نشرت شبكة "روسيا اليوم" الروسية الإخبارية اليوم السبت، موضوعًا تحليليًا عن ضعف نفوذ الولاياتالمتحدةالأمريكية في المنطقة، بعد لعبها دورًا في إثارة فوضى خارجة عن السيطرة في الربيع العربي ومغازلتها للقوى الإسلامية المتصاعدة. وتخلت الولاياتالمتحدة في العام الماضي عن مزيد من مواقعها على الحلبة الدولية، ملقية جزءًا من مسؤولية المشكلات الكونية على اللاعبين الآخرين، ومغازلة الراديكالين أملاً باستيعابهم في نظامها العالمي. ويتدنى أيضًا نفوذ الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط، حيث يبدو أن الأمريكيين يعملون على خلق فوضى خارج السيطرة بدلاً من "الفوضى تحت السيطرة". وعندما بدأت في البلدان التي شهدت "الربيع العربي"، تحركات جماهيرية معادية للولايات المتحدة سرعان ما تحولت السفارات الأمريكية في الشرق الأوسط إلى حصون تحاصرها حشود فقدت صوابها، وأخذ خصوم "أوباما" يتحدثون عن انهيار السياسة التي أعلن عنها الرئيس في الخطاب الذي ألقاه في القاهرة. وتقول مجلة "ذي ويكلي ستاندرد" الأمريكية المحافظة إن لعبة "باراك حسين أوباما" انتهت بالخسران، فقد كان واضحا منذ البداية أن الغزل مع "الإخوان المسلمين" وغيرهم من الراديكاليين السُنة لن يؤدي إلى أي شيء يسر الخاطر. بل أنها ساعدت في وصول قوى تحظى بدعم الشارع العربي إلى السلطة، ولكنها لا تقبل الأمريكيين أبدًا. وتقول مجلة "ذا أميريكان سبيكتاتور": "إن أوباما ارتكب الخطأ نفسه الذي ارتكبه سلفه "جورج بوش" الإبن، فكان ساذجًا إذ افترض أن إقامة الديمقراطية في بلدان الشرق الأوسط سيكون لمصلحة أمريكا". وبهدف الوصول إلى الزعماء "الديمقراطيين" الذين ظهروا مؤخرًا، فإن أوباما خان في العام 2011 - دون تأنيب الضمير - حلفاء واشنطن المخلصين ك"حسني مبارك" في مصر، و"بن علي" في تونس، ولم يعترض على وصول حكومة نصفها من أعضاء القاعدة إلى السلطة في ليبيا، واعتبر الإرهابيين السابقين "ساسة علمانيين ومعتدلين". غير أن ذلك لم يزد في رصيد أوباما، بل ربما على العكس، إذ أن رئيس الولاياتالمتحدة الأسمر صار ينظر إليه في العالم العربي كشخص ضعيف، غير قادر على صون مصالح دولته في المنطقة، وسيبقى إلى الأبد متذللاً أمام "المقاتلين في سبيل الله". ومن الواضح لمعظم المحللين أن أمريكا رحبت بفوز مرشح "الإخوان المسلمين" الدكتور "محمد مرسي" في الانتخابات المصرية الرئاسية. وفي واشنطن تم على الفور منع الأحاديث التي ترددت عن أن "مرسي" لن يكون أقل استبدادًا من سلفه "مبارك". وربما كانت الحجة في ذلك أنه كان طالبًا في أمريكا، ودرس عدة سنوات في جامعة كاليفورنيا، وأولاده مواطنون أمريكيون. وعندما منح "مرسي" نفسه صلاحيات لا محدودة، وأجرى استفتاء أسفر عن إقرار دستور "إسلامي" بالرغم من الاحتجاجات الجماهيرية، اكتفى الأمريكيون بإبداء الحيرة. ومع ذلك، فإن المشكلة ليست في صفات مرسي الاستبدادية، ولا حتى في رغبته بوضع الدولة "على سكة الإسلام"، بل في أن الحكومة المصرية الجديدة لا تعتزم أخذ مصالح الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط بعين الاعتبار. ونظرا لذلك فإن المحيطين بأوباما يزدادون شكوكًا بالرهان على "الإخوان المسلمين" السوريين الذين تمولهم الولاياتالمتحدةالأمريكية وأنظمة الخليج الملكية. ويبدو جليا للعيان أن سقوط نظام الرئيس "بشار الأسد" سيؤدي إلى سيطرة المسلحين على السلطة سيطرة تامة. ومن المحتمل أن الرئيس أوباما، وانطلاقا من رغبته بتفادي هذا السيناريو، أقدم عشية العام الجديد على إجراء تغيرات في حكومته بتعيين "جون كيري" وزيرًا للخارجية، و"تشاك هايجل" على رأس البنتاجون، وهما عضوا مجلس الشيوخ اللذان نشرا في العام 2008 مقالة ملفتة بعنوان "آن الأوان للحديث مع سوريا". ومن المثير للفضول أن الكثيرين في واشنطن يعتبرون هذين السياسيين من لوبي يعمل لصالح طهران، لأنهما يصران على إجراء مفاوضات مباشرة مع الجمهورية الإسلامية، ويؤيدان تقليص الحضور الأمريكي في العالم. وقالت مجلة "ذي أميريكان سبيكتاتور" إن أمريكا التي ستتخلص قريبًا من تبعيتها لنفط الشرق الأوسط ستتراجع عن التزاماتها في المنطقة، وستعترف بإيران دولة كبرى إقليمية.