إلى متى يظل كل شعب مصر متعلقًا بحكاية الأموال المنهوبة.. التى هى بلا آخر ولا أحد يعرف حجمها الحقيقى.. ولكن الحقيقة الوحيدة المؤكدة هى أن هناك من يحرك هذه الحكاية ويدفع بها إلى الإعلام كلما ضعف الكلام عنها وكأن المطلوب منا - ومنها - أن ننسى ما نعانيه.. لنسكت عن المطالبة بما هو تحت أيدينا.. بالبحث عما هو بعيد عنها!! والحقيقة الوحيدة تقول إن هناك أموالاً مهربة.. وجرائم مال شارك فيها المفسدون السابقون.. ولكن كم هي؟ لا أحد يعرف على وجه اليقين.. وتمادى الإعلام، أو من «يسخن» القضية فترتفع أرقام هذه الأموال.. حتى قال البعض إنها مئات المليارات.. فهل هناك أمل فى استعادتها؟ ولكن ليس هناك بصيص ضوء عن احتمالات استعادة هذه الأموال ودائما ما يهرب المفسد بالغنيمة التى نجح فى تهريبها.. ولكن التاريخ يقول لنا إن شعوبًا أخرى استطاعت استعادة بعض أموالها المهربة. ولكن ليس كلها. ها هى الفلبين التى حكمنا فردناند ماركوس بين عامى 1965 و1986 وكان وزوجته ايميلدا يحكمان بلادهما بالحديد والنار ونجحا فى نهب ثروات البلاد وتهريبها للخارج بعد عصر رهيب من الفساد وقامت ثورة شعبية قادها كورازون أكينو. وهرب ماركوس وعاش فى هاواى ينعم بثروته إلى أن مات ودفن عام 1993. وحاولت الفلبين استعادة هذه الأموال المهربة.. ونجحت فقط فى استعادة 4 مليارات دولار و300 قطعة فنية بعد صراع استمر ربع قرن ولكن باقى الثروة وهو الأكبر وقدره 6 مليارات مازال مهربًا وإن نجحت الفلبين فقط فى الحصول على آلاف الأحذية خاصة بزوجته ومن بين هذه الثروة 600 مليون دولار بقيت فى بنوك سويسرا. والطريف أن زوجته ايميلدا انتخبها الشعب عضوا بالبرلمان عام 1996 رغم كل المحاكمات التى خضعت لها.. وهكذا دائما معظم الطغاة الذين هربوا أموال شعوبهم من زين العابدين والقذافى والأسد وضاعت هذه الأموال من أصحابها الأصليين. ولا أقول ذلك لكى نتوقف عن المطالبة بأموالنا المهربة.. ولكن يجب أن نقول الحقيقة للناس.. فلا نخدعهم حتى يظلوا أسرى الأرقام غير الدقيقة التى يرددها الإعلام بحسن نية فى الظاهر.. وسوء نية فى الباطن. أما الذين ينعمون بهذه الأموال فى النهاية - فهى البنوك الأجنبية فى سويسرا وفى إسبانيا.. وفى جزر البهاما.. فقط لا تتعلقوا «بالحبال الدايبة» حتى لا يعيش الناس معكم على الأمل الخادع. والحل أن تحافظوا على ما بقى من أموال مصر.. حتى لا ينجح مفسد آخر فى القفز عليها.. أقول ذلك وأنا أتمنى أن ننجح فى استعادة ما يمكن استعادته من هذه الأموال المصرية الأصيلة.