اعرب الأزهر وعلماء الدين عن أملهم في تحسن العلاقة المتوترة بين الفاتيكان والمسلمين، آملين أن تفتح استقالة البابا بندكيت السادس عشر بابا الفاتيكان الباب مجدداً في خلق أجواء الاحترام اللازم لاستئناف الحوار بين الجانبين، حيث تعرضت العلاقات بين مؤسسة الأزهر والفاتيكان للانقطاع والجمود منذ عامين وذلك بسبب تصريحات البابا بندكيت حول الاسلام ووضع المسيحيين في الشرق الاوسط والتي أثرت سلبا على العلاقات بين مؤسستي الأزهر والفاتيكان حتى وصلت لدرجة التجميد منذ عامين، حيث أعلن الأزهر 20 يناير 2011 تجميد الحوار مع الفاتيكان الى أجل غير مسمى بسبب ما اعتبره «تهجم البابا بندكيت السادس عشر المتكرر على الاسلام». وأكد العلماء أن قرار تجميد الحوار بين الأزهر والفاتيكان أتى نتيجة ما اعتبره تدخلاً في الشأن الداخلي المصري وهو أمر مرفوض، كما أن حماية الأقباط في مصر يرجع الى كونهم مواطنين مصريين تحميهم الحكومة وقوانينها كما تحمي سائر المواطنين. وأضافوا ان المسيحيين عاشوا في الشرق يساهمون في بناء الحضارة لمدة 14 قرناً زمن الفتح الاسلامي دون أن يحميهم أحد، حيث لم يكن وقتها هناك أمم متحدة أو دولة كبرى أوغير ذلك. وكان بندكيت السادس عشر قد ربط بشكل غير مباشر بين الاسلام والعنف في خطاب له في جامعة ريجينسبرج في مدينة ميونيخ الالمانية في سبتمبر 2006 وهو الأمر الذي أثار تظاهرات غاضبة في العالم الاسلامي. كما أدان في يناير 2011 حادث تفجير كنيسة القديسين في مدينة الاسكندرية شمال مصر، في أول أيام عام 2011 داعيا الى حماية المسيحيين في مصر، ودعا اكثر من مرة الى حماية مسيحيي الشرق الأوسط وطالب الاتحاد الاوروبي باتخاذ موقف موحد بهذا الشأن. وانتابت المؤسسات والهيئات الدولية حالة من القلق عقب إعلان مجمع البحوث الاسلامية في اجتماعه الذي عقد في مارس 2011 برئاسة د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف تعليق الحوار مع بابا الفاتيكان بندكيت السادس عشر لأجل غير مسمى. وجاء قرار المجمع نتيجة خلفيات قديمة تدخل فيها بابا الفاتيكان بندكيت السادس عشر في الشأن الاسلامي بالنقد والتجريح، وانتهاء بما أعلنه عقب أحداث كنيسة القديسين بالاسكندرية مطالباً المجتمع الدولي بحماية أقباط مصر، وقد حاولت وساطات دولية عديدة خلال الفترة الماضية التدخل لحل الأزمة بين الطرفين، ورفض الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عودة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان إلا بعد اعتذار صريح من البابا عن كل ما بدر من إساءة للاسلام والمسلمين، وأكد شيخ الأزهر أن العلاقة بين المسيحيين الكاثوليك والمسلمين لا غبار عليها لكن العلاقة على المستوى الرسمي مع رأس الفاتيكان متجمدة وينتظر الأزهر أن يمحو الفاتيكان إساءته. وأكد الإمام الأكبر أن ملياراً و800 مليون مسلم ينتظرون هذا الاعتذار متسائلا: لمصلحة من يساء للاسلام والمسلمين في ظل هذه الادعاءات المتتالية؟ وأضاف الطيب ان الأزهر كان ينتظر أن يستمر البابا في استكمال مسيرة يوحنا بولس الثاني الذي كان يحظى باحترام المسلمين وكان يقدره الجميع ويسعى لعلاقات طيبة معهم، مشيراً الى أن بندكيت بدأ للاسف بزرع الاشواك في طريق العلاقات بين المسلمين والمسيحيين وينسف أرض الحوار. والآن بعد اعلان استقالة بندكيت السادس عشر جاءت رغبة الأزهر الشريف في إقامة علاقة ودية مع الفاتيكان، وقال الأزهر في بيان له: انه في ظل الظروف والتغيرات الجديدة في دولة الفاتيكان يأمل الأزهر الشريف في علاقات ودية يسودها الاحترام والتقدير المتبادل بين الطرفين. وصرح الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر لحوار الاديان، «بأن استعادة العلاقات مع الفاتيكان تتوقف على الاجواء الجديدة التي سيخلقها البابا الجديد»، لافتا أن المبادرة الآن في يد الفاتيكان لتحسين العلاقات ونحن نرجو بالطبع أن يكون هناك تقدم في العلاقات». وأرجع عزب تدهور العلاقات بين الفاتيكان والأزهر الى «تراكم مواقف وإهانات كثيرة ضد المسلمين»، مشدداً على أن «الأزهر رد عليه حينها». كما صرح الشيخ يوسف القرضاوي رئيس هيئة علماء المسلمين بأن هيئة علماء المسلمين قررت مقاطعة الفاتيكان بعد تصريحات البابا التي أساءت للاسلام في ميونيخ لكن الآن شاء القدر ان نستكمل الحوار بعد اختيار بابا جديد» وأضاف: «ونحن متفائلون». وأكدت الدكتورة آمنة نصير - أستاذ الفلسفة والعقيدة جامعة الأزهر - أن البابا بندكيت السادس عشر كان له مواقف غير حميدة، مشيرة الى أن بندكيت سبق وأن اعتذر لليهود عن المحرقة وعندما طلب منه نفس الشىء للعالم الاسلامي رفض، وقالت أتمنى أن البابا القادم يكون أكثر حميمية مع العالم العربي والاسلامي، وأن تعطي العناية الإلهية للكرسي البابوي رجلاً يكون له إضافة وايجابية، مشيرة الى أن الحوارات بيننا وبين الفاتيكان كانت طويلة وتتمنى أن تعود. وأكدت د. آمنة أن الحضارة الاسلامية والعقيدة التي استوعبت العقائد السابقة لم تتصادم مع المسيحيين ومن حسن استيعاب الاسلام للآخر كان الإقبال على الاسلام لأنه دين جاء لجميع البشر.