بعد تسعير القمح الروسي ب 250 دولار للطن. التموين: لدينا مناشئ أخرى    حزب الله يتبنى الهجوم على إسرائيل بانفجار طائرة مسيّرة جنوب حيفا    إسرائيل ومخطط الترتيبات الأمنية فى الإقليم    بيراميدز يحدد موعد السفر إلى الإمارات استعدادا للسوبر المصري    الخدمات الرقمية والشمول المالي، ندوة بمركز التنمية الشبابية بالمنصورة    تحرير 26 محضر مخالفات اشتراطات صحية وبيئية بالمنوفية    وليد فواز: مقدرش أقدم شخصية ضد المجتمع.. وهذه أعمالي المقبلة | حوار    هل صلاة التسابيح تكون بتشهد؟ أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة يستقبل وفدا من دولة الإمارات لبحث فرص الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية    التعادل السلبي يحسم ودية الإسماعيلي وفاقوس    تشواميني قبل لقاء بلجيكا: حب كيليان مبابي لمنتخب فرنسا لا يحتاج لإثبات    قائد القوات الجوية: ماضون بكل عزم في الحفاظ على أمن الوطن ومقدساته ضمن منظومة القوات المسلحة    مدبولى: التشغيل الأحادى للسد الإثيوبى يؤدى إلى عواقب وخيمة    وسط حالة من التركيز.. منتخب الشاطئية يواصل استعداداته لكأس أمم أفريقيا    إسماعيل فرغلي يبكي حزنًا على فراق زوجته: «ياما ضحت علشاني»    أحد الناجين من حادث قطار المنيا: «الرحلة تحولت إلى كابوس في لحظة»    واتس اب وإيميل.. الحوار الوطني ينشر وسائل التواصل مع المواطنين للرد على استفسارات الرأي العام    شركة استادات تتحمل تكاليف علاج وتأهيل يوسف حسن لاعب الكرة ومنتخب مصر.    موعد مباراة الجزائر وتوجو والقنوات الناقلة في تصفيات أمم أفريقيا 2025    طبيب سعودي يوضح تطورات إصابة ياسين بونو ومدة غيابه    "لو أبعدناهم من سيتواجد؟".. عضو رابطة الأندية يرد بقوة على حسام حسن    رئيس معهد التخطيط القومي: قضية البيانات محرك أساسي للتنمية الاقتصادية    صحيفة ألمانية: الرئيس الأمريكي جو بايدن سيزور برلين الجمعة المقبلة    الحكم على متهم ب«أحداث اقتحام قسم كرداسة» 12 نوفمبر    ضبط سيدة متهمة بإدارة كيان تعليمى "بدون ترخيص" بالإسكندرية    «مدبولي» يلتقى محمود محيي الدين بمناسبة انتهاء مهام عمله بصندوق النقد    الجامعة العربية: تمكين الشباب على رأس أولويات الحكومات العربية    تكريم المرشدين الأكاديميين باللقاء التعريفي لكلية التربية بجامعة قناة السويس    عضو «العالمي للفتوى»: هذه العبادة تفتح أبواب الرزق والخير (تعرف عليها)    مفتي الجمهورية يتوجَّه إلى أوزباكستان للمشاركة في مؤتمرين عِلميَّيْنِ    حملة «100 يوم صحة» تقدم أكثر من 115 مليون خدمة مجانية خلال 73 يوماً    جالانت: لن نسمح لحزب الله بالتواجد مرة أخرى بالقرى الموجودة على الحدود    «برغم القانون» الحلقة 21.. تهديد لعابد عناني وصراع مع إيمان العاصي    «5 دقائق».. تعليمات جديدة من التعليم بشأن التقييمات والاختبارات الشهرية لصفوف النقل    ضبط مخابز تتلاعب فى أوزان الخبز بالإسماعيلية وإحالة أصحابها للنيابة    بكين: اختلافات كبيرة مع الاتحاد الأوروبي على رسوم السيارات الكهربائية    محافظ المنوفية يستقبل مدير صندوق مكتبات مصر العامة    أسباب الإصابة بالربو عند الأطفال    "الخادم والكتاب المقدس" في لقاء خدام "شرقي المنيا"    السعودية تعلن إتاحة 4 مطارات لإدارة القطاع الخاص خلال 2025    رئيس مجلس قروي "تل": استمرار الانتهاكات الإجرامية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني    رئيس جامعة الأزهر: 10 معجزات علمية في القرآن أذهلت العالم كله    صحيفة إسرائيلية تكشف عن خسائر تل أبيب جراء الهجوم الإيراني الأخير    الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" المجاني على مسرح 23 يوليو بالمحلة ضمن مبادرة "بداية"    حجز الحكم على المتهم في قضية أحداث مركز كرداسة    عالم أزهري يرد على السؤال المحير ل عمر كمال بشأن أمواله: ربكم أعلم    بالصور.. نائب سفير إندونيسيا يزور الدقهلية ويشاهد عرض للفلكلور الشعبي    للمسنين نصيب من الخير.. التحالف الوطنى يمد يد العون للأسر الأكثر احتياجا ولجميع الفئات العمرية    الطبيب المصري محمد توفيق يكشف للقاهرة الإخبارية سر نجاح 33 عملية في 13 ساعة بغزة    وفر تمويل للأنشطة.. النائب طلعت عبد القوي يستعرض مزايا قانون الجمعيات الأهلية الجديد    الأحوال المدنية تستخرج 23 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    زراعة المنوفية: عقد 35 ندوة توعية والموافقة على ترخيص 18 مشروعا زراعيا    مصطفى شعبان يبدأ تصوير مسلسله الجديد حكيم باشا للعرض رمضان المقبل    الداخلية تواصل حملاتها لضبط حائزي المخدرات والأسلحة في 12 محافظة    استعدادًا للأمطار.. رئيس "صرف صحي الإسكندرية" يتفقد محطات ومشروعات المنتزه - صور    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف مخيم البريج: 5 شهداء وعدد من المصابين    رئيس الوزراء: الوصول للماء أصبح من أبرز التحديات الإنسانية بسبب تنامي الحروب    أسباب انتشار تطبيقات المراهنات في المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد خفاجى: وحدة المصالح المشتركة للدول المتشاطئة تفرضه الملكية المشتركة للمورد الطبيعى والاستخدام العادل للنهر
نشر في الوفد يوم 19 - 05 - 2021

نواصل عرض أهم أحكام محكمة العدل الدولية من خلال أحدث دراسات الفقيه المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى المعروف بأبحاثه العلمية الوطنية بعنوان :" مسئولية الأمم المتحدة وحقوق مصر التاريخية فى مياه نهر النيل والاستقرار القضائى لمحكمة العدل الدولية توثيق لعداون إثيوبيا على قواعد الأنهار . دراسة تحليلية فى ضوء تدخل الأمم المتحدة فى النزاعات المائية النظيرة حماية للدول المتشاطئة من الإضرار بها , والمبادئ التى استنتها محكمة العدل الدولية فى وحدة المصالح للمجارى المائية لبيان عدوان إثيوبيا على مياه نهر النيل ", وهو الموضوع الذى توليه مصر موضع الأهمية القصوى ويشغل بال المجتمع الدولى ويؤثر على استقرار المنطقة بأكملها , ونظرا لما تعرضه إثيوبيا من مغالطات للمجتمع الدولى وجب تنوير الرأى العام العربى والإفريقى والعالمى وفقا لقواعد العلم القانونى والانصاف والتاريخ وأحكام محكمة العدل الدولية .وهو ما يتناوله الفقيه فى الجزء السادس من الدراسة للمبد السادس للمحكمة الدولية.
يقول الدكتور محمد خفاجى تعتبر قضية نهر الأودر من أكبر القضايا التى عبرت بوضوح ودقة عن فكرة وحدة المصالح المشتركة للدول المتشاطئة والملكية المشتركة للمورد الطبيعى الذى يتقاسمه دولتان فأكثر ووجوب الاستخدام العادل , ومن أهم القضايا التي ساهمت في تطوير قانون المجاري المائية الدولية دالة على نظرية وحدة المصالح بمناسبة حديث المحكمة عن تعريف الفروع المتعلقة بمقاطع نهر أودر، التي ينبغي أن يطبق عليها نظام حرية الملاحة المنصوص عليه في معاهدة فرساي .
