أثارت تعليمات الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء بإلزام الجمعيات الأهلية بالحصول علي موافقة مبدئية قبل ممارسة أي نشاط من أنشطتها غضب جميع العاملين في قطاع العمل الأهلي، واعتبرت الجمعيات أن هذه التعليمات ردة الي الوراء منها فرض المزيد من القيود علي العمل الأهلي في مصر من أجل التستر علي ممارساتها السلبية غير الشرعية التي تتيح لها إفساد الحياة السياسية وتنفيذ برامجها الخاصة التي تخدم مصالحها ومصالح أعضائها فقط وكان الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء قد أصدر تعليماته الي الدكتورة نجوي خليل وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية بعدم الموافقة علي قيام أي جمعية أهلية بممارسة أي نشاط دون الحصول علي موافقة الأمن وموافقة الوزارة أيضا وبناء عليه قامت الوزارة بإرسال خطابات الي بعض منظمات المجتمع المدني تتضمن اشتراط حصولهم علي موافقة الأمن للبدء في تنفيذ أي برنامج سواء كان برنامجا تدريبيا أو أي نشاط حقوقي، بالإضافة الي اشتراط موافقة الأمن للحصول علي منح أجنبية. وأكد عمرو مغيث مسئول البرنامج العربي لحقوق الإنسان أن تعليمات رئيس مجلس الوزراء بشأن الجمعيات الأهلية الخاص باشتراط موافقة الأمن علي الأنشطة وكذلك المنح الأجنبية تعتبر سرطانا في جسد دولة القانون في مصر حيث تنتهك التعليمات القانون الخاص بالجمعيات الأهلية وتضرب به عرض الحائط وذلك من عدة نواح أولا: أن القانون نظم عملية تلقي التمويلات والمنح الخارجية تنظيما مقيدا ومعقدا ومرهقا ويكاد يمنع تلك التمويلات إلا بإذن من وزير الشئون الاجتماعية بحسب نص المادة 17 من القانون والمواد 56 و57 و58 من لائحته التنفيذية ومن ثم وفي حالة وجود تلك الموافقة فإن القول بإعادة اتخاذ رأي الجهات الأمنية مرة ثانية يعد خروجا علي أحكام هذا القانون وعصفا بالحقوق الموجودة به والمقيدة بحسب أحكامه. ثانيا: أنه لا وجود لما يسمي بالجهات الأمنية في قانون الجمعيات رقم 84 لسنة 20023 والنص في التعليمات علي ضرورة الرجوع الي الأمن يكون قد أتي بما ليس في القانون وغني عن القول أن التعليمات الإدارية هي أدني مرتبة من التشريعات السارية ولا يجوز لها مخالفتها. ثالثا: أن هذه التعليمات جاءت تنفيذا لنص المادة 11 من مشروع القانون الجديد للجمعيات الأهلية، الذي أعدته وزارة الشئون الاجتماعية مع جماعة الإخوان المسلمين حيث يجري نص المادة 11 الجديد المدني من النظام الحاكم. رابعا: أن هذه التعليمات حتي لو صدرت من مؤسسة الرئاسة فهي تعليمات باطلة لا تمت للقانون ولا لدولة القانون بصلة ولكنها تعليمات سياسية تخدم فصيلا معينا، وتهدف الي القضاء علي أحد أركان الدولة الديمقراطية ونقصد به المجتمع المدني وتضرب شراكته مع الدولة في عملية التنمية في مقتل، وتقتل عملية الرقابة الشعبية عبر إغلاق ومنع وتقويض مؤسساتها المتمثلة في الجمعيات الأهلية وتكاد تقصرها علي أعمال البر والإحسان. وأشار عمرو مغيث مسئول البرنامج العربي الي أن وزارة الشئون الاجتماعية بدأت في تطبيق تعليمات رئيس الوزراء حيث خاطبت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في 11 فبراير الجاري والتنبيه عليها بتنفيذ التعليمات. أكد مغيث أنه لن يناشد مجلس الوزراء ولن يطالب مؤسسة الرئاسة فهي مطالبات ومناشدات علمنا النظام الحاكم الجديد أنه لا يلقي لها بالا ولا يصغي لها، وإنما يطالب البرنامج المؤسسات الحقوقية والتنموية بضرورة العمل معا ولو لمرة واحدة لوقف هذا العدوان باسم القانون علي دولة القانون وعلي مؤسسات المجتمع المدني، لعله النداء الأخير قبل الإجهاز علي نضال 30 عاما في الدفاع عن حقوق الإنسان وعن دولة الشرعية والقانون. ويري محمد زارع رئيس المنظمة المصرية لحقوق السجناء أن جماعة الإخوان المسلمين منذ وصولها الي سدة الحكم وهي تحاول تقييد عمل الجمعيات الأهلية عدا جمعية الإخوان المسلمين خاصة ما يتعلق بالمنح الأجنبية فمنذ وصول الرئيس مرسي الي سدة الحكم وقد زاد الخناق ضد المجتمع المدني بدليل تصريحات الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء الأخيرة حول المنح الأجنبية التي طالب فيها بضرورة عدم الحصول علي المنح قبل موافقة الجهات الإدارية دون التطرق للمنح الداخلية نظراً لأن جميع المنح التي تحصل عليها جماعة الإخوان المسلمين هي منح داخلية. يطالب «زارع» بضرورة معاملة جميع الجمعيات الأهلية بالمثل فما ينطبق علي الإخوان المسلمين ينطبق علينا ونحن سوف نتقبله فإذا كانت الرقابة الهدف منها الشفافية فسوف نوافق عليها جميعا ولكن إذا كان الهدف منها هو التعطيل فلن نقبلها ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الممارسات بل سوف نتصدي لها بكل ما نملك. وقال «زارع» لا يجوز تبييض منح وتسويد منح أخري فما ينطبق عليهم ينطبق علينا لذا لابد من المعاملة بالمثل فإذا كانت المنح بالإخطار أو أي وسيلة أخري لابد أن تلتزم جماعة الإخوان المسلمين بها فلا يجب تمييز الإخوان عن بقية الجمعيات الأهلية وهو ما تسعي الحكومة اليه الآن بدليل أن مشروع قانون الجمعيات الجديد ابتكر مصطلحا جديدا وهو مصطلح «الهيئة الجامعة» وبالتأكيد تم وضع هذا المصطلح من أجل عيون الإخوان حيث يجعلها تنشئ مقرا في الداخل له فروع في جميع بلدان العالم وكأنها دولة يمثلها سفارات في بلدان العالم وقد يكون عملها يهدد الأمن المصري فلا يجب أن تستغل جماعة الإخوان وصولهم الي سدة الحكم من أجل تفصيل قانون علي مقاسها يخدم أهدافها ومصالحها. وأضاف: المشكلة أن الحكومة تتعامل دائما مع المجتمع المدني علي أن القائمين عليه مشكوك في ولائهم وهذا أمر مرفوض وللأسف لم يطرأ علي العلاقة بين الجمعيات والحكومة أي تغيير عقب الثورة نفس الأسلوب، نفس الأشخاص، نفس الفكر، دون أدني تغيير علي عكس ما كنا نتصور.