صمت «الإخوان» الآن يقلقني للغاية. بل ويخيفني بشدة.. تري ماذا يخططون له.. وماذا يعدون.. أم يترقبون انهيار جهاز الشرطة بحكم أنه إحدي القوتين المسلحتين في مصر هي والجيش.. هل ينتظرون انهيار الشرطة فيضج الناس خوفاً وهلعاً فيستنجدون بأي قوة تحميهم.. فلا يجدون أمامهم إلا «قوة الاخوان» أي ميليشيات الاخوان. وما أدراكم ما ميليشيات الاخوان التي تسير علي نهج ميليشيات حماس التي حلت محل شرطة السلطة الفلسطينية.. فأقاموا دولة حماس في غزة.. ** أخشي فعلاً ما تجيء به الأيام القادمة في ظل انهيار قوة الشرطة، التي هي أداة السلطة المدنية التي تفرض الأمن وتوفر الأمان للناس.. فهل ما يجري هو ما خطط له «الاخوان». وكنا نقول إن العداء بين الناس والشرطة قد انتهي باندلاع ثورة 25 يناير.. وفجأة وجدنا من يشعل هذا العداء من جديد. الآن الشرطة نفسها تثور.. تثور علي وزيرها. وترفض تنفيذ تعليماته بسبب عدم تجهيزه للشرطة كما يجب، حتي تستطيع مواجهة البلطجية وتتصدي لتطور الأسلحة التي في أيديهم.. وهي أسلحة لم تتوقف عند «المقروطة» أو الخرطوش.. أو الأسلحة القديمة بل تعدت كل ذلك إلي الأسلحة الآلية بكل أنواعها بينما ظل تسليح الشرطة يقف عند المسدسات حلوان.. فكيف لهم يواجهون أسلحة البلطجية.. المتطورة. ** ولم يجد ضباط الشرطة أمامهم إلا «العصيان» هم أيضاً.. وهاهم أغلقوا العديد من أقسام الشرطة في القاهرة والجيزة. وفي الاسكندرية وبورسعيد.. وفي الاسماعيلية والسويس.. ووصل الأمر الي عمق الدلتا، في المحلة الكبري والمنصورة.. وفي أعماق الصعيد، في أسيوط.. فهل ينتظر «النظام» أن تسقط هيبة السلطة بسقوط الشرطة حتي يجدها النظام فرصة لنزول رجالهم وربما أيضاً نسائهم.. والكل يعلم أن الشرطة تمتلك ملفات كاملة «للاخوان» بدليل أنهم لم ينزلوا لميدان التحرير ولم يشاركوا في الثورة الا مساء يوم 28 يناير، أي بعد أن سقطت الشرطة وانهارت سلطتهم و ما الهجوم علي مقر أمن الدولة في مدينة نصر و إتلاف كل ما به من ملفات الا مقدمة لنزول الاخوان.. ومشاركتهم في الثورة في مساء اليوم الرابع.. من الثورة!! ** ويبدو أن ذلك هو وسيلة جديدة لإعادة هيكلة جهاز الشرطة علي هوي الاخوان.. يعني يعملوها «علي رواقة» ولا يجدون من يعترض عليها من الناس.. الذين يضجون الآن من غياب الأمن.. وغياب الشرطة. هنا يجب أن نراقب جيداً كل ما يجري تجاه الشرطة.. ويجب ألا نسمح بتدمير هذه القوة التي لم يكن أي اخواني يجرؤ علي لمس زرار بدلة عسكري شرطة.. فما بالنا بما يجري الآن. ونسأل هنا: من يقف وراء عمليات تدمير ما بقي من جهاز الشرطة ومن يعمل علي تفكيك هذه القوة.. ولمصلحة من .. نعم نعترف أنه كانت هناك تجاوزات رهيبة من بعض رجال الشرطة تجاه المواطنين.. وقد كشفت «الوفد» مرات عديدة عمليات التعذيب التي كانت تجري في بعض أقسام الشرطة.. ولكن هذه كانت تتم بتعليمات من بعض القيادات وكان يكفي احالة هؤلاء الي الاستيداع واخراجهم من الخدمة.. ومحاكمتهم.. وان نغير من سلوكيات الشرطي. لأنه في النهاية ابني وأخي.. وعمي وخالي.. وقد كانوا يعملون بتوجيهات القيادات التي كانت مستعدة لعمل «عجين الفلاحة» تنفيذاً لهذه التوجيهات. ** ولم أسمع أو أقرأ عن تصفية جهاز شرطة في أي بلد في العالم.. حتي أيام «بيريا» وزير الأمن لنظام الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين لأن اعداد شرطة جديدة يحتاج الي سنوات طويلة لا يتحملها غياب الأمن عن الشارع المصري. ثم لماذا دائماً ما يأتي وزراء الداخلية علي غير هوي ورغبة كبار رجال الشرطة.. ولماذا لا يكون وزير الداخلية رجلاً مدنياً كما هو الحال في معظم الدول، بل كان ذلك يتم أيضاً في كل حكومات مصر قبل ثورة يوليو 1952. وكان الوزير المدني للداخلية وقتها ينفذ فلسفة الأمن الذي لا يرهب إلا المجرمين.. ** مرة أخري: هذا الصمت الاخواني تجاه ما يجري في مصر أمام هذا الانفلات الأمني.. هل هو مقدمة لكي يستنجد الشعب بقواته المسلحة لتعيد الأمن للناس.. والأمان للشارع.. رغم كل مخاوفنا من حكم العسكر.. حقاً ما يجري يخيفني علي مصر بكرة.. وبعد بكرة!!