يمثل هذا الموضوع أهمية كبيرة للمواطن مرشحا كان أو ناخباً، كما يمثل أهمية كبيرة للوطن لما يشكله من ضوابط تتصل بالجوانب القانونية والواقعية لممارسة العملية السياسية بما يؤدي في النهاية إلي الإفصاح عن إرادة الناخبين بطريقة صحيحة وتشكيل مجالس نيابية علي أساس ديمقراطي ترسيخاً لمبدأ الشعب مصدر السلطات. ونظراً للموروث الذي رسخه الحكام في تزوير الانتخابات في عصور كثيرة كانت فكرة قيام اللجان الفرعية بممارسة كافة أعمال الفرز بحضور مندوبي المرشحين وبما يؤدي إلي المزيد من الشفافية والثقة لدي المرشحين والناخبين، لأن المنفذ السحري لعمليات التزوير كان يتم من خلال نقل الصناديق إلي أماكن فرز بعيدة عن مراكز الاقتراع وبعيداً عن عيون المراقبين بما يمكن من تزوير إرادة الناخبين. وإذا كانت اللجان الفرعية تقوم بدور مهم في الحفاظ علي شفافية العملية الانتخابية فإنها تقوم بها تحت رقابة اللجنة العليا للانتخابات والتي تقوم بعمل المفوضية العليا للانتخابات.. وتشمل العملية الانتخابية مختلف مراحلها التي تبدأ بفتح باب الترشح لعضوية المجلس التشريعي الجديد وصولاً لإعلان نتيجة «الانتخابات» وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في حكمها الخاص بعدم دستورية بعض مواد قانون مجلس النواب السابق عرضه عليها، والذي أوضحت فيه بأن دور اللجان الفرعية هو إجراء حصر عددي مبدأي لأصوات الناخبين - ولكن لا يمتد لإعلان فوز مرشح أو هزيمة آخر باعتبار أن هذا الأمر يرجع إلي نتيجة الدائرة بالكامل. وقد قام مشروع قانون مجلس النواب الجديد الذي يناقش بمجلس الشوري حالياً بتحديد عمل اللجان الفرعية بنص المادة 22 والتي تقرر وتقوم اللجان الفرعية بكافة أعمال الفرز وإعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين باللجنة وكذلك الأصوات الصحيحة والباطلة وكذا الأصوات التي حصل عليها كل مرشح أو قائمة بحضور مندوبي المرشحين الفرديين والقوائم ويسلم رئيس اللجنة الفرعية صورة من نتيجة الفرز إلي مندوب وزارة الداخلية لتعليقها بلوحة تعد لذلك بالقسم المختص وتسلم صورة رسمية منها لكل من يطلبها من المرشحين، كما يقوم رئيس اللجنة الفرعية بلصق صورة من نتيجة الفرز علي باب اللجنة الفرعية ويثبت ذلك بالمحضر». وإذا كانت المادة المذكورة تتفق مع ملاحظات المحكمة الدستورية العليا علي المشروع السابق فإنه من العجيب ان يأتي مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية م 45/3 لتقرر «يجوز بقرار من اللجنة العليا للانتخابات ان يتم الفرز في اللجان الفرعية ويجري الفرز تحت إشراف رئيس اللجنة الفرعية، وفي حالة الانتخاب لعضوية مجلسي النواب والشوري يكون لكل مرشح ان يندب من يمثله لحضور إجراء الفرز... إلخ». والملاحظ ان هناك تعارضاً كبيراً بين المادتين، فالأولي تؤكد تمام الفرز باللجان الفرعية، في حين ان الثانية تجعله أمراً جوازياً بيد اللجنة العليا للانتخابات وهو ما يفتح الباب علي مصراعيه للتشكيك في نزاهة الانتخابات المقبلة، ويجب ان يعدل عنه المشرع، فالأمور لا تحتمل أكثر من ذلك، فوجود الفرز باللجان الفرعية ضمان لشفافية الانتخابات إذا ما روعيت باقي الضمانات.