قالت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أمس إن المؤسسة العسكرية المصرية، لما لها من ثقل اقتصادى وأمنى، تمثل ضغطا يقلص من حدود سلطة الرئيس مرسى لاجراء مفاوضات مع حركة حماس وتحقيق تقارب اكثر. وأوضحت الصحيفة أن إعادة انتخاب خالد مشعل هذا الاسبوع رئيسا للمكتب السياسى لحركة حماس لم يأت كمفاجأة، على الأقل بالنسبة للمخابرات المصرية برئاسة اللواء رأفت شحاتة، والتى مارست ضغوطا شديدة لصالح هذه الخطوة وفقا للصحيفة، بجانب مساندة حاكم قطر هذه الدولة التى أصبحت واحدة من حصون حماس المالية فى أعقاب انقطاع علاقة المنظمة الاسلامية مع سوريا، وكذلك دعم العاهل الاردنى الملك عبد الله الذى أقام فى الأشهر الأخيرة علاقات جديدة مع مشعل. ونقلت الصحيفة عما اسمته أحد المصادر المصرية قوله بأن «مشعل أصبح شخصية لا غنى عنه فى هذا الوقت لأن لديه القيادة والقدرة للسيطرة على الأحداث على أرض الواقع، ولديه الكاريزما أمام منافسيه، المتمثلين فى نائبه مشعل موسى أبومرزوق، ورئيس وزراء حماس رئيس إسماعيل هنية، ومع محاولة مصر تحقيق التقارب بين فتح وحماس، فإن مشعل يعد شخصية رئيسية يمكنه تهدئة المتطرفين فى حماس الذين يشنون صراعا ضد نشطاء فتح، كما ان مشعل ليس ضد التفاوض مع إسرائيل بشرط ألا تجرى من قبل الرئيس الفلسطينى محمود عباس بمفرده، وإذا كانت هناك انتخابات ستجرى فى فلسطين وتفوز فيها حركة حماس مرة أخرى، فإن الدول العربية تفضل أن ترى «مشعل» فى السلطة بدلا من أى من كبار الشخصيات الاخرى فى الحركة. وأوضحت هاآرتس بأن وجود علاقة وثيقة بين رئيس المخابرات المصرية ومشعل لا يعنى أن العلاقة بين حماس والجيش المصرى تسير بهدوء، وذلك على عكس علاقة حماس مع الرئيس محمد مرسى، وساقت الصحيفة مثلا على ذلك بمواصلة الجيش المصرى هدم الأنفاق رغم المحادثات التى أجراها مشعل وهنية مع كبار ضباط المخابرات المصرية نهاية الأسبوع الماضي، لهدم الأنفاق التى تربط بين قطاع غزةوسيناء. بعد تدمير نحو 250 الشهر الماضى، غمرت انفاق مياه الصرف الصحى، وبعد تحديد أماكنها عن طريق الأقمار الصناعية، وربما بالتعاون مع الولاياتالمتحدة، كما ان العشرات من الشاحنات التى وصلت إلى منطقة الأنفاق لتفريغ بضاعتهم أجبرت على العودة إلى العريش مما اصاب تجار غزة وتجار مصر بخيبة الامل، واشارت الصحيفة الى تصريح السيسى وزير الدفاع المصرى بأن الجيش سيواصل نشاطًا واسعًا ضد الإرهاب فى سيناء، وأن الجيش لا يحتاج لمعونة من حماس أو أى جهة أخرى لأنه قادر على مواجهة الإرهاب وحده، وأوضحت الصحيفة ان هذا التصريح جاء ردا على عرض مرة أخرى مساعدة مصر فى إحباط تهريب الأسلحة عبر سيناء ومواجهة الهجمات الإرهابية. وأوضحت الصحيفة أن رفض مسئولون فى الجيش لقاء قادة حماس، والتمسك بمواصلة هدم الأنفاق، لا يأتى فقط لتحسين الأمن فى المنطقة أو لتصفية حسابات مع حماس، بل أيضا لحرص الجيش على التمتع بالتأييد الشعبى، ولاظهار الجيش أمام «مرسى» بأنه المسئول عن تحديد أماكن وجود التهديدات الوطنية، وأنه وحده الذى يقرر كيفية التعامل مع هذه التهديدات، سواء المهربين فى سيناء أو حتى المتظاهرين فى بور سعيد، وبهذا ترسم المؤسسة العسكرية الخط الفاصل بين صلاحيات القيادة السياسية والصلاحيات التابعة للقيادة العسكرية. وأكدت الصحيفة أن «مرسى» يتعرض لضغوط ثقيلة ليس فقط من المعارضة، ولكن زاد من انتقادات الموجهة ضد جماعة الإخوان المسلمين نشر تقرير حول قيام الاخوان بالتمتع بتبرعات تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، وأن هذه الأموال يتم إيداعها فى فروع البنوك والمؤسسات المالية فى سويسرا، وإيطاليا، وجزر البهاما وعدد من الدول العربية، وأن واحدا من رجال قيادى فى جماعة الإخوان وهو يوسف ندا، أسس بنك التقوى فى جزر البهاما عام 1990، وهو على القائمة الأمريكية بسبب الاشتباه فى تورطه فى تمويل هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، واوردت الصحيفة ما قاله المرشد العام السابق لجماعة الإخوان محمد مهدى عاكف، بأن الجماعة موجودة فى 72 بلدا، وتقوم بتشغيل العشرات من المنظمات الخيرية فى جميع أنحاء العالم، بما فيها الولاياتالمتحدة، كما أن العضو السابق فى الإخوان ثروت الحرباوى كشف فى تصريحات له أن الإخوان تتمتع بتبرعات شهرية تصل الى 100 مليون دولار من خلال منظماتها الخيرية، وأن كل هذه الأموال لا تصل إلى مصر، بل يتم نقل بعضها إلى فروع أخرى للإخوان، وخصصت بعض هذه الأموال لاستثمارات لرجال الأعمال، رغم أن مصر تمر بأزمة اقتصادية عميقة، وانتهت هاآرتس إلى قولها إن كل هذه المعلومات لا تعزز سمعة الإخوان أو شرعيتها بل تهددها، مشيرة إلى أنه لا الإخوان ولا الرئيس محمد مرسى يتصوران ما يمكن أن ينتهى إليه التمرد ضدهما فى هذا الوقت. وفى سياق متصل بمصر وحماس، أعلن المركز الثقافى للجالية المصرية فى فلسطين – غزة، تنفيذ عدة أنشطة شعبية تحت هدف إعادة العلاقة الفلسطينية - المصرية بعنوان «يوم فى حب مصر»، على أن يجمع عددا من الكتاب والمثقفين ورجال الأعمال والشخصيات الشعبية الفلسطينية لنقل وجهة نظرهم للشارع المصرى، واقترح السفير المصرى لدى السلطة الفلسطينية ياسر عثمان إرسال وفد فلسطينى إعلامى وشعبى لمصر لمقابلة كل المكونات السياسية والحزبية المصري، بهدف تصحيح الرؤية لدى وسائل الإعلام المصرية وامتصاص غضب الشارع الغزاوى إزاء ذلك.