كل جرائم البلطجة وأعمال القتل والحرق والسلب والتحرش تواتيها الظروف والملابسات لنجاحها علي النحو الذي تشهده الحياة المصرية الآن، وكلما حل موعد مسيرات وتجمعات أياً كانت وجهاتها، وهؤلاء مازالت أجهزة الدولة تصر علي أن الذين يقومون بذلك ينتسبون إلي الشباب الثائر الذي يقوم علي أكتافه جمع الحشود وانتظامها!، وأجهزة الدولة تعلن أن هناك تحقيقات شتي تجري مع الذين «يندسون» ضمن الحشود المتظاهرة لارتكاب أعمال العنف والتخريب والحرق والتدمير، ولكن هذه الأجهزة تفضل ألا تعلن عن أسماء الذين تجري معهم التحقيقات!، وتصر كذلك علي إخفاء أسماء الجهات الخارجية والأفراد ممن يقفون وراء الانفاق علي هذه العناصر المندسة من البلطجية والمجرمين!، حتي بعد أن صرح بهذه المقولة رئيس الدولة نفسه الذي شاء ألا يفصح عن حقيقة ذلك!، ولازلنا رهائن حالة من التجهيل للذين صدرت قرارات لجلبهم علي ذمة التحقيق!، وما تعلن أسماء الذين أفرج عنهم في أعقاب كل احتشاد!، كما أنه قد أصبحت من عاداتنا اليومية استقبال أخبار حوادث تقع في هذه الاحتشادات المتظاهرة ما بين قتلي وجرحي، وتعمد هذه العناصر التي لا تمت للثوار ولا للثورة بصلة مهاجمة الدور الحكومية ومؤسسات الدولة بحيث وصل الأمر إلي العدوان بالحرق وانتزاع الأبواب مما لا يمكن لثائر متظاهر أن يفعله!، وهو ما أكد عليه جيدا رئيس الوفد د. السيد البدوي في تصريح صحفي مؤخرا باسم حزب الوفد وسائر الأحزاب المشاركة في جبهة الانقاذ عندما ذكر «أن هذه الأعمال التي يحاول البعض نسبها لشباب الثورة هي محاولة الإساءة لشباب طاهر خرج في سلمية يعبر عن غضبه ورفضه لما آلت إليه ثورته التي سقط في سبيلها زملاؤه ولم يتحقق هدف واحد من أهدافها حتي الآن، والذين يمارسون هذه الأفعال مجرمون في حق مصر وثورتها، بل مثل هذه الأعمال هي من أساليب الثورة المضادة، بهدف الإساءة لشباب الثورة والمعارضة الوطنية، فالثائر لم ولن يحمل زجاجة مولوتوف أو كرة لهب أو يعتدي علي مؤسسة عامة أو خاصة». ولما كان ذلك كله صحيحا، خاصة أن الوفد قد وقع مع الذين يشاركونه في جبهة الإنقاذ قد وقعوا جميعاً علي وثيقة الأزهر بنص صريح علي نبذ العنف، فلا يبقي إذن ما تدعيه الدولة وتحمل القوي السياسية المعارضة مسئوليته كلما كانت لهذه القوي تظاهرة أو مسيرة.. لا يبقي غير السخف الذي يعمل علي تضليل المواطنين!، الذين أصبحوا يقومون وينامون - دون أن يكونوا طرفا في أي «تحرك سياسي أو عمل من خلال قوي المعارضة» علي الأحداث البشعة التي تتخلف عن كل مسيرة أو احتشاد!، ما جعل هناك قطاعات واسعة في الرأي العام تتشاءم عند نشر خبر يشير إلي تنظيم مليونية أو مسيرة وشيكة، فالمعني الثابت عند هذه القطاعات حتي الآن ما ينتظرهم من متاعب مع قطع الطرق وسدها أمام الناس!، والتحرش الذي يبدو سافراً - ليس بالإناث فقط - بل والتحرش بعناصر الأمن التي ترابط عند المؤسسات العامة!، ولا يصبح أمام الدولة والحال كذلك، وما تدعيه الدولة من أن لديها الكثير من المعلومات المتعلقة بالذين وراء التخريب والتدمير الذي يلاحق ويرافق كل تظاهرة من أعداء الثورة في الداخل والخارج، لا يصبح أمام الدولة سبيل لإنهاء هذه الأوضاع المتدنية إلا تقدمها بشجاعة واضحة نحو حوار حقيقي ينهض علي اتخاذ إجراءات فعالة للقضاء علي هذا العنف الذي استشري!، وإذا كانت قوي التيار الإسلامي يمكنها أن تبدأ بنفسها في التخلي عن تهديداتها لمعارضيها بملايين أكبر بكثير من أعداد جماهير تجمعات المعارضين، كما ظهر ذلك سافرا في تهديد معلن لقطب جماعة الإخوان «خيرت الشاطر»!، وساعتها لن يكون إطلاق التجمعات لجماهير مختلف القوي «محل مباراة» بين القوي الحاكمة من جانب، والقوي السياسية المعارضة من جانب آخر!، ولن يجد أعداء الثورة ومن يدفعون بهم مكانا للانطلاق إلي ارتكاب الجرائم مستظلين بمظلة تظاهرات وحشود الثوار السلميين الغاضبين.