أيام قليلة ويمضي عامًا كامل علي تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية. ومن ثم يثور العديد من التساؤلات عن: ما هي معالم سياسة مصر الخارجية الجديدة؟ هل يمكن الحديث عن سياسة خارجية خاصة ب "الإخوان المسلمون"؟ ما هي الاستراتيجية التي يعتمدها الرئيس محمد مرسي لفرض سياسة مصر علي الساحة الدولية؟ ما هو مستقبل علاقاتها مع الولاياتالمتحدة ودول الخليج، لا سيما إيران؟ هل ستعود مصر، التي لعبت في الماضي دورا محوريا علي المستوين العربي والدولي، إلي مكانتها في المجتمع الدولي؟ هل الربيع العربي ووصول "الإخوان المسلمون" إلي السلطة أعطي دفعة جديدة للدبلوماسية المصرية التي تراجعت كثيرا خلال عهد حسني مبارك؟ هل حافظ نظام محمد مرسي الجديد علي التوازنات "الجيو- استراتيجية" القائمة في المنطقة أم فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إسرائيل ودول الخليج والولاياتالمتحدة؟ مما لا شك فيه أن الرئيس مرسي أعطي السياسية الخارجية أولوية كبيرة للغاية، حتي أنه زار خلال هذا العام أكثر من حوالي 15 دولة، وحضر 6 مؤتمرات لمنظمات دولية (الأممالمتحدة، دول عدم الانحياز، المؤتمر الإسلامية، مؤتمر قمة جامعة الدول العربية، منظمة الوحدة الإفريقية)، في الوقت الذي كانت تئن فيه البلاد ومازالت- من اضطرابات داخلية وحالة احتقان سياسي تحول إلي عنف مجتمعي حقيقي بوعي كامل من الجماعة ومرشدها. وعلي الرغم من كثرة هذه الزيارات الخارجية التي قام بها الرئيس، أو الزيارات التي قام بها عصام حداد مستشار الشئون الخارجية التي لا يعلم عنها أحد شيئًا، إلا أنها لم تأت بالفائدة المرجوة منها علي مختلفة الأصعدة، حيث لم تأت هذه الزيارات بالدولارات التي تحاول جماعة توطيد حكمها بها، كما أنها لم تسفر عن عودة الدور الإقليمي المصري، ولا حتي استقلال القرار المصري علي الصعيد الداخلي أو الخارجي. وعلي المستوي المؤسسي وعملية صنع القرار، فإن وزارة الخارجية في أسوء حالاتها، حيث نجح مستشار الرئيس أن يجمد دورها، وأن يقوم بنفسه بجميع المهام المرتبطة بالسفارات المصرية بالخارج. وأعتقد أن بعض السفراء المصريين يعلمون عن زيارات كبار المسئولين المصريين للدول التي يتواجدون فيها عن طريق وسائل الإعلام، وذلك كله في ظل صمت وزير الخارجية! والسؤال هنا؟ ماذا جري لرواد مدرسة الدبلوماسية المصرية، التي يضرب بها المثل بين نظرائها في الدول العربية والإفريقية؟ لماذا يفضلون الصمت في ظل تهميش متعمد لدور الوزارة في أصعب فترات تمر بها الدولة المصرية. أما صنع القرار الخارجي، فمن اللافت للنظر أنه لأحد يعلم من يصنع قرار السياسة الخارجية أو يرسم توجهاتها، هل هو الرئيس أو مكتب الإرشاد أم عصام الحداد، وما هو دور وزير الخارجية التي يتولي قمة الهرم الدبلوماسي. وقد تجسد الوضع الذي آلت إليه الوزارة في حالة النوم العميق من الوزير في مؤتمر القمة العربية الذي عقد مؤخرًا في الدوحة. وعلي مستوي نتائج الزيارات الخارجية التي قام بها الرئيس، وجميع المسئولين في جماعة الإخوان، وبغض النظر عن السفريات في طائرات خاصة، مثلما حدث في زيارة الحداد إلي إيران، وطبقًا لما أكد الأستاذ هيكل، فإن تكلفة اليوم الواحد للطائرة الرئاسية مليون دولار والرئيس قام بحوالي 20 زيارة خارجية، وإذا فرضنا بأن متوسط كل زيارة يومين، فإن تكلفة سفريات الرئيس فقط حوالي 40 مليون دولار، وهذا الرقم ضخم للغاية في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية. أما القروض والمنح التي يحاول الرئيس وجماعته الحصول عليها فإنه أخفق إخفاقًا شديدًا، حيث ذكرت مجلة التايم الأمريكية بأن جماعة الإخوان قرعت جميع أبواب الدول في المنطقة وخارجها من أجل الحصول علي القروض. واعتقد بأن هناك فهم خاطئ لدي الرئيس وجماعته بأن مهمة السياسية الخارجية هو جمع القروض فقط، فليس بالقروض يتم إعادة بناء الدول. ولكم في ماليزيا أسوة حسنة. وفي النهاية، يجب التأكيد علي أن التهميش المتعمد من قبل الرئيس ومستشاره لوزارة الخارجية لن يؤدي فقط إلي ضعف المهنية والحرفية التي تعمل بها مؤسسات الدولة ولكن هي أحدي خطوات التمكين للجماعة.