اعتبر عدد من علماء ورجال الدين المسلمين، أن قدوم بابا جديد يفتح الباب مجددا لتحسين العلاقة المتوترة بين الفاتيكان والمسلمين، آملين أن يخلق البابا الجديد أجواء الاحترام اللازمة لاستئناف الحوار بين الجانبين. وكان البابا بنديكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان، أعلن أمس، بشكل مفاجيء استقالته التي تشكل سابقة في تاريخ الكنيسة، مرجعا الأمر إلى تقدمه في السن. وقال الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر لحوار الأديان، إن "استعادة العلاقات مع الفاتيكان تتوقف على الأجواء الجديدة التي سيخلقها البابا الجديد"، وتابع "المبادرة الآن في يد الفاتيكان لتحسين العلاقات ونحن نرجو بالطبع أن يكون هناك تقدما في العلاقات". وأرجع عزب، تدهور العلاقات بين الفاتيكان والأزهر إلى "تراكم مواقف وإهانات كثيرة ضد المسلمين"، مشددا على أن "الأزهر رد عليه حينها". من جانبه قال الشيخ يوسف القرضاوي رئيس هيئة علماء المسلمين، "سبق وقررنا في هيئة علماء المسلمين مقاطعة الفاتيكان بعد تصريحات البابا التي أساءت للإسلام في ميونيخ لكن الآن شاء القدر أن نستكمل الحوار بعد اختيار بابا جديد" وأضاف "ونحن متفائلون". ورغم انخراط مؤسستي الأزهر والفاتيكان في جولات من الحوار البناء، خاصة في عهد البابا يوحنا بولس الثاني، إلا أن تصريحات البابا بنديكتوس حول الإسلام ووضع المسيحيين في الشرق الأوسط أثرت سلبا على تلك العلاقات حتى وصلت لدرجة التجميد. وكان بنديكتوس السادس، ربط بشكل غير مباشر بين الإسلام والعنف في خطاب له في جامعة ريجينسبرج في مدينة ميونيخ الألمانية في سبتمبر 2006، وهو الأمر الذي أثار تظاهرات غاضبة في العالم الإسلامي. كما أدان في يناير 2011 حادث تفجير كنيسة القديسين في مدينة الإسكندرية، شمال مصر، في أول أيام عام 2011 داعيا إلى حماية المسيحين في مصر. وعلى الأثر قرر الأزهر، تجميد علاقاته مع الفاتيكان لأجل غير مسمى بسبب "ما تكرر صدوره من بابا الفاتيكان أكثر من مرة من تعرضه للإسلام بشكل سلبي، ومن ادعائه اضطهاد المسلمين للآخرين الذين يعيشون معهم في الشرق الأوسط". بدوره، يعتقد خبير العلاقات الدولية وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر حسن وجيه، أن الفرصة مواتية لاستعادة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان لكنه دعا الطرفين لتبني أسس جديدة لعلاقتهما. وقال وجيه "الخطأ الكبير أن يتم اختزال العلاقة بين المؤسستين في أشخاص.. لابد أن تكون العلاقة بينهما علاقة كيانات"، في إشارة لتصريحات البابا المستقيل التي أدت إلى انقطاع العلاقة بين المؤسستين. وأضاف وجيه "البابا الجديد مطالب بأسس جديدة للعلاقات مع المسلمين والأزهر أولها الاعتراف بالمشاكل الراهنة وفتح نقاش لتجاوزها، ثانيا عدم الوقوع في فخ المعلومات المغلوطة، ثالثا دعم الاحترام المتبادل ورابعا تحقيق التوازن السياسي والعدل والمنطق في علاقة الفاتيكان بالمسلمين وبالأديان والدول الأخرى". من جهة أخرى قلل الدكتور أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، من شأن المخاوف من تأثير صعود تيار الإسلام السياسي مع ثورات الربيع العربي على العلاقة مع الفاتيكان وقال إن "الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية مثل الحرية والعدالة في مصر ربما ترحب بالحوار من منطلق حرصها على تلميع صورتها خاصة قيم التسامح". وأضاف الشريف، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية "كذلك لا أعتقد أن ترفض الأحزاب السلفية التي لديها حساسية تقليدية من الحوار بين الأديان ذلك بسبب علمها أن الحوار شكلي بالأساس". واعتبر إجمالا أنه "لم يكون للإسلاميين تأثير سلبي على فرص الحوار" مشيرا مع ذلك إلى أن "الأزهر نفسه بعد الثورة يواجه بحرا عميقا من القضايا والمشاكل له الأولوية على الحوار مع الآخر". وقال الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، "المطلوب من البابا الجديد هو عدم مهاجمة الإسلام ودعم العلاقات مع الأزهر بشكل متكافىء وأن يكون أساس العلاقات بين الطرفين هو أن الأديان تكمل بعضها ولا تنافس بعضها". ويدور حوار الأديان حول إقرار مفاهيم السلام والتعايش بين الشعوب، والقضاء على نزعات التعصب والتطرف الديني وإعلاء القيم الإنسانية وهو الأمر المطلوب من أجل تحقيق جزء من السلام العالمي.