شاب المرحلتان الأولى والثانية للاستفتاء البطلان والانعدام، فلقد أجريت المرحلة الأولى للاستفتاء، رغم بطلان الإعلانات الدستورية التي أصدرها الرئيس د. مرسى، وذلك في 15 ديسمبر الجارى وأجرى الاستفتاء، مع إهدار عدم دستورية أو شرعية الإعلانات الدستورية وبطلان الدعوة إلى الاستفتاء. فى هذا اليوم الذي بررت مؤسسة الرئاسة والتيار السلفى الإخوانى، تحديد موعده بأنه التزام تنفيذ المادة (60) من الدستور المؤقت، الصادر في 30/3/2011، وما تضمنته من تحديد ميعاد عرض مشروع الدستور للاستفتاء ب (15) يوماً من تاريخ إعداده! وبالزعم وفقاً لما رأته الجماعة الاستشارية الباطلة المشكلة بقرار من د. مرسى من (54) فرداً، أغلبيتهم من الإخوان والسلفيين وأعضاء الجمعية التأسيسية بأن هذا الميعاد ملزم، ولا يمكن تعديله رغم أنه سبق النص على التعديل له وتحديد مهلة شهرين، إحنا فين من الإعلان الدستوري الصادر من 22/11/2012، والحقيقة أن هذا الميعاد تنظيمي ويجوز تجاوزه بتحديد مدة أوسع ليتمكن الشعب من دراسة مسودة دستور مرسى والغريانى وليكوّن الناخبون رأيهم بالنسبة لرفضهم أو الموافقة عليه، ولقد وقع العديد من الانتهاكات والمخالفات والتجاوزات في يومي الاستفتاء، اشتملت علي العديد من المخالفات العمدية لفرض الموافقة زوراً على المصريين، والبعض الآخر مخالفات أساسها التقصير والإهمال وسوء الإدارة اللوجستية لعملية الاستفتاء، الذي جند (21) ألف فرد من القوات المسلحة لتأمينه واشتملت المخالفات العمدية علي عدم إشراف قاض علي كل صندوق، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور المؤقت، خاصة المادة (60) آنفة الذكر، وإحلال مدرسين وموظفين عاديين بدلاً من القضاة في اللجان، وقد انتحل هؤلاء صفة القضاة عندما حاول الناخبون التحقق من شخصياتهم، وتشمل أيضاً هذه المخالفات العمدية استخدام بطاقات التصويت غير مختومة ومزورة في العديد من اللجان، كما ضبطت دفاتر بطاقات مختومة وصحيحة مؤشر عليها ب (لا) في الشوارع، وتعمد بعض المنتمين للتيارين السلفي والإخواني من رؤساء اللجان الفرعية أو أعضائها الإلحاح على الناخبين للتصويت ب (نعم) كما منع الآلاف من الأقباط من التصويت في الاستفتاء بواسطة عناصر من هذا التيار، ورغم مد مواعيد الاستفتاء إلى الساعة 11م قام عشرات من رؤساء اللجان بقفل باب التصويت في الساعة 7 م ومنعوا عشرات الآلاف من الناخبين من ممارسة حقهم الدستوري في التصويت، وتعمد البعض الآخر من رؤساء اللجان «التباطؤ» في إجراء عملية التصويت وتعطيلها بحجة الصلاة أو تناول الغداء... إلخ مما أدى إلي إجبار الآلاف من المصطفين بالطوابير للتصويت إلى الانصراف، دون تصويت بسبب الإجهاد وطول الانتظار، كما تعمد العديد من رؤساء اللجان إلى الفرز وإعلان النتائج قبل حلول موعد نهاية التصويت!! وبالنسبة للمخالفات التي سببها الإهمال من سوء الإدارة فقد سجلت جمعيات حقوق الإنسان التي قامت بالرقابة والمتابعة للاستفتاء عدداً من الحالات منها لم يتم فتح باب التصويت إلا بعد الموعد المحدد بعدة ساعات مع عدم توفر البطاقات المختومة الخاصة بالتصويت، كما سجلت عدداً من الحالات التي لا يوجد فيها الحبر الفسفورى، مما مكن الأفراد الذين ينتمون إلى التيار السلفى والإخوانى من التصويت عدة مرات نتيجة عدم وجود هذا الحبر مع توافر بطاقات مزورة، واستخدام «البطاقة الدوارة» وإهمال رؤساء اللجان الفرعية المؤيدين لهذا التيار، والتحقق من عدم تكرار التصويت بنعم من هذا التيار، بل إن رئيس مباحث أمن الدولة اللواء «علام» فوجئ أنه تم التصويت بدلاً منه، وحرر محضراً بذلك في المرحلة الثانية. والظاهر من متابعة السياسات والقرارات الرئاسية الباطلة التي صدرت باسم الإعلانات الدستورية خلال فترة رئاسة د. مرسى للجمهورية من 30/6/2012، أنها يشوبها المفاجأة وعدم الموضوعية وإهدار الشرعية الدستورية والقانونية، وأحكام القضاء، وبرر كل ذلك أن هناك ثورة مضادة ضد الرئيس المنتخب، وذلك رغم أن الشرعية الدستورية العادية تكون قد تحققت بتولى د. مرسي سلطاته في 30/6/2012 في ظل الدستور المؤقت الصادر في 30/3/2011، ولا يُبرر الزعم بوجود ثورة مضادة أن يخرج الرئيس وجماعته وحزبه علي الشرعية ويمارس بإعلاناته الدستورية والقانونية الفجائية، سلطات انفراداً بصورة استبدادية، حيث لم يعلم بهذه الإعلانات، والقرارات الباطلة والمتعددة الأثر حتي نائب الرئيس أو مستشاريه أو مساعديه!! وإذا أضيف إلى ذلك زيادة العنف بالميادين والشوارع، والمتمثل في الهجوم على رافضى مشروع الدستور الباطل أمام «الاتحادية» وسقوط (9) قتلى وحوالى (750) جريحاً، وكذلك التعدى بالضرب العنيف على المعارضين مثل أبو العز الحريري وغيره، ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا وإهانة وتهديد وإرهاب ومنع رئيسها وقضاتها من دخولها، مع محاصرة مقر المدينة الإعلامية والتهديد لنا بتأديب المذيعين والاعتداء على أفراد منهم وتدمير سياراتهم، لأنهم من «الفلول» كما زعمت هتافات المعتدين من «الحازميين»، فضلاً عن محاصرة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية فى المرحلة الأولى، ثم الصدام العنيف بين الطرفين المتصارعين في المرحلة الثانية والاعتداء على مقر حزب الوفد وصحيفته مع حرق وإتلاف سيارات الصحفيين، مع التهديد من «الحازميين» علناً بالهجوم علي صحيفة المصرى اليوم والوطن وغيرهما، مع الهجوم على قسم شرطة الدقى، وعدم القبض على أي من المعتدين، لأسباب غامضة، وبالتالى فإن الاستفتاء يكون قد حدد له موعد يسوده الانفلات الأمنى وشرعية العنف بالشوارع، وهو مناخ إرهابى سياسي يجعل الاستفتاء باطلاً وللحديث بقية. رئيس مجلس الدولة الأسبق