هو فعلاً جزاء سمنار!! فالإخوان الذين ركبوا المظاهرات، حتي أوصلتهم إلي كراسي الحكم، يحاولون الأن منع هذه المظاهرات والتصدي للاعتصامات .. بل ووقف المليونيات.. لماذا؟ لأنهم يخشون أن يركبها غيرهم وبالتالي يتمكنون من إزاحتهم وإسقاطهم عن الحكم الذي خططوا له طويلاً.. وانتظروا 84 عاماً!! ها هم «الإخوان» يحاربون حق التظاهر.. وحق الاعتصام.. لأنهم يعرفون تماماً قوة هذه المظاهرات، التي أسقطت أعتي دولة بوليسية في الشرق كله.. لماذا هذا الكلام؟! المشكلة أنهم أول ما شطحوا.. نطحوا!! فها هو مجلس الشوري - في أول استخدامه للدور التشريعي الذي منحه له الدستور المعيب - يجتمع غداً «الخميس» ليناقش أول مشروع جديد لقانون جديد استقي مبادئه الأساسية من قانون مشابه أصدره اسماعيل صدقي بعد أن ألغي دستور 23 وجاء بدستور 30 الجديد.. والقانون الجديد الذي يتبناه «الإخوان» هذه الأيام يحمل اسم «تنطيم حق التظاهر» .. ولأننا بارعون في المسميات الجديدة.. فإن ذلك يذكرنا بما أصدره جمال عبد الناصر في مايو 1960 باسم «قانون تنظيم الصحافة» بينما الاسم الحقيقي هو «قانون تأميم الصحافة».. تماماً كما أطلقوا اسم «النكسة» علي أبشع هزيمة عسكرية لمصر.. بينما الاسم الحقيقي هو «الهزيمة»!! ومشروع قانون تنظيم المظاهرات من 26 مادة تحدد تعريفات التجمهر والمظاهرات والاجتماعات العامة.. والإضراب، فهو ينص علي أن من يريد تنظيم اجتماع عام أو تجمع سلمي عليه أن يخطر الجهات الادارية قبل ثلاثة أيام علي الاقل، علي ان يكون الاخطار شاملاً لبيان الزمان والمكان وخط سير المظاهرة أو الموكب، كما لا يجوز تنظيم المظاهرات قبل السابعة صباحاً أو بعد السابعة مساء.. ويحق تفريق المتظاهرين بعد انتهاء الوقت المحدد.. ولاحظوا هذا النص «أنه يجوز للادارة منع الاجتماع إذا رأت فيه أو ترتب عليه اضطراب في النظام أو الأمن العام.. ولا يجوز «أيضاً» أن تمتد الاجتماعات إلي ما بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً.. إلا بإذن خاص، أي علي كل متظاهر أن يعود إلي بيته.. وإلا!! ثم تنص المادة الثامنة علي أنه لرجال الشرطة دائماً الحق في حضور الاجتماع لحفظ النظام ولمنع انتهاك حرمة القانون.. بل يجوز للشرطة حل الاجتماع في حالة أي خطب أو أناشيد تتضمن الدعوة للفتنة.. واذا وقع اضطراب شديد!! كما يحظر علي العاملين الاعتصام أو التظاهر الذي يترتب عليه تعطيل العمل ولا يسمح بالتظاهر إلا لثلث عدد العاملين.. ولا يجوز الاعتصام إلا بعد اخطار صاحب العمل قبل مدة لا تقل عن 14 يوماً!! لقد تخلصنا من نظام دكتاتوري لنقع في فخ نظام دكتاتوري أشد بطشاً.. وكله بالقانون وأري وجه دكتاتور جديد يطغي علي وجه اسماعيل صدقي وحتي وجه محمد محمود صاحب اليد الحديدية، ورحم الله اديبنا عباس العقاد الذي وصفه بقوله يد من حديد لحاكم من «جريد»!! و«الإخوان» يفعلون كل ذلك لانهم يعرفون أن هذه المظاهرات هي التي أسقطت نظام مبارك.. لهذا يحاولون الآن منع هذه المظاهرات.. أليس هذا هو جزاء سمنار للشعب الذي أجلسهم علي كراسي الحكم؟! عباس الطرابيلي