يدور الصراع حامي الوطيس بين القضاء والإخوان المسلمين بهدف إحكام السيطرة علي مؤسسة تحول دون تحقيق هدف الإخوان في إحكام سيطرتهم علي الكثير من الأمور التي يبغون إخضاعها بسيف القانون الذي تملكه السلطة القضائية التي تحوز ولاية القانون وتقرير مصائر الأفراد والمؤسسات التي تصل الي إنهاء حياة الأشخاص بإصدار حكم الإعدام ومثاله حل الشخص المعنوي والذي يعادل حكم الإعدام كما حدث بالنسبة للحزب الوطني الحاكم سابقا. إذن الولاية خطيرة جدا وتستحق وتغري بالرغبة في السيطرة عليها.. فمن يحوزها يشبه الكاهن في العصور القديمة عندما كان يحتكر إظهار إرادة الله للبشر والقضاء الآن لديه ولاية الحكم وفقا للقانون وهو خارج عن سيطرة الحكام الجدد للبلاد في الوقت الحاضر علي الأقل ومن ثم يجتهد أولئك الحكام في إخضاع القضاء بحيث يكون مواليا لهم لاستكمال المنظومة بالسيطرة علي مختلف السلطات. وحتي نكون محقين دعونا نتساءل: هل الأمور تحتاج الي إعادة نظر في تنظيم السلطة القضائية؟ والإجابة تكون بنعم فمن الضروري النظر في الطريقة التي يتم الالتحاق بها بالوظائف القضائية وطريقة الترقية وصولا للجلوس علي منصة القضاء والفصل بين الناس وهو أمر جلل لا يمكن أن يتم بالطريقة المتبعة حاليا ولا الطريقة التي يبغيها الإخوان وصولا لإبعاد عدد كبير من الاتباع ومن ثم يدين لهم ذلك المرفق الحيوي بالولاء بما يمكنهم من إخضاع معارضيهم بسيف القانون إضفاء لطابع الشرعية علي الأمور. ولأن الطرفين أقوياء فالصراع بينهما لن يكون سهلا بل إنه قد يمتد طويلا وصاحب النفس الطويل سيكون الفائز، أما الشعب فلا عزاء له لأن الكثير من المؤسسات لديه معيبة وستظل كذلك سواء في تشكيلها أو في طريقة إدارتها فالالتحاق بالقضاء يتم في الكثير من الحالات بالمحسوبية شأن الكثير من المرافق الأخري إلا في حالات قليلة جدا التي كان يمكن أن يصل فيها البسطاء الي التعيين ويتم الاستبعاد دون اخطار من يتم استبعاده بسبب الاستبعاد حتي يمكنه الرد علي ذلك العائق الذي يحول دون الالتحاق. كما أن حقوق المحامين المقررة بنص قانون السلطة القضائية الذي يعطيهم الحق في تعيين 25٪ من القضاة من المحامين قد تم الجور عليه ولم يتم تعيين محامين كقضاة منذ عشرات السنين فضلا عن طريقة الترقي من النيابة للقضاء التي تتم بالأقدمية كباقي الوظائف رغم خطورة عمل القاضي. ومن أجل مصلحة هذا الشعب وحتي يكون القضاء حصن الحقوق والحريات ينبغي التأكيد علي عدة أمور وهي: طريقة التعيين والترقية بالقضاء وألا يكتفي بمجرد التخرج في كلية الحقوق وضرورة تجاوز سنوات دراسية بمعاهد للدراسات القضائية أسوة بالدول المتقدمة ومن ناحية أخري فإن العدالة لا تستقيم إذا كان القاضي ينظر في مئات القضايا في اليوم فكيف نطلب منه العدل فيها، أيضا يجب تقرير مسئولية الدولة عن أخطاء السلطة القضائية بحيث يتمكن من يصيبه ضرر نتيجة خطأ قضائي من الحصول علي حقه ولا يجوز الاعتراض علي ذلك بأن من شأنه تهديد القاضي في مزاولته لعمله لأن هذا المبدأ مقرر في مختلف الدول المحترمة كما أن القاضي لديه حماية في تعدد درجات التقاضي التي تحميه من الخطأ وحتي تتحقق مصلحة الشعب في أن تكون مؤسساته ملكا له لا ملكا للحكام أو للقائمين علي أمر تلك المؤسسات. وفي النهاية فإن تعديلات قانون السلطة القضائية يجب أن تكون من خلال مجلس النواب القادم وأن تطرح للنقاش المجتمعي وأن يؤخذ فيها وجهة نظر الهيئات القضائية ونقول للجميع: اتقوا الله في مصر فهي تستحق منا جميعا أكثر من ذلك وأن نفكر في الصالح العام أكثر من المصالح الضيقة فالله مطلع ومحاسب. د. محمد سيف النصر جبران المحامي