أصدر الدكتور كمال بريقع، المدرس بقسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، دراسة علميَّة جديدة بعنوان: "قراءة جديدة في فكر العقاد في ضوء التحدِّيات الراهنة". أكَّد فيها أنَّ الأزمات التي تعيشها أمَّتنا المصرية في وقتنا الراهن تستدعي الرُّجوع إلى تراث عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد؛ للخروج من المأزق الحالي الذي تشهده البلاد، حيث يرى العقاد "أنَّ الأمَّة التي تحاول أنْ تنهض وتتقدَّم هي أحوج ما تكون إلى الحرية والإيمان معًا؛ لأنَّ الحريَّة بغير إيمان حركة آليَّة حيوانيَّة أقرب إلى الفوضى والهياج منها إلى الجهد الصالح والعمل المسدَّد إلى غايته. وتابعت الدراسة ناقلة عن العقاد قوله: "أنَّ شريعة الإسلام هي أسبق الشرائع إلى تقرير الديمقراطية الإنسانية، وهي الديمقراطية التي يكسبها الإنسان؛ لأنها حقٌّ له يخوله أنْ يختار حكومته، وليست حيلة من حِيَلِ الحكم لاتِّقاء شر أو حسم فتنة، ولا هي إجراء من إجراءات التدبير تعمد إليها الحكومات؛ لتيسير الطاعة والانتفاع بخدمات العاملين وأصحاب الأجور". وطالب الدكتور كمال بريقع في دراسته بضرورة استلهام مواقف العقاد التي ضرَب بها أعظم الأمثلة في الوطنية المخلصة بعيدًا عن التحزُّب والتعصُّب والتشرذُم والأنانية السياسيَّة، فكان رحمه الله نموذجًا في حِرصِه على إعلاء مصالح الوطن ووضعها فوق كلِّ اعتبار.. متجردًا عن كل المطامع الدنيوية، كما أنَّه استطاع أنْ يرسخ معالم الوسطية الإسلامية، وتقديم القُدوة الصالحة للمجتمع الذي كادت أنْ تغيبَ فيه القدوة من خلال سلسلة العبقريات.. وكان سبَّاقًا بفكره وسابقًا لعصره، ولم يكن يشغلُه شيء سوى الدِّفاع عن الحق والوصول للحقيقة.. الحقيقة الخالصة بعيدًا عن إغراءات المناصب أو البحث عن الجاه أو المال. وأشارت الدراسة إلى أنَّ العقاد استطاع أنْ يُبرز عظمة الدين الإسلامى من خِلال عقد المقارانات بينه وبين الأديان الأخرى، وفي نفس الوقت استطاع أنْ يُظهر احترامًا كبيرًا لأصحاب تلك العقائد، مع البُعد عن الجدَل العقيم، الذى لا يُفضِي إلا إلى خلْق الكراهية والحقد والضَّغينة والشحناء بين أتباع الدِّيانات المختلفة - وتلك معادلة صَعبة قلَّما تتحقَّق في كثيرٍ من دراسي علم الأديان - مؤكدًا على أفضليَّة الإسلام؛ لشموله لمطالب الروح وارتقائه بالعقائد والشعائر فى آفاق العقل والضمير، وخُلوص هذه العبادات والشعائر من شوائب الملل الغابرة. يُذكر أنَّ اسهامات العقاد - الذى لم يحصل على سوى الشهادة الابتدائية - تجاوزت مؤلَّفاته المائة كتاب، بالإضافة إلى مقالاته التى تبلغ نحو ستة آلاف مقالة، كما أنَّ هناك أكثر من خمسين رسالة ماجستير ودكتوراه تناولت الجوانب المختلفة للتراث (الفكري والديني والأدبي والفلسفي... إلخ) الذى خلَّفه لنا العقاد. وتأتي الدراسة بمناسبة الاحتفال بذكرى وفاة محمود العقاد صاحب العبقريات والذي رحل عن عالمنا يوم 12 مارس 1964م. تجدر الإشارة إلى أنَّ الباحث له اهتمامات بتراث العقاد، كما أنَّه حصل على دكتوراه الفلسفة في مقارنة الأديان سنة 2010م في موضوع "إسهامات عباس محمود العقاد في علم مقارنة الأديان".