تفجير «إخوان السودان» لموضوع مثلث حلايب الذي استردته مصر من الإدارة السودانية، في عقد التسعينيات، يجعلنا نفكر في استرداد أرض مصرية داخل ليبيا الآن.. والسبب: سوء معاملة الإخوة الليبيين للمصريين العاملين هناك.. وهو نفس السبب الذي جعلني أفجر قضية حلايب بسبب سوء تعامل السودان الحكومة للمصريين داخل هذا المثلث الخطير. وأقصد بذلك واحة جغبوب المصرية الأصل علي بعد خطوات من حدود مصر وعلي بعد كيلو مترات محدودة من واحة سيوة داخل الأراضي المصرية.. وهي منطقة غنية بالمياه والأراضي الصالحة للزراعة والرعي.. ومنه لله أحمد زيور باشا رئيس وزراء مصر وإسماعيل صدقي باشا وزير داخليته.. فهما ليس فقط من أدخل لعبة تزوير الانتخابات إلي مصر عام 1925.. ولكنهما أيضاً من سلما هذه الواحة الخصبة إلي الطليان الذين كانوا يحتلون ليبيا! ما هي حكاية واحة جغبوب أو الجغبوب. اللعبة بدأت بضغط انجليزي علي مصر قام به اللورد لويد المندوب السامي البريطاني بحجة تقديم الواحة إلي إيطاليا لإغرائها بعدم انضمامها إلي ألمانيا ضد باقي أوروبا.. وهكذا دائماً أصابع الانجليز.. فهي موجودة في موضوع حلايب.. تماماً كما هي موجودة في موضوع جغبوب. يقول إسماعيل صدقي في مذكراته انه في آواخر عام 1925 جرت مفاوضات بين مصر والطليان لإنهاء مسألة الحدود الغربية والبت في أمر واحة جغبوب.. فتألفت من الجانب المصري لجنة برئاسة إسماعيل صدقي ولجنة من الجانب الإيطالي برئاسة المركيز نجروتو كامبيازو. وتوقفت المفاوضات غير مرة بسبب اختلاف وجهتي النظر. وبعد خروجه من حكومة زيور بالاستقالة رأت الحكومة أن يمضي في هذه المفاوضات لأنه كان ملماً بأطرافها بل ذهب إلي إيطاليا لمقابلة موسوليني بشأنها. ويضيف صدقي باشا ان هم مصر كان يتركز علي أن تحصل علي خليج السلوم وعلي الهضبة التي تعلو السلوم والمنطقة التي حولها إلي بلدة بردية غرباً.. وكان الإيطاليون قد احتلوا هذا المكان الذي يشرف علي المدينة المصرية.. فكانت هذه المنطقة هي التي تهم مصر.. لأنها تشرف علي أراضيها ولأنها هي الطريق الذي يستطيع أي غاصب أن يدخل منه البلاد المصرية من الغرب. أما الطليان فكان يهمهم أن يحتفظوا بواحة جغبوب التي بها ضريح للسنوسيين. ويدعي صدقي ان مساحة هذه الواحة لا تزيد علي عشرة أفدنة.. (وهذا غير صحيح). وكان من حجج مصر ان انجلترا نفسها اعترفت في مدة الحرب العالمية الأولي بملكيتها لمصر في معاهدة شاليوت التي عقدتها مع السنوسيين. أما حجة الطليان فهي انهم ورثة الأتراك في ولاية طرابلس وواحة جغبوب داخلة ضمن هذه الولاية. وكان السنوسيون يدينون بالولاء للدولة العثمانية ويعدون الواحة ضمن أعمال طرابلس.. ويختتم صدقي كلامه قائلاً ان هذه الواحة غير ذات أهمية من الوجهة العسكرية.. ولكن الأهمية كلها في الشمال وفي المنطقة المشرفة علي السلوم.. وقد نجحت مصر في الحصول عليها من الطليان. المهم ان أحمد زيور باشا رئيس الحكومة المصرية وقع يوم 6 ديسمبر 1925 اتفاقية هذه الحدود الغربية وتم تسليم واحة جغبوب إلي إيطاليا حين طلب منه اللورد لويد ذلك.. ثم ترك زيور الحكومة في يونيو 1926. ولكن البرلمان المصري رفض هذه الاتفاقية.. بل ان البرلمان المصري امتنع طوال سنوات 1926 و1927 و1928 و1930 عن إبرام هذه الاتفاقية إلي أن وقعت الواقعة وتولي إسماعيل صدقي رئاسة الحكومة في يونيو 1930 وقام بانقلابه الدستوري فألغي دستور 23 وأصدر دستور 1930 وأجري انتخابات زورها بالكامل وقاطعتها الأحزاب الوطنية كلها فجاء هذا البرلمان المزور الذي لا يمثل فيه الأحزاب الوطنية.. فوافق علي هذه الاتفاقية. وذلك في يونيو 1932! وهو برلمان منقطع الصلة بالشعب وبالرأي العام. وكما وقعت حكومة زيور اتفاقية جغبوب في غيبة البرلمان عام 1925 بعد أن حلته حكومة زيوار.. فإن إسماعيل صدقي صدق علي هذه الاتفاقية في عام 1932 من خلال برلمان قام هو بتزويره بالكامل.. فهل تصلح هذه الاتفاقية.. بمعني هل نعترف بتنازل حكومة غير شرعية عن أرض مصرية وهل نعترف بتصديق برلمان غير شرعي علي ذلك؟!. هل نعترف بتنازل حكومة جاءت رغم إرادة الشعب بعد استقالة حكومة سعد زغلول عقب مصرع السردار لي ستاك في القاهرة.. وما جاءت هذه الحكومة إلا لتضرب مصالح مصر العليا وتسحب الجيش المصري من السودان وتوافق- دون نقاش- علي كل مطالب الانجليز. وهل نعترف بتصديق برلمان مزيف علي هذه الجريمة وهو البرلمان الذي جاء بعد الانقلاب الدستوري وإلغاء صدقي لدستور 23 وإصداره لدستور جديد، هو دستور 1930. اننا نفتح الآن ملف هذه الواحة المسروقة.. بعد أن رأينا ما يعانيه المصريون من سوء معاملة من النظام الحاكم الآن.. في ليبيا. إيه رأيكم؟!.