ويشير الدكتور محمد خفاجى أنه قد اشتركت فى هذه القضية الكبيرة عدة دول هى كل من ألمانيا والدنمارك فرنسا والمملكة المتحدة والسويد وتشيكوسلوفاكيا ضد بولندا، وكان أصل النزاع يتعلق بالولاية الإقليمية للجنة الدولية لنهر أودر , إذ أسست معاهدة فرساي لجنة دولية لإعادة نظام العمل باللوائح الدولية المتعلقة بنهر أودر وروافده. فاعترضت بولندا ولم توافق على تأكيد اللجنة للولاية القضائية على روافد النهر داخل أراضيها البولندية, على سند من أن الروافد "قابلة للملاحة".
ويذكر أنه قد عرض النزاع برمته على محكمة العدل الدولية الدائمة في ظل عمل عصبة الأمم، وقد أكدت المحكمة في قرارها الصادر بتاريخ 10 سبتمبر 1929 على عدة نقاط جوهرية على قمتها نظرية وحدة المصالح عندما عرفت الفروع المتعلقة بمقاطع نهر أودر، التي ينبغي أن يطبق عليها نظام حرية الملاحة المنصوص عليه في معاهدة فرساي، وقضت المحكمة بأن تخضع الملاحة في نهر الأودر لمراقبة لجنة دولية فى الأحوال التى لم تسمح حكومة
أحد روافد نهر الأودر الذي يجري في " Warta" البولونية للجنة بالإشراف على نهر "الفارتا" ، وانتهت المحكمة إلى أن الاختصاص يمتد إلى الروافد القابلة للملاحة داخل الأ راضي البولندية تأسيساً على أن عبارة" نهر دولى " تنطبق على كل ما له صلة بنظام النهر، بما في ذلك الروافد التي تصب في النهر في بولونيا .
ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن المحكمة الدولية قد عرضت لتأصيل دقيق وهى تفصل فى النزاع المشار إليه إلى فكرة جوهرية أضحت من قبيل الاستقرار القضائى لها فى جميع أحكامها اللاحقة الحاكمة للأنزعة المائية للأنهار الدولية تتمثل فى وحدة المصالح المشتركة للدول المشاطئة , نافية فكرة مجرد حق المرور لصالح دول المنبع . و قالت المحكمة في هذا الشأن : " أن وحدة المصالح على النهر، تشكل قاعدة لوحدة الحق التي من آثارها الأساسية المساواة التامة بين الدول المشتركة في استعمال النهر على طول مجراه ، واستبعاد أي امتياز لأحد الشركاء تجاه الآخرين " وقد علق الفقيه " Tim STEPHENS" على هذا الحكم مقرراً أن المحكمة رسخت نظرية " وحدة المصالح"، بما يؤكد أن المورد الطبيعى الذى يتقاسمه اثنان أو أكثر من الدول المشاطئة هو ملكية مشتركة ويجب أن يخضع للاستخدام العادل من قبل جميع الدول المشتركة فيه , وذلك قبل صدور أية اتفاقية دولية حينذاك تنظم أمور المجرى المائى الذى تتشارك فيه أكثر من دولة .
ويشير تتلخص وقائع النزاع النهرى فى أنه بموجب معاهدة فرساي لعام 1919 - الفقرة الأولى من المادة 331- ، يتعبر نهر أودر نهرًا دوليًا. ووفقا للفقرة الثانية فإن جميع الأجزاء الصالحة للملاحة من أنظمة الأنهار هذه والتي توفر بطبيعة الحال لأكثر من دولة منفذًا إلى البحر , وبموجب المادة 341 من المعاهدة ، تم وضع أودر تحت إدارة لجنة دولية تتألف من ممثلين عن بولندا وألمانيا وبريطانيا العظمى وتشيكوسلوفاكيا وفرنسا والدنمارك والسويد. وتتمثل مهمة هذه اللجنة تحديد أقسام النهر أو روافده التي سيُطبق عليها النظام الدولي , وتمثلت الخلافات بين بولندا وأعضاء اللجنة الآخرين فى تحديد الوقت الذى يجب أن ينتهي
اختصاص اللجنة فيما يتعلق برافدين من روافد أودر: نيتزي (نوتيك) ومارثي (وارتا( فبينما ترى بولندا أن اختصاص اللجنة ينتهى عند النقطة التي عبر فيها كل نهر الحدود البولندية ، بينما رأى الأعضاء الآخرون في اللجنة أنه ينبغي أن تكون النقطة التي توقف فيها كل نهر عن الملاحة ، حتى لو كانت هذه النقطة تقع داخل الأراضي البولندية .
