يبدأ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الرابع والعشرين من فبراير الحالي أولى جولاته الخارجية بعد توليه منصبه الجديد، وذلك بزيارة تسع دول تتوزع في أوروبا والشرق الأوسط، وتشمل جولته أربع دول عربية، وهي مصر والسعودية والإمارات وقطر. ولن تشمل جولة كيري زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية على اعتبار أنه سوف يرافق الرئيس باراك أوباما في زيارته المقررة لإسرائيل الشهر المقبل. ونقلت وسائل الإعلام عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، أن من بين الموضوعات المهمة التي سوف يناقشها كيري خلال الرحلة "مواجهة التحدي الذي يشكله المتطرفون الساعون إلى خطف بعض ثورات الربيع العربي" مما يعني ضمنا أن المحادثات التي سيجريها مع الزعماء السياسيين وقادة المجتمع المدني في مصر ومع القادة الخليجيين ستتمحور حول الإخوان المسلمين والسلفيين، حيث كان جون كيري قد أعلن قبل توليه لمنصب وزير الخارجية في جلسة استماع لأعضاء مجلس الشيوخ، أن جماعة الإخوان المسلمين تحتاج لأن تكون قادرة على احترام التنوع في مصر، وهو ما لم يحدث بالطريقة التي تريدها الولاياتالمتحدة، وأوضح كذلك في تلك الجلسة أنه كان أول أمريكي يجتمع مع مرسي قبل أن يصبح رئيسا لمصر بل حتى دون أن يعلم أنه كان مرشحا أصلا للرئاسة، وتحدث معه عن رؤية الولاياتالمتحدة بشأن التوجه الديمقراطي لجماعة الإخوان المسلمين. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجود أرضية مشتركة للتحاور بين هذه الدول العربية الأربع تتمثل في قضية الحراك السياسي الناتج عن ثورات الربيع العربي، وأن الأمر لا يرتبط فقط بالشأن السوري ولكن أيضا موضوع جماعات الإسلام السياسي التي سببت انقساما في أوساط الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، وهناك قلق متنامٍ في بعض الدول من برامج هذه الجماعات الإسلامية، إذ يتخوف البعض من أن تؤدي هذه الجماعات إلى توسيع هوة الخلافات بين الدول العربية بدلا من توحيدها، ولا ينبع تخوف هؤلاء من ازدياد وتيرة التوتر بين بعض الدول العربية فحسب، ولكن حتى على مستوى الدولة الواحدة كما في حالة مصر، بعدما بدا واضحا أن هناك خلافا عميقا بين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين من أجل الاستحواذ على أكبر قطاع من الشارع المصري. حيث تعتبر السعودية المهد الحنين لجماعة السلفيين، ومصر المعقل الحصين للإخوان، وقطر الداعمة للشعوب العربية، والإمارات المتخوفة من تنامي نفوذ الجماعات الإسلامية - وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين - على أراضيها، وسبق أن أشار وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في مؤتمر صحفي في شهر أكتوبر من العام الماضي، أن بعض الجماعات الإسلامية تستغل نفوذها وقدراتها على التأثير لانتهاك سيادة الدول وقوانينها وأنظمة حكمها. وحيث إن كثيرا من المحللين والمختصين لا يؤمنون بنظرية المؤامرة من خلال الدور الذي لعبته أمريكا في الربيع العربي وعلاقتها بالأنظمة الجديدة، إلا أنه لا بد من التنقيب والبحث عن الدور الأمريكي في رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط، ومن هنا يأتي السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل يستطيع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حل هذا الانقسام بين الأنظمة العربية بخصوص الجماعات الإسلامية؟ نقلا عن صحيفة الشرق القطرية