ما تناقلته الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى لياسر برهامى المسئول بالدعوة السلفية ليس بجديد، وقد حذرنا من تخطيطهم له منذ شهور، وادعاء البرهامى بعد فهم ما اسماهم بالعلمانيين والليبراليين لما قام بعبقريته الفذة تمريره هو محض خيال ، تماما مثل كذبه بأنه لم يذهب للواء أحمد شفيق فى منزله، ومثل جهله بمن شاركوا فى كتابة دستور 1923، عندما زعم أن حزب الوفد هو الذى وضع الدستور، وما قاله برهامى فى لقاء بعض من أطلقوا على أنفسهم مشايخ السلفيين هو في ظني كلام تافه ولا يستحق الوقوف أمامه، فقد نبهنا وحذرنا هنا قبل تشكيل اللجنة وبعد تشكيلها، من وضع كلمات قد تحيلنا لفرض الخاطب الإسلامى لبعض التيارات المتطرفة مثل السلفيين والإخوان وغيرهم، وعندما اقترحوا مرجعية الأزهر رفضنا وأكدنا أننا اليوم فى ظل الطيب غدا من الممكن ان يدفعوا بالشحات وبرهامى وحسان وغيرهم، وطالبنا بالاكتفاء بالمادة كما كانت فى الدستور المعطل. وفى مقالات سابقة أكدنا هنا أننا لا نريد إسلام برهامى والعريان وحسان وغيرهم، نحن لدينا إسلامنا الذي نؤمن به، وقلنا ان ما يحاولون فرضه ليس دينا بل مجموعة أفكار مشوهة عن الدين الإسلامي، واليوم نكرر ونؤكد لن نسمح لكم بتطبيق هذا الخطاب المشوه المتطرف، لأنه سوف يسيء للدين الإسلامى الذى دخل مصر منذ أكثر من ألف و400 سنة، فالإسلام بسماحته لا يعرف تزويج الأطفال ولا نكاح الغلمان ولا اصطياد شيوخ السلف للفتيات على الطرق، كما لا يعرف تحريض النساء على خداع الأزواج والكذب عليهم لكي ينزلون إلى الشوارع والإدلاء بأصواتهن فى الاستفتاء، الإسلام الذى عرفناه منذ مئات السنين أرفع وأطهر من هذه العقليات المتطرفة. ولا أخفى عليكم أن حظى السيئ دفعنى للمشاركة فى الجلسة الأخيرة لتشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور، وقد عقدت هذه الجلسة فى مقر حزب الوفد، وشارك فيها من الإخوان أسامة ياسين وزير الشباب الحالى وأظن ، ومن حزب الوسط المهندس أبوالعلا ماضى والمحامى عصام سلطان ود.محمد محسوب، ومن حزب النور بسام الزرقا ود.يونس مخيون وآخرون، أضافة لرئيس حزب سلفى آخر لا أتذكره، كما شارك من حزب غد الثورة الدكتور أيمن نور، يومها أصر الدكتور السيد البدوى على حضورى هذه الجلسة مع علمه أننى لا أحب الاجتماعات ولا الجلوس فى قاعاتها، وحاولت يومها ان أهرب من الاجتماع بمغادرة المقر والعودة إلى المنزل، فوجئت بمدير مكتبه يتصل بى على المحمول عند بدء الاجتماع، مؤكدا ان الدكتور السيد يدعوك للحضور معه، وقد فكرت كثيرا فى اصرار السيد البدوى على مشاركتى فى الاجتماع، واكتشفت بعد أيام من التفكير أنه يعلم جيدا مدى رفضى لأى فكر سياسى دينى، وأننى أتصدى لمحاولاتهم فرض خطابهم، وهو فى هذا الاجتماع كان بمفرده تماما، فقد أعلنت أغلب القوى السياسية المدنية تجميد وتعليق المشاركة، وهو من الأخطاء الكبيرة التى ارتكبتها القوى، حيث تركت الساحة لأتباع التيار الدينى السياسى، وأذكر ان رئيس الحزب الناصرى أو حزب الكرامة كان قد شارك فى الاجتماع، وفى بداية الجلسة تلقى مكالمة من حمدين صباحى وخالد يوسف المخرج وضغطوا عليه بالانسحاب، وقد حكى الرجل يومها الضغوط التى تعرض لها واعتذر وانسحب، وتبقى الدكتور السيد البدوى بمفرده يواجه التيار الإسلامى المتمثل فى الإخوان والتيار السلفى والمتمثل فى حزب الوسط، وأذكر يومها أن الدكتور أيمن نور لم يتدخل نهائيا بالكلام سوى انه قام بترشيح د.منال طيبى ممثلة النوبة، كما يجلس بجوارى دكتور شاب «لا أذكر اسمه» رشح من الدكتور أيمن ومن أسامة ياسين عن شباب الثورة، وأظن أنه قد شارك فى الاجتماع الذى دعا إليه الرئيس مرسى، كما تم تعيينه ضمن مجموعة التسعين فى مجلس الشورى. السيد البدوى حسب تفسيرى استعان بى دون ان ينسق معى، أراد أن يستغل رفضى للتيار الدينى بجانبه ضد بعض الأسماء التى ستطرح على الطاولة، وما يرجح تفسيرى هذا أنه فى بداية الجلسة فوجئت به امام الجميع يقول لى ضاحكا: ألا ليه انت بتكره الإخوان والسلفيين قوى كده؟.. ثم تبعه بسؤال آخر: ليه على طول بتنتقدهم؟، قلت له: طيب هننتقد مين.. وضحكنا واستكملنا الجلسة. ما أريد ان أحكيه هنا أننى فى هذه الجلسة حاولت أن استبعد ياسر برهامى لكننى لم اجد من يساندنى، فقد طرح الدكتور بسام الزرقا الأسماء وكان بينها عبدالمنعم الشحات، وقبل أن يستكمل القائمة وكان آخرها برهامى، ارتفع صوتى وسخرت من ترشيح الشحات وقلت: كيف تضعون من كفر نجيب محفوظ ، كيف تسمحون بأن يشارك فى كتابة الدستور، الدنيا هتتقلب لو عرفوا ان الشحات فى اللجنة، وقلت ما بالمرة تجيبوا ياسر برهامى الذى كفر مصر كلها، وغضب يومها الدكتور يونس واستنكر هجومى على مشايخهم وكاد يقلبها خناقة ولاننى ضيف على الجلسة صمت ولم أرد عليه، وللحق وافقني عصام سلطان وأسامة ياسين على رفضى للشحات، وقام بسام وآخرون لغرفة مجاورة وعادوا بحذف الشحات فقط، ووقع فى أربيزنا برهامى.