اجتمع الرئيس مع أهله وعشيرته للخروج من المأزق الذي وضع فيه الوطن منذ إصدار إعلانه الديكتاتوري الشهر الماضي.. اجتمع الدكتور مرسي مع أعضاء حزبه وجماعته من الإخوان والحرية والعدالة والتابعين من حزبي النور والوسط.. وبعض الشخصيات العامة من أجل تهدئة النفوس، التي تلقي قبولا نسبيا لدي جبهة الإنقاذ الوطني مثل الدكتور أحمد كمال أبوالمجد والدكتور إبراهيم درويش ومستشاره الدكتور سليم العوا وثلاثة ينتمون شكليا الي المعارضة ولكنهم لا يمثلون إلا أنفسهم أحدهم محكوم عليه ومدان جنائيا وآخر استولي علي أموال البنوك وتقمص شخصية زعيم سياسي.. المهم اجتمع الرئيس بهدف الوصول الي حل للأزمة المستفحلة التي تهدد بانقسام الوطن وتمخض الاجتماع عن إعلان دستوري بديل أقل خطرا من الإعلان السابق، ولكنه يحصن آثاره.. بما يعني أن الرئيس خرج ومباركة من جلس معه منتصرا أو حصل علي ما يريد من تمرير الاستفتاء علي الدستور في موعده غدا.. وبأقل الخسائر خاصة أن قراراته غالبا ما تحكم المحكمة بأنها من الأعمال السيادية ولا تنظر فيها بعدم الاختصاص.. اجتمع السادة الحاضرون من القوي الإسلامية وغابت الجبهة الوطنية للإنقاذ.. اجتمع الحاضرون والرئيس في موقف أقوي من المعارضين لأنه يسبقهم بخطوتين.. لذلك كان الاجتماع شكليا فالرئيس أصدر إعلانا مكبلا وحدد موعدا للاستفتاء، ففي كل الأحوال كان سيخرج منتصرا لأن الحوار ليس علي أرضية مشتركة لذلك كان حوارا للطرشان. لقد وضع الرئيس الشعب بين خيارين أحلاهما مر فإما تمرير الدستور بمواده المقيدة للحريات والتي تطلق سلطات الرئيس أو استمرار الإعلان الديكتاتوري المكبل حتي يتم إعداد جمعية تأسيسية جديدة في حالة التصويت ب«لا». السادة المجتمعون مع الرئيس اتفقوا علي إصدار إعلان دستوري جديد يلغي الإعلان السابق، ولكن تبقي آثاره صحيحة وأهم هذه الآثار هو عزل النائب العام الدكتور عبدالمجيد محمود واستمرار النائب الجديد المستشار طلعت عبدالله، وهنا كانت الطامة الكبري وهي اعتراف السادة المجتمعون بشرعة عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة ممايمثل اعتداء صريحا علي السلطة القضائية وهو السبب الحقيقي لإضراب القضاة وