو ليسوا أصحاب حنكة سياسية.. ولذلك ففي معظم الزيارات يكون المردود صفراً أو سلبياً.. ونعلم بذلك من خلال وسائل الإعلام الخارجية.. التي تعرض تفاصيل الزيارات بصورة غير مرضية بل وأحيانا كثيرة مسيئة لكرامتنا مثل ما طرح بالنسبة لمستوي الاستقبال في بعض الدول ومنها دول عربية.. وفي بعض الزيارات تجلب مشاكل نحن كنا في غني عنها مثل توابع زيارة الرئيس (للسودان) وما أثير بالنسبة لحلايب وشلاتين.. إلي حد أن أحد المسئولين السودانيين الكبار هدد بتدويل القضية. وما قيل عن الرحلة الأخيرة للرئيس إلي (البرازيل).. بأنها بغرض التعرف علي تجربتها في مجال العدالة الاجتماعية. فهل من المعتاد أن يذهب رئيس دولة بوفد كبير للاطلاع علي تجربة دول أخري.. أم يترك الأمر أولا للمتخصصين لدراستها مع مراعاة الظروف الخاصة بكل بلد.. وهل يمكن تطبيقها في ظروف دولة أخري.. ومع العلم أن تجربة البرازيل بدأت من التسعينيات ونحن الآن في 2013!!! الكلمة الأخيرة من حق المواطنين أن تعرض المعلومات كاملة عن سفريات الرئيس.. وما أهدافها.. ومن الشخصيات المرافقة وصفاتهم.. وما تكلفة تلك السفريات.. وما المردود وماذا حققت وستحقق للبلاد سياسياً.. واقتصاديا والمنافع المتبادلة.. وفوق ذلك هل مصر الآن في أوضاعها الطبيعية لعقد اتفاقيات علي قدم المساواة.. تحفظ لمصر مكانتها مع الآخرين؟؟؟