أثير مؤخراً جدل واسع النطاق حول تصفية بنك الاستثمار القومى وخروجه من عباءة الدولة ونسبت حكاية التصفية بتعليمات من صندوق النقد الدولى فى مراجعته الأخيرة للاقتصاد المصرى.. تفاصيل كثيرة وحقائق غائبة تضمنتها تقارير من هنا وهناك وأعمال تدور داخل البنك فرضت الكثير من الشكوك فى اتجاة تخلى الدولة عن بنك الاستثمار القومى وتصفيته نهائياً للتخلص من الديون العامة وسط تكهنات وتخمينات فرضها البعض وسرد حولها الكثير من التقارير والنتائج فماذا يدور داخل بنك الحكومة؟. وهل هناك معلومات أخفتها الحكومة عن مصير البنك؟ وما علاقة صندوق مصر السيادى بما يجرى؟ تفاصيل القضية تكشفها السطور التالية... لا أحد ينكر اهمية بنك الاستثمار القومى ودورة فى تعبئة المدخرات الوطنية والاستثمارات الاجنبية لتمويل خطط التنمية للدولة حيث جاءت فكرة إنشاءه عقب حرب 1973 واتفاقية السلام فى ظل حاجة الدولة للتنمية وتنفيذ الخطط الخمسية للتنمية/ وقد أنشئ بنك الاستثمار القومى بالقانون رقم 119واصدره الرئيس محمد أنورالسادات بتاريخ 17 يونيو 1980. ويتولى البنك تمويل كافة المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وذلك عن طريق الإسهام فى رؤوس أموال تلك المشروعات أو عن طريق مدها بالقروض أو غير ذلك من الوسائل، ومتابعة تنفيذ تلك المشروعات. وقام البنك خلال ما يزيد على 40 عاماً بأكبر عملية لتعبئة المدخرات المحلية لاستخدامها فى تمويل إنشاء وتنفيذ المشروعات المدرجة ضمن خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتتالية للدولة، وقد ساهم ذلك فى إنشاء بنية أساسية ضخمة فى كافة المجالات أضافت طاقات إنتاجية هائلة أدت إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتحقيق معدلات نمو عالية على مدى العقود الماضية. وقد استطاعت هذه الاستثمارات تنفيذ ثروة قومية من الأصول غطت كامل الجمهورية شملت إنشاء محطات توليد كهربائية وشبكات لنقل وتوزيع الكهرباء، ومحطات وشبكات المياه والصرف الصحى، فضلاً عن شبكات الطرق والكبارى والسكك الحديدية والموانئ والزراعة والرى والخدمات والإسكان والمدن الجديدة والمشروعات التعدينية وغيرها من مجالات النشاط الاقتصادى. وبلغت قيمة الاستثمارات التى قامت الدولة بتنفيذها وتولى بنك الاستثمار القومى تمويلها ومتابعتها خلال الفترة السابقة للجهات الحكومية والهيئات والوحدات الاقتصادية مئات المليارات من الجنيهات، وأن القيمة الحالية لتنفيذ تلك المشروعات أضعاف هذا المبلغ. كما يساهم البنك فى العديد من الشركات المشتركة فى عدد من قطاعات الأنشطة الاقتصادية الرئيسية مثل الأسمدة والبترول والبنوك والخدمات المالية والصناعات الغذائية والتنمية العمرانية والصناعات المعدنية ومواد البناء والسياحة، إلى جانب عدد من المؤسسات العربية. وتم نقل تبعية البنك بالقرار رقم 418 فى عام 2001 من وزارة التخطيط الى وزارة المالية وقت ان كان الدكتور يوسف بطرس غالى وزيراً للمالية وإعادة المجلس العسكرى برئاسة المشير حسين طنطاوى الى وزارة التخطيط مرة اخرى بالقرار 285 فى 20 مايو 2012 ليظل كذلك حتى الآن. وفى مرحلة نقل البنك للمالية واستمرت 11 عاماً كان الهدف منها الذى تفتق عنة فكر وزير المالية انذاك الدكتور يوسف بطرس غالى هو حاجة المالية لسد العجز المتواصل فى الموازنة العامة بالحصول على اموال صناديق التامينات والمعاشات وحدث فى هذا الوقت وبعدة تشابكات مالية للبنك مع جهات الدولة الادارية حتى اصبحت الامور المالية أكثر تعقيدا ووصفها الخبراء بانها دائرة جهنمية يصعب تفكيكها وهو مايواجههة المسؤليين اليوم من محاولات فض لهذه التشابكات والمديونيات التى أثرت على مسيرة البنك. وقد بلغت التشابكات المااية للبنك مع كل من الحكومة وجهاتها الادارية من جانب ومع الهيئات الاقتصادية من جانب آخر نحو463.1 مليار جنية فى نهاية مارس 2020 منها 389.2 مع