وزيرة البيئة تستعرض أمام سفراء مصر الجدد بالبلدان المختلفة أبعاد قضايا البيئة    قوات الاحتلال تقتحم مدرسة بالضفة والأقصى.. وإصابات في هجوم جنوب غزة    أنباء عن أن الجيش الإسرائيلي اخترق شبكة الاتصالات التابعة لوزارة الاتصالات اللبنانية في قضاء صور    دغموم يكشف صعوبة مواجهة الهلال الليبي في الكونفدرالية    محامي التؤام: مستحقات حسام وإبراهيم في المصري وصلت ل6 ملايين جنيه    ضبط 1.5 طن زيت طعام يعاد استخدامه وتحرير 91 محضرا خلال حملة تموينية بجنوب سيناء    نائب رئيس الوزراء يصل أسوان لعقد مؤتمر صحفي لكشف أسباب الإصابات بالنزلات المعوية    خلال 24 ساعة.. ضبط 30129 مخالفة مرورية متنوعة    اكتشفت الصدمة بعد 9 سنوات زواج.. أغرب ما فعله مصري للزواج من فتاة ليبية    جامعة القاهرة تعلن برنامج ال 100 يوم للقوافل التنموية المشاركة في "بداية"    زيلينسكي يؤكد أنه سيعرض لبايدن "خطة النصر الأوكرانية"    "حزب الله" يستهدف دبابة "ميركافا" إسرائيلية ويوقع طاقمها بين قتيل وجريح    المستشار الألماني يلتقي زيلينسكي وأردوغان ولولا في نيويورك    كوريا الجنوبية تحذر بأنها ستتخذ إجراءات صارمة في حال استمرار بيونج يانج في إلقاء بالونات النفايات    أسعار الدواجن والبيض اليوم الاثنين 23-9-2024 في الدقهلية    تراجع كبير في أسعار الذهب: عيار 21 ينخفض إلى 3545 جنيهًا وسط تحولات سوقية ملحوظة    "مبكرا للمملكة".. قرار من جوميز قبل مواجهة الأهلي في السوبر    تشكيل الزمالك المتوقع أمام الأهلي في نهائي كأس السوبر الإفريقي    هل يحسم ليفاندوفسكي صفقة بديل تير شتيجن لصالح برشلونة؟    «الوزير»: تعديلات تشريعية بقانون إنشاء الهيئة العامة للمشروعات الصناعية والتعدينية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    فودافون ترد على استفسارات العملاء بشأن عطل في الشبكة وسحب الرصيد    توحيد الواجبات المنزلية لجميع طلاب المدارس وإتاحتها على موقع التعليم    «العظمى على القاهرة 32».. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين    إيمي سمير غانم.. القصة الكاملة لأزمتها الصحية    بدء تسجيل رغبات المتخلفين والتحويلات للطلاب المستجدين بجامعة الأزهر    متحور XEC.. هل المضادات الحيوية فعَّالة في الوقاية من متحورات كورونا؟‬    شعبة الأدوية توضح كيفية تحصل الأدوية الناقصة في السوق    «الصحة» تعلن حصول مستشفى القناطر الخيرية على شهادة اعتماد الجودة من «GAHAR»    في خدمتك | الأوراق المطلوبةً للكشف الطبي على الطلاب الجدد بجامعة القاهرة    320 مليون دولار إيرادات فيلم Beetlejuice Beetlejuice    هانى فرحات يختتم حفلات صيف الرياض بليلة رابح صقر    ماذا قال محمد صلاح لأحمد فتحي بعد اعتزاله كرة القدم ؟    موعد مباراة الأهلي والزمالك فى السوبر الأفريقي    قريبا .. نتيجة تقليل الاغتراب للمرحلة الثالثة عبر موقع التنسيق    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    استشهاد 4 أطفال فلسطينيين ووالدتهم جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    أحمد سعد يعلق على سرقة مقتنياته الثمينة في حفل زفاف نجل بسمة وهبة: "المكاسب من عند الله"    أحداث الحلقة 2 من مسلسل «تيتا زوزو».. زيارة صادمة تفاجئ إسعاد يونس    إصابة فى مقتل    مصدر حكومي ل«إكسترا نيوز»: مؤتمر صحفي لوزير الصحة في أسوان اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    بكام البيضاء؟.