بعد هذا الطوفان من المظاهرات التى اندلعت فى كل أرجاء مصر، ماذا تنتظر جماعة الإخوان المسلمين من المصريين؟!.. لقد خرجت مصر أمس الأول لتقول رأيها صراحة فى حكم المرشد، وتابعه فى مؤسسة الرئاسة، والجماهير الغفيرة فى كل ميادين التحرير بالقاهرة والمحافظات فاقت الجماهير التى خرجت يوم «25 يناير 2011» لتسقط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، لماذا لم يخرج الرئيس مرسى على الأمة، ويعلن انسحابه من المشهد السياسى ويترك السلطة؟ ولماذا تتمسك «الجماعة» بالسلطة بهذا الشكل، والجماهير عبرت عن رأيها صراحة وبشكل واضح بضرورة رحيل هذا النظام؟! إذا كانت حجة «الجماعة» أن الرئيس جاء بصندوق الانتخابات، فإن الديمقراطية الحقيقية ليست صندوقاً انتخابياً وحسب، وخروج الجماهير بهذا الطوفان الذى لم يحدث من ذى قبل علامة مهمة على رفض المصريين حكم الإخوان، وعلى الرئيس أن يتخلى عن السلطة استجابة لرأى هذه الجماهير فى التو والحال.. من حق المصريين الذين اختاروا «مرسى» رئيساً أن يطالبوه حالياً بالرحيل، طالما أن الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ، خاصة بعد إصابة المصريين بخيبة أمل كبيرة فى نظام الحكم الجديد، فى أول نظام مدنى بعد حكم المؤسسة العسكرية الذى دام أكثر من ستين عاماً.. لقد انهار حلم الشعب فى الحياة الكريمة التى كان يأمل أن تحققها ثورته الرائعة، وشعار الثورة «عيش.. حرية.. كرامة إنسانية» تحطم على عتبة الإخوان. فى ظل هذه الظروف البالغة السوء، تعانى البلاد حالة انهيار اقتصادى لم يسبق أن تعرضت له على مدار تاريخها الطويل، ولا حتي أيام الاحتلال الإنجليزى، فأيام الاستعمار كانت بريطانيا مدينة لمصر!!!. إن ما يحدث لم يعد المواطن يتحمل أكثر منه، وضاقت صدور الناس باتباع سياسة الكذب والخداع والمراوغة، فى ظل حكم جديد كان الجميع يتعشم فيه أن ينتشل البلاد من كبوتها للعبور إلى بر الأمان والحياة الكريمة وحجة التمسك بالصندوق الانتخابى فى ظل هذا الفشل الذريع والدولة الفاشلة الحاكمة حديث لا مجال له الآن، فثورة الجماهير الغاضبة التى انتفضت فى كل ربوع مصر كفيلة وحدها بالرد على دعاوى التمسك بالصندوق الانتخابى الذى جاء بجماعة الإخوان إلى سدة الحكم.. لا شرعية هنا غير رأى المصريين الذين خرجوا جماعات وحشوداً قالت رأيها بكل صراحة ووضوح، وهذه الصراحة لا تعرف تدليس أو تزوير الانتخابات والتربيطات وما شابه ذلك. الرئيس مرسى نفسه قال هذا الكلام الذى أتحدث فيه قبل أن يصل إلى كرسى الرئاسة، والآن هو وجماعته يتنصلون بتثبيت، ولا يبالون به، رغم أن شرعية الشارع هى التى خلعت «مبارك» وأتت بمرسى.. ومدة الستة أشهر التى تولى فيها «مرسى».. الحكم كفيلة للحكم على سياسته الفاشلة، وسياسة جماعته الاستبدادية فهؤلاء انشغلوا بتثبيت أركانهم وأخونة الدولة على حساب باقى الشعب المصرى الذى يواجه المر بكل أشكاله وألوانه وصفوف العذاب فى توفير لقمة العيش فى ظل حكم جماعة لا تعرف إلا سياسة الإقصاء والاستحواذ، والنيل من كل وطنى فى البلاد، اتباع سياسة تكميم الأفواه، وتخوين الناس وتجويعهم. يبقى إذن ماذا تنتظر «الجماعة» من المصريين؟!.. هل تنتظر أن يقاتل الناس بعضهم البعض، حدث ذلك، «هل ننتظر انهياراً اقتصادياً وأمنياً أبشع من هذا؟.. وقد حدث ذلك أيضاً.. الأحداث تزداد سوءاً والواقع مرير والإخوان لا يشغلهم سوى تثبيت حكمهم، ومصر تتهاوى إلى هوة سحيقة والأعداء يتربصون بها الدوائر.. والرئيس مشغول فيما لا ينفع الناس من قريب أو بعيد.. والله يتولانا برحمته فهو نعم المولى ونعم النصير.