اختصام .. استعداء.. انقلاب.. هذه هى ثلاثية ممارسات نظام الحكم فى مصر منذ حل الرئيس محمد مرسى ضيفا على قصر الرئاسة.. يوما بعد يوم تزداد الهوة بين جماعة الاخوان المسلمين ومن على هواها وبين بقية القوى السياسية بكافة اطيافها الأيديولوجية.. يوما بعد يوم الجماعة ومرشدها وعضو مكتب إرشادها الذى يدير شئون البلاد من قصر الرئاسة يتبارون فى زيادة مساحة الخصام مع كافة الأطراف.. حالة من العناد تسيطر على عقول هذه الجماعة حتى باتت ترسل الضربات تلو الضربات لكافة مؤسسات الدولة وكافة الجماعات السياسية الفاعلة. حالة من الارتباك وعدم القدرة على اتخاذ قرارات صائبة لصالح الوطن تتجاوب بها مع التحديات التى تواجه المجتمع مازالت هى عنوان حكم الرئيس فى قصر الرئاسة وحكومته الفاشلة التى لم تقدم أية بوادر لإنقاذ البلاد من حالات الانفلات الجماعية والانقسامات الاجتماعية. ووصل الأمر بأن يطرح الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل مبادرة لتشكيل لجنة حكماء للتوسط ما بين الرئاسة والمعارضة.. فهل الرئاسة تحتاج الى لجنة حكماء تتوسط لدى المعارضة أو العكس.. أين القدرة والفاعلية والمبادرة من قبل مؤسسة الرئاسة لتجاوز الأزمات الراهنة.. أين الحكومة من كافة الاختناقات التى يعانى منها المجتمع برمته؟ مبادرة هيكل، خاصة أن الرجل قد حل ضيفا على الرئيس منذ عدة أسابيع ودار حوار مطول بينهما، يؤكد أنه يريد أن يلعب دورا فى هذه الوساطة.. التى أتصور أنه لا محل لها من الإعراب.. فالمعروف أن المعارضة لها مطالب محددة تتسم جميعها بالشرعية واحترام دولة القانون بما فيها الاعتراف واحترام انتخاب السيد الرئيس نفسه .. إلا أن من يعرقل الاستجابة لهذه المطالب هى مؤسسة الرئاسة نفسها.. لماذا الإصرار على حكومة أثبتت وتثبت يوما بعد يوم أنها تساهم في زيادة الاحتقان الشعبى والسياسى؟ لماذا الإصرار على حكومة لم تطرح أى سياسات فعالة لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة ابتداء من الانفلات الأمنى وانتهاء بالحديث عن المجاعة القادمة بعد أقل من شهرين.. لماذا استعداء كافة القوى السياسية بهذا الشكل المريب؟ المحافظات تعلن غضبها وتحرج الرئيس وحكومته فى مشاهد لم تشهدها مصر فى أحلك وأسوأ عصورها السياسية والاقتصادية منذ قرنين من الزمان.. أين برنامج الحكومة وقدرتها على وقف التدهور السياسى والاقتصادى والاجتماعى وانعكاساته من نزيف الدم والمال طوال الشهور السابقة؟ ما هى المهام التى يجب على هذه الحكومة اتخاذها وتدبيرها من قبل مؤسسة الرئاسة التى تصر وتزداد اصرارا على بقائها رغم هذا الخراب الذى يدمر البلاد. لا مجال الآن للحديث عن أية إنجازات إلا بالرضاء والتوافق التام بين كافة الأطياف والقوى السياسية، ولا مجال إطلاقا لاستمرار سياسة العناد والانتقام والثأر والانفراد بالقرارات من قبل الرئاسة .. حتى لا يأتى يوم الانقلاب .. وللحديث بقية.