الحكومة و74.1 نع الهيئات الاقتصادية وانخفض حسب آخر بيان فى يونيو من نفس العام الى 421 ملياراً منها 347.2 مليار مع الحكومة و73.8 مليار مع الهيئات الاقتصادية وفى مارس 2020 بلغت ودائع البنك بالجهاز المصرفى 9.5 مليار جنيه وارتفعت ودائعة بالبنوك فى نهاية يونيو الى 13مليار ومديونيته 713.1 مليار جنيه. وبلغت قيمة القروض المساهمة فى الشركات القابضة والشركات التابعة والقروض الميسرة الأخرى صافى مديونية البنك مطروحاً منها المديونيات البينية نحو 292.1 مليار جنيه فى نهاية يونيو. وقد بدأت الحكومة منذ أكثر من أربع سنوات محاولات فض التشابكات المالية وخفض المديونيات المستحقة للبنك من خلال مبادلة الديون بأصول وأراضى يحصل عليها البنك من تلك الجهات وبالفعل تمكنت الحكومة من حل الكثير من المديونيات فى هذا الملف مع التامينات والاوقاف والسكة الحديد والكهرباء وغيرها وتضمنت عملية فض التشابكات مبادلة ديونه لدى الجهات الحكومية بأراضٍ غير مستغلة وحصل بالفعل على مجموعة من الأصول من بينها أرض المعارض، وأرض مكتبة الإسكندرية فى مدينة 6 أكتوبر، مقابل إسقاط ديون السكة الحديد وذلك أيضاً فى اطار خطة إعادة هيكلة البنك وتحسين وضع المالية العامة للدولة. وقد أشارت وزارة التخطيط إلى تسوية نحو 155 مليار جنيه تشابكات مالية للبنك مع الجهات الحكومية. ويعد فض التشابكات المالية أيضاً جزءاً من عملية إعادة هيكلة البنك وتطويره، حيث أعلنت الحكومة منذ ثلاث سنوات عن وضع خطة لإعادة هيكلة بنك الاستثمار القومى فنياً وإدارياً وقامت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط بتشكيل لجنة متخصصة من أفضل الكفاءات فى الدولة تضم خبراء قانونيين لوضع تصور لإعادة هيكلة البنك، ليواكب التطورات الجارية فى الساحة الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية. وأسندت عملية تقييم البنك الى مؤسسة ديلويت العالمية وقالت أنه يتم السعى نحو تعديل قانون إنشاء البنك، باعتباره الإطار القانونى والتشريعى الذى من خلاله يتم إعادة هيكلته، وبالتالى الانطلاق ليصبح ضمن البنوك الاستثمارية وفقاً للمعايير الدولية. ومع تخارج البنك من مساهماته بعدد من الشركات فى اطار خطة التطوير وحصول صندوق مصر السيادى على بعض الاصول وكذلك مع بيع شهادات ادخار المجموعة أ و'ب ' وج للبنك الاهلى تقوقع البنك ما دفع كثيرين للحديث عن تصفيته. ورأى اقتصاديون ضرورة الإبقاء على دورة فى تمويل المشروعات الاستثمارية مع اهمية تطويرة لمواكبة المتغيرات الحديثة وبما يخفف من حجم الدين العام المحلى. ومن جانبه، يرى الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب الخبير الاقتصادى أنه من الواضح أن هناك اتجاهاً حالياً لتعديل وضع البنك القانونى، والمالى مع نفى الحكومة ما تردد من تقارير عن تصفيته، حيث يعتقد البعض أن وجود البنك هو المحفز الأساسى للحكومة لزيادة إصدار أوراق الدين، أو قبول الودائع والقروض بعيداً عن رقابة البنك المركزى. وقال ان إعادة الدور الأصيل للبنك، باعتباره محدداً لشكل الخطة الاستثمارية، وتوفير التمويل والمتابعة لمشروعات الاستثمار الحكومى أفضل كثيراً من تصفيته. خاصة أن أصوله كثيرة ومتناثرة، وصعب أن تديرها اى جهة تؤول إليها هذه الأصول.كما أن إدارة مديونية البنك للكثير من الجهات وفى مقدمتها أموال التأمينات والمعاشات سوف تكون صعبة جداً. وقالت أنطوانيت سايح، نائبة المدير العام والرئيسة بالنيابة فى صندوق النقد، إن الانتهاء فى الوقت المناسب من خطة إعادة هيكلة بنك الاستثمار القومى يعد أمرًا مهمًا لتقليل المخاطر المالية، ووصفت نائبة المدير العام والرئيسة بالنيابة فى صندوق النقد، أجندة الإصلاح الهيكلى للحكومة بأنها طموحة بشكل مناسب. وبشكل نهائى نفى أشرف نجم، نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك الاستثمار القومى صحة ما يتم