وقد طلبت ألمانيا والدانمرك وفرنسا وبريطانيا العظمى والسويد وتشيكوسلوفاكيا من المحكمة أن تعلن أن اختصاص اللجنة الدولية امتد ليشمل أقسام Warthe و Netze الواقعة في الأراضي البولندية على سند من نظام برشلونة الأساسي لعام 1921 فى تعريف الممرات المائية الصالحة للملاحة ذات الاهتمام الدولي ، ومعاهدة فرساي - المادة 331 - شروط الملاحة , بينما اتخذت الحكومة البولندية رأيًا مخالفًا وطلبت من المحكمة أن تعلن أن اختصاص اللجنة الدولية لا يمتد إلى هذين القسمين من Warthe و Netze الواقعين في الأراضي البولندية.
ويوضح الدكتور محمد خفاجى قد لاحظت المحكمة أن بولندا لم تصدق على الاتفاقية ولا على النظام الأساسي لبرشلونة ومن ثم لا يمكن الاستشهاد بأي منهما ضد بولندا ، وبناءً عليه استندت في حكمها حصريًا إلى معاهدة فرساى , وقد فسرت الفقرة الثانية من المادة 331 من معاهدة فرساي التي تنص على ما يلي: " جميع الأجزاء الصالحة للملاحة من أنظمة الأنهار التي توفر بشكل طبيعي لأكثر من دولة إمكانية الوصول إلى البحر." وفرقت بين النهر الدولي والوطني فالأول يجب أن يكون صالحًا للملاحة وأن يوفر بشكل طبيعي لأكثر من دولة إمكانية الوصول إلى البحر. وقد اعتبرت بولندا أن مقاطعة Warthe و Netze في الأراضي البولندية توفر فقط لبولندا منفذًا إلى البحر ، بينما حافظت الحكومات الست على العكس بالوصول إلى البحر لدول أخرى.
ويختتم الدكتور محمد خفاجى أن محكمة العدل الدولية الدائمة استندت في حكمها إلى مفهوم "مجتمع المصالح" للدول المشاطئة ، فعندما نكون أمام نهر دولى وممر مائى واحد يمر أو يفصل أراضي أكثر من دولة واحدة ، فإن متطلبات العدالة تستلزمها اعتبارات المنفعة المشتركة ، كما أن حل المشكلة ليس في فكرة حق المرور لصالح دول المنبع ، ولكن في مصلحة مجتمع الدول المشاطئة , ويصبح هذا المجتمع المهتم بالنهر الصالح للملاحة أساسًا لحق قانوني مشترك ، وتتمثل سماته الأساسية في المساواة الكاملة بين جميع الدول المشاطئة في استخدام مجرى النهر بأكمله واستبعاد أي امتياز تفضيلي لأي نشاط دولة بالنسبة للآخرين ومضت المحكمة لتؤكد أن اختصاص اللجنة الدولية لأودر امتد ليشمل أقسام روافد نهر أودر ووارث ونيتزه الواقعة في الأراضي البولندية.
وبالتالى يبين من هذا الحكم أن التصرف الأحادى من إثيوبيا يتعارض تعارضا صارخا مع الاستقرار الدولى لقضاء محكمة العدل الدولية الدائمة ويبين فى ذات الوقت عدالة ما تطالب به مصر المجتمع الدولى من حقوق تاريخية لحل تلك الأزمة.
وسوف نواصل عرض الجزء السابع من دراسة الفقيه المصرى عن تحليله لأهم أحكام محكمة العدل الدولية وما قررته من المبادئ المؤيدة للموقف المصرى والداعمة لحقوق مصر التاريخية على مياه نهر النيل بما لا ينتقص من حصصها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.