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    اليوم.. حفل توزيع جوائز مسابقة هيكل للصحافة العربية لعام 2024    تكثيف البحث عن شقيق اللاعب عمرو ذكي بعد تعديه على حارس عقار بالمنصورة    المهندس عبد الصادق الشوربجى: صحافة قوية فى مواجهة التحديات    ملف يلا كورة.. منافس الأهلي.. مدرب المنتخب.. وموعد قرعة دوري الأبطال    أطفال التوحد خارج مقاعد الدراسة..والأصحاء مكدسين فوق بعض بمدارس "المزور"    عرض «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    تحالف الأحزاب المصرية ينعى اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد في قنا بتكلفة 40 مليون جنيه    القبض على شخص قاد سيارته داخل مياه البحر في دهب    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس «المصريين الأحرار» ل«الوطن»:ضعف إمكانات الرئيس و"الأخونة" و"الإقصاء" وراء تفاقم أزمة البلد
أحمد سعيد: الشعب لم يخرج في الثورة ويكسر حاجز "زواج السلطة بالمال" ليقبل ب"زواج السلطة بالدين"
نشر في الوطن يوم 15 - 04 - 2013

قال الدكتور أحمد سعيد، رئيس حزب «المصريين الأحرار» والقيادى بجبهة الإنقاذ، إن الانقسام الحالى لن يسمح لأى شخص بإدارة شئون البلاد، داعياً فئات المجتمع للوصول إلى آليات للتعايش بعد أن اكتشف الجميع أن المصريين كانوا يعيشون فى «جزر منفصلة».
وأضاف سعيد، فى حواره مع «الوطن»، أن هناك ضرورة للاتفاق على ثوابت وقوانين معينة بين الأيديولوجيات المختلفة، معتبراً أن استمرار المسار الثورى هو الأقرب للتحقيق، نظراً لتمسك النظام الحاكم بالممارسات الاستبدادية والامتناع عن تحقيق أى توافقات بين أطياف المجتمع.
* بداية، من المسئول عن تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية خلال الفترة السابقة؟
- بالطبع النظام الحاكم هو المسئول الأول عما آلت إليه الأوضاع الحالية، سواء من خلال الانقسام السياسى بين أطياف المجتمع أو التدهور الاقتصادى. ومحاولة تشويه صورة المعارضة وتحميلها مسئولية الأحداث أمر مرفوض، خصوصاً أننا سياسيون هواة، تركنا كل شىء فى حياتنا فى سبيل الدفاع عن أهداف الثورة، أملاً فى خلق مستقبل أفضل، ولكننا تفاجأنا أن الثورة تسير فى طريق مختلف عن الذى خرجت من أجله. وإذا حاول البعض أن يصدر الصورة للشعب المصرى بأن المعارضة مسئولة ولو بنسبة 1% عما يحدث فهو مخطئ، ويحاول تعليق فشله على الآخرين.
وعلى الجميع أن يعلم أن من يحاسَب هو الرئيس الذى جرى انتخابه، الذى اختار الوزارة الحالية، والمسئول عن المؤسسات العسكرية والشرطية، ولا بد أن يعلم الجميع أن تدهور الأوضاع جاء بسبب رغبة رئيس الجمهورية فى تخطى القانون عبر إصداره الإعلان الدستورى، الذى كان بداية لتقسيم مصر وفرض حالة الاستقطاب. والحقيقة أن الانقسام الحالى لن يسمح لأى شخص بإدارة شئون البلاد، لأن المصريين اكتشفوا بعد الثورة أنهم يعيشون فى «جزر منفصلة»، والحقيقة أيضاً أن المعارضة كانت تتعاون مع الرئيس محمد مرسى تعاوناً كاملاً قبل إصدار الإعلان الدستورى. وعلى الرغم من الخلاف على قضايا الدستور والجمعية التأسيسية، وكان لدينا رغبة فى التعاون والوصول لصيغ توافقية، فإنه أصر على تحصين الجمعية التأسيسية والدستور غير التوافقى بالمخالفة لرغبات المجتمع، وبالتالى فالمعارضة ليست مسئولة عن أى تدهور وانقسام فى المجتمع، وعلى الجميع أن يعلم أن المعارضة الحقيقية بدأت بعد صدور الإعلان الدستورى.
* فى تقديرك، هل تعمد الرئيس مرسى الانفراد بالقرار أو أنه سوء خبرة؟
- ما يحدث الآن تصفية شاملة للأمة المصرية، بسبب ضعف إمكانيات مؤسسة الرئاسة، ورغبة جماعة الإخوان فى الانفراد بصناعة القرار، لزعمهم أن لديهم ما يقدمونه للأمة المصرية بعد أن شعروا بقوتهم لتمكنهم من حصد جميع الانتخابات التى حدثت بعد الثورة لمصلحتهم، ولكنهم تفاجأوا بعدم تقبل المصريين لفكرة حكم مكتب الإرشاد لمصر. أيضاً تسرع الجماعة فى الكشف عن نواياها بالسيطرة على مقاليد الأمور فى البلاد، والعمل على مشروع «الأخونة»، جعلا الأمور تتفاقم سريعاً، فالجماعة لم يكن لديها أى نوع من الذكاء فى تنفيذ مشروع الأخونة.
* أشرت إلى أن المصريين اكتشفوا بعد الثورة أنهم يعيشون فى جزر منفصلة، ماذا تعنى؟
- أولاً الخلاف بين المصريين والنظام السابق قبل الثورة لم يكن على نص المادة الثانية ولم يكن حول الشرعية الإسلامية ولا دور المرأة فى المجتمع، وإنما كان على منظومة الفساد الموجودة فى مصر واحتكار مجموعة محددة لجميع الأمور فى الدولة، فضلاً عن رغبة جموع الشعب المصرى فى تطبيق الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكان الشعار الرئيسى للثورة «عيش.. حرية.. كرامة إنسانية»، وجرى إدخال «عدالة اجتماعية» فى فبراير، لتجميل الشعار وتبنى مطالب المساواة بين أبناء المجتمع. ولكن بعد الثورة تفاجأنا بأن حزبى «الحرية والعدالة» و«النور» لديهما أهداف أخرى تختلف عن مطالب الثورة، فالمشكلة الأساسية بالنسبة للبعض هى علاقة الدين بالسياسة والعكس، وآليات تطبيق الشريعة الإسلامية، فحقيقة الأمر أن بعد الثورة اكتشف المصريون أنهم يعيشون فى جزر مختلفة، فالشعب المصرى متدين بطبعه ولكنه ليس «متأسلماً»، ولكن ظهر أن هناك العديد من التيارات التى تحمل أفكاراً مختلفة عن علاقة السياسة بالدين، واتباع النماذج الغربية فى تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. لذلك علينا أولاً أن نعمل على سد الفجوة بين فئات المجتمع، لأنه فى ظل هذه الظروف لن يتمكن رجل واحد أن يحكم مصر ويدير شئون البلاد مهما كانت طبيعة أيديولوجياته ومعتقداته، «لو شيلنا مرسى وانتخبنا البرادعى لإدارة شئون البلاد» سيخرج المختلفون معه للتظاهر ضده، وبالتالى لن يستطيع إحداث أى نهضة، خصوصاً أن عصر وضع المعارضين فى السجن انتهى للأبد، ويجب أن يعلم الجميع ذلك، وكنت متألماً من أن الأنظمة السابقة كانت سياستها تجاه الجماعات الإسلامية سياسة قمع ووضع فى السجون، فكانت النتيجة ما نراه اليوم من الإصرار على الرأى وإقصاء المختلفين معهم.
وأعتقد أن المخرج الوحيد للأزمة الحالية هو أن يجتمع أطياف المجتمع باختلاف أيديولوجياتهم الإخوانية والليبرالية والسلفية والاشتراكية للوصول لصيغ مشتركة للتعايش، ومن ثم يتبع الحاكم ما جرى الاتفاق عليه ليكون حاكماً لكل المصريين دون تمييز. وعلى التيارات الإسلامية أن تبدأ بتفهم أننا لا نحارب المشروع الإسلامى، ولكن نسعى لعرض وجهات نظرنا، فى الوقت الذى يفرضون فيه وجهات نظرهم والتخلى عن شعارات «المشروع الإسلامى» الذى أثبت فشله، الأمر الذى يوضح أن مشروعهم يحمل وجهة نظرهم فقط وليس وجهة نظر الإسلام.
* وهل تعتبر أن ذلك أحد أسباب حالة الاحتقان الطائفى التى أدت لمشهد الكاتدرائية؟
- بالطبع، لأننا لم نعالج الأمر من الجذور، وتجنبت جميع الأنظمة التعرض لمسألة الاحتقان الطائفى باعتبارها أحد الأمور الشائكة التى يمكن أن تؤثر سلباً على المسار الآمن للبلاد، ولكن على الجميع أن يعلم أن الثورة المصرية لن تسمح لجماعة ما باضطهاد أى أقليات دينية، أو الاعتداء على دور عبادتها، ولا باستغلال منابر المساجد لتكفير المعارضين وإهدار دم مواطنين شركاء فى الوطن. وتلك الأحداث الطائفية تكشف عن غياب الدولة والقانون وتراخى الأمن فى القيام بدوره. وأعتقد أن ما حدث نتيجة طبيعية لتفشى مناخ العنف والتطرف الدينى الذى يغذيه خطاب السلطة الحاكمة وتشجيعها لعمليات الاعتداء على أصحاب المذاهب والمعتقدات المختلفة، الأمر الذى يهدد بتصعيد حالة الاحتقان الطائفى فى البلاد، ما يستوجب تطبيق القانون وتقديم الجناة للمحاكمة بعيداً عن الجلسات العرفية وتبادل القبلات بين رجال الدين الإسلامى والمسيحى أمام شاشات التليفزيون، لنحيى مفهوم المواطنة من جديد بعد أن بدأ يتلاشى فى ظل حالة الاستقطاب الدينى والسياسى التى أدخلنا فيها النظام الحالى وجماعته.
أيضاً يجب أن يتحلى النظام الحالى بالوعى الكامل ليدرك حقيقة أن الشعب المصرى لن يرضى باستبدال استبداد باستبداد، خصوصاً أنه لم يكسر زواج السلطة بالمال ليقبل زواج السلطة بالدين، فالشعب المصرى ربما يقبل ويشرب كأس الصبر المر لبعض الوقت، لكن الصبر على الطغاة الجدد لم يعد ممكناً خصوصاً بعد ثورة 25 يناير.
* ولكن هل تعتقد أن الخلاف مقصور على الأمور السياسية فقط؟
- بالطبع لا، فالثورة أثبتت أن المصريين مختلفون على دور المرأة والبعض ما زال يسعى لتهميشها وتقليل دورها، على الرغم من أن 24 مليون صوت انتخابى من إجمالى القاعدة الانتخابية، والمقدرة ب50 مليون، سيدات، ما يعنى أن المرأة تُمثل نصف المجتمع بمعنى الكلمة.
* وهل تعتقد أن الفرصة ما زالت سانحة للم شمل المصريين والوصول لصيغ مشتركة للتعايش؟
- أولاً يجب أن يعلم الجميع ألا بديل عن ذلك غير الفوضى العارمة وتفاقم الأوضاع، وأنا مستعد أن أقدم كل شىء لتفادى تفاقم الأوضاع بشرط أن يبدى الطرف الآخر نية لحل الأزمة والتفاهم، ولكن حين نراقب ما حدث فى الأشهر الماضية بداية من الإعلان الدستورى وتحصين مجلس الشورى، الذى يتكفل حالياً بلعب دور مجلس النواب ويصدر تشريعات مهمة فى أوقات بالغة الحساسية، نجد أن النظام يتخذ القرارات بشكل منفرد، ثم يدعو للحوار عبر الخطابات الرئاسية واللقاءات التليفزيونية، ما يدل على أن الحوار غير جاد ولا قيمة له، لذلك فلا يوجد دليل على أن النظام يرغب فى احتواء الأزمة والوصول لأرضية مشتركة مع المعارضة.
* ولكن لماذا رفضتم الحوار مع حزب «الحرية والعدالة»؟
- نحن لم نُدعَ إلى حوار مع حزب «الحرية والعدالة» وإنما مؤسسة الرئاسة هى التى دعت للحوار، ولكن لا بد أن حزب «الحرية والعدالة» لم يَعد حزباً حاكماً، نظراً لعدم وجود مجلس نواب، وإنما هو حزب موالٍ للنظام باعتبار رئيس الجمهورية منتمياً إليه. والحقيقة أننى لاحظت أن الانتخابات التى اعتمدها الشعب المصرى واعترف بها هى التى جرت فى عهد المجلس العسكرى، بدءاً من استفتاء مارس وصولاً لانتخابات رئاسة الجمهورية، لوجود إشراف قضائى كامل وحكم محايد، مُمثل فى المجلس العسكرى نفسه، ولأن النظام لم يكن طرفاً فى المشهد السياسى، بمعنى أن «العسكرى» لم يخض الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية ولم يراهن على نتائج استفتاء الدستور. ولكن المفارقة أن استفتاء الدستور، أول انتخابات تجرى تحت حكم الرئيس مرسى، لم يحظَ بقبول من المصريين، وخرج كثيرون للتشكيك فى شرعيته، لمعايير عدة، منها غياب الإشراف القضائى وتخصيص يومين للاستفتاء وإتاحة أسبوع لمحافظات أخرى للتأثير على الناخبين فى المعركة الانتخابية وانهيار دولة القانون، ما يعنى أنه أعطى لنصف الشعب المصرى فرصة للتفكير أكثر من النصف الثانى، لذلك علينا أن نتساءل: ماذا عن الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ ومن الذى سيؤمنها فى ظل تواطؤ الداخلية مع جماعة الإخوان؟ وعلى النظام أن يعلم أن المصريين لن يقبلوا نتائج أى انتخابات ما دام «الخصم هو الحكم»، كما كان يحدث فى عهد النظام السابق.
* وأى المسارين ترى أنه الأقرب للتحقيق، لتعديل المسار الخاطئ الذى تسير فيه البلاد: الثورى أم السياسى؟
- أولاً يجب الإشارة إلى أن الثورة خرجت لتحقيق أمور مهمة، على رأسها الحرية والكرامة الإنسانية، وبالتالى لا يجوز بعد نجاح الثوار فى إزالة النظام الحاكم أن يجرى استدعاء الرموز الثورية للتحقيق بهذه الطريقة المهينة، وأن يتبعوا سياسات التضييق على الإعلام، وعلى الرغم من أن الرئيس مرسى نجح للوصول للمصريين وكسب أصواتهم من خلال الفضائيات والصحف ذاتها التى يهاجمها اليوم الرئيس وجماعته، فإننا بالتالى ما زلنا فى حالة ثورة يمكن أن تستمر لسنوات عديدة أخرى، لأن الحالة الثورية لن تنتهى قبل القضاء على الاستبداد.
* ولكن هل تعتقد أن تردى الأوضاع الاقتصادية يسمح باستكمال المسار الثورى؟
- الثورة لا تعترف بالاقتصاديات، وإنما تسير على طريق محدد للوصول لأهدافها، لأنه لا يمكن أن يعطل الثوار الثورة مؤقتاً لحين إصلاح الأوضاع الاقتصادية والأمنية، على أن يستكملوها بعد ذلك. ويجب أن يعلم الجميع أن الثورة لم تقمْ لتحسين الأوضاع الاقتصادية، لأن الأوضاع فى عهد النظام السابق كانت أفضل عن مثيلتها بعد الثورة على المستوى الاقتصادى، فقد كان الاحتياطى النقدى يبلغ 36 مليار دولار و400 مليون جنيه، سيولة لدى البنوك، فضلاً عن الاستثمارات المباشرة والسياحة، لذلك فالثورة لم تكن ثورة جياع؛ ولكن مع ذلك لا يمكن أن يطلب أحد من الثوار تعطيل المسار الثورى فى ظل نظام مستبد يكرس نفس آليات النظام السابق ولا يسعى لاتخاذ المسار الإصلاحى السياسى القائم على التوافق بين أطياف المجتمع.
* وماذا عن لقائك كاترين آشتون؟
- يبدو أن الاتحاد الأوروبى أراد سماع وجهة نظر المعارضة المصرية ومحاولة لعب دور الوسيط بين مؤسسة الرئاسة وجبهة الإنقاذ للخروج من المأزق الحالى، ولكن ما يحزننى بشدة أننا نتحاور مع النظام من خلال وسطاء أجانب لأننا لا نستطيع الجلوس مع بعضنا البعض، بسبب سياسات الرئيس مرسى الإقصائية التى تعتمد على الانفراد بالرأى. وخلال لقائى بآشتون تحدثنا عن حالة الغياب الأمنى وفشل الرئيس مرسى فى تحقيقه، الأمر الذى ظهر جلياً فى المشاهد الكارثية أمام الكاتدرائية فى غياب كامل للأمن، كما تطرق الحديث لوضع السلطات الثلاث فى مصر، خصوصاً أن السلطة التنفيذية والحكومة فشلتا فى تحقيق أى نجاحات تذكر، ومع ذلك يدعى الرئيس أنها ناجحة وتحقق آمال المصريين، وكذلك حالة الانقسام داخل السلطة القضائية وأزمة النائب العام التى بات حلها ضرورياً، بعد أن أصبح لدينا نائبان، فضلاً عن تعمد مجلس الشورى إصدار تشريعات مهمة فى وقت دقيق للغاية، على الرغم من أن المجلس ذاته مطعون فى شرعيته.
* ولكن المعارضة متهمة برفض التوافق وعدم تقديم بديل، ما تعليقك؟
- المعارضة لا تملك أدوات سوى تقديم الرؤى وطرح الرأى فقط، ويبقى الأمر برمته فى يد النظام الحاكم الذى يرفض اتخاذ أى خطوات على طريق الإصلاح، ولكن البعض يطالب المعارضة بالهدوء، وحقيقة لا أجد معنى لهذا الكلام، خصوصاً أن أصحاب هذا الرأى لا يطرحون رؤى بديلة للمعارضة، فهل يرغب البعض فى أن تَكف المعارضة عن لعب دورها لنعطل الأحزاب المعارضة لفترة حتى يتمكن الرئيس مرسى وجماعته من تنفيذ ما يريدون على أن نعود بعد ذلك معارضةً شكلية؟ أيضاً الاتهامات التى اعتاد البعض ترويجها فى الفترة الأخيرة ضد قيادات الإنقاذ، باعتبارهم محرضين على العنف، هو حديث لا أساس له من الصحة، لأن دائرة العنف والعنف المضاد بمثابة سقوط لدولة القانون، و«الغطاء السياسى» الذى يزعم البعض أننا نوفره يعتبر بمثابة اتهام مستهلك ضد جبهة الإنقاذ. والحديث عن عدم تقديم بديل هو كلام مغلوط، لأن حزب «المصريين الأحرار» قدم بديلاً لمشروع الصكوك ليجرى جلب الأموال دون رهن الأصول الحيوية للدولة، وحقيقة أتمنى أن تطرح الأحزاب الموالية للنظام رؤيتها بشأن المعارضة وآليات العمل السياسى.
* هل ذلك يعنى أنك راضٍ عن أداء المعارضة الممثلة فى جبهة الإنقاذ؟
- أنا راضٍ عن أداء حزبى، أما جبهة الإنقاذ فقامت بدور مهم فى توحيد المعارضة تحت مظلة واحدة، وإعطاء غطاء سياسى لمعارضة حقيقية فى مصر، ولكن «الإنقاذ» ليس منوطاً بها أن تلعب دور حزب سياسى، وإنما أن تمثل المعارضة المصرية فى حالات استثنائية كالتى تمر بها مصر حالياً، ونجحت إلى حد كبير فى ذلك، ولكن ما زال يمكنها تطوير آلياتها فى طرح البدائل السياسية.
* ولكن حتى الآن لم تطلب الجبهة رسمياً إسقاط النظام، فهل يمكن أن تشهد الفترة المقبلة المطالبة بتنحى الرئيس؟
- البعض يطرح انتخابات رئاسية مبكرة سواء داخل جبهة الإنقاذ أو خارجها، مثل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح رئيس حزب «مصر القوية»، الذى كان عضواً فى مكتب الإرشاد من قبل، ولديه قناعة بأفكار الجماعة.
* وماذا عن المطالبة بعودة المؤسسة العسكرية للعب دور سياسى مرة أخرى؟
- المؤسسة العسكرية صدقت حين أعلنت أنها ستسلم السلطة لجهة مدنية منتخبة، ولا يعقل أن يطالب البعض بعودة القوات المسلحة للمشهد السياسى فى ظل تخبط الأوضاع الحالية، والحديث عن عودة الجيش للحياة السياسية ينقصه بعض التفاصيل عن طبيعة المهمة التى يرغب أصحاب دعاوى استعداء الجيش تطبيقها، والحقيقة أن الجيش سيعود فى حالة وجود تهديد للأمن القومى المصرى باعتباره صمام الأمان الأخير للوطن، ولكن المؤسسة العسكرية لن تعود للشارع فى ظل الأوضاع الحالية، وإنما حال زيادة الأمور سوءاً فيمكن حينها للقوات المسلحة أن تتدخل للحيلولة دون تهديد الأمن القومى المصرى.
* فى نقاط، ماذا يجب على النظام أن يفعل للخروج من المأزق الحالى؟
- أولاً لا بد على النظام أن يعترف أن هناك عدداً كبيراً من المشاكل هو المسئول عنها، وبالتالى عليه أن يتراجع عن بعض القرارات الخطيرة الخاصة بتحصين القرارات الرئاسية، وأن هناك شعباً لن يقبل بعودة الممارسات الاستبدادية، فضلاً عن ضرورة أن يثبت حسن النية فى إدارة الأمور، ويجب أن يقدم النظام حلولاً حقيقية عبر مشروعات محددة لحل المشاكل المزمنة التى يعانى منها المجتمع، خصوصاً الاقتصادية منها، فمنذ تولى الرئيس مرسى ومؤسسة الرئاسة تتحدث عن قرض صندوق النقد الدولى لسد عجز الموازنة، ولكن حقيقة الأمر أن النظام المصرى لم يذهب للبنك الدولى برؤية ودراسات محددة للنهضة بالاقتصاد. أخيراً لا بد أن يعلم النظام الحاكم أن المصريين تخلصوا من تصديق كل ما يقوله الإخوان والسلفيون باعتبارهم رجال دين، فبعد عامين من الثورة الوضع تغير وأصبح المصريون فى القرى والنجوع لديهم وعى كافٍ لتمييز الخطاب السياسى والمجتمعى، ولم يعد لكلمة «الإخوان» أو «السلفيين» تأثيراً فى قرارات المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.