تداوله حول تصفية بنك الاستثمار القومى. وأكد نجم أنه يتم حاليًا العمل على تنفيذ خطة لإعادة هيكلة البنك كانت الحكومة قد أعلنت عنها قبل 3 سنوات، وهى خطة وضعتها اللجنة المسؤولة عن إعادة هيكلة البنك تضم عدداً من الخبراء والمتخصصين، ويجرى تنفيذها فى إطار الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد. وأشار نائب رئيس مجلس الإدارة إلى أن المحاور الأساسية لخطة إعادة هيكلة البنك تتمركز فى العمل على جدولة التزامات البنك وسدادها خلال الفترة القادمة وفق جدول زمنى واضح ومتفق عليه، وفض التشابكات المالية بين البنك والمؤسسات الحكومية التى تم إنجاز جزء منها بالفعل مع عدد من المؤسسات الحكومية حصل البنك بمقتضاها على عدد من الأصول ذات القيمة العالية، بالإضافة إلى تعظيم العوائد من الاستثمارات القائمة. وأشار الى أنه يتم العمل على تنمية وتعظيم قيمة أصول البنك بما يمكنه من القيام بدوره المحورى فى الاقتصاد القومى، مشيرًا إلى أن ذلك يتواكب مع تنفيذ عملية هيكلة إدارية من خلال وضع هيكل إدارى له يتوافق مع دوره ومتطلباته فى المرحلة القادمة. وتأتى خطوات الحكومة لإعادة هيكلة مديونيات بنك الاستثمار القومى، لتسهم فى تخفيض الدين العام، وتعظيم دور البنك فى الاقتصاد القومى، ودفع عجلة التنمية. وقالت وزيرة التخطيط إن هناك ثلاثة محاور يتم العمل عليها لإعادة هيكلة مديوينات بنك الاستثمار القومى، الأول تسوية المديونيات مقابل مبادلة بعض الأصول أو الأراضى أو الحصص فى الشركات العامة من الجهات المختلفة، والثانى: طرح أسهم البنك فى مجموعة من الشركات بالبورصة، وهناك عروض يتم التنسيق بشأنها مع لجنة الطروحات، وهو ما سيوفر سيولة للبنك، والثالث: تعديل القانون الخاص بالبنك، حيث تتولى ذلك حالياً لجنة بها متخصصون. وأوضحت هالة السعيد وزيرة التخطيط أنه لأول مرة حالياً أصبح هناك لجنة للاستثمار فى البنك، وأخرى للمراجعة الداخلية، وثالثة للحوكمة، مؤكدة أن إدارة بنك الاستثمار القومى تسير وفق تعليمات البنك المركزى. وقد تم حصر أصول الدولة غير المستغلة نن خلال لجنة مختصة بهدف تقييم هذه الأصول، ونقل ملكيتها لبنك الاستثمار القومى، لخفض مديونية الجهات المالكة لها لدى البنك. كما ان تخارج البنك من بعض مساهماته يأتى فى اطار خطة الهيكلة الجارية حاليًا ولإنهاء عدد كبير من التشابكات المالية ضمن خطة إنهاء المديونيات. ووفق ما تراه الحكومة من طرح بعضها فى البورصة المصرية. وقد أسهم البنك خلال الفترة الماضية فى 11 شركة جديدة بلغ جملة رؤوس أموالها نحو 4.8 مليار جنيه، وحصة البنك فيها نحو 1.8 مليار جنيه، مشيرةً إلى أبرز تلك الشركات وهى شركة إن أى كابيتال التى تعد الذراع الاستثمارية للبنك، كما قام البنك بالإسهام فى زيادة رؤوس أموال 17 شركة من الشركات التى يسهم فيها بنحو 1.7 مليار جنيه. وتوجد لدى بنك الاستثمار القومى حصة تبلغ 69% فى شركة المدفوعات الإلكترونية المملوكة للدولة «إى فاينانس»، وحصص فى شركات أخرى بقطاعى البتروكيماويات والتعدين. ويمتلك بنك الاستثمار القومى حصة قدرها 24.8% فى شركة أبوقير للأسمدة و12.8% فى شركة مصر لإنتاج الأسمدة (موبكو) و6.9% فى شركة سيدى كرير للبتروكيماويات. ويعكف الصندوق السيادى والمجموعة المالية هيرميس على إتمام عملية الاستحواذ على حصة قدرها 76% من بنك الاستثمار العربى – الذى يمتلك بنك الاستثمار القومى 91.42% من أسهمه. و44% من رأسمال شركة الصالحية للاستثمار والتنمية التى تنتج السلع الأساسية. ويمتلك البنك حصصاً فى مجموعة من الشركات الأخرى المدرجة فى البورصة، بما فى ذلك 40.7% من البنك المصرى لتنمية الصادرات، و25.3% من إيجيترانس، و20% من مصر بنى سويف للأسمنت، و10% من مصرف أبوظبى الإسلامى -مصر، و9.6% من مصر للأسمنت -قنا، و3.7% من مدينة نصر للإسكان والتعمير، و1.1% من شركة المالية والصناعية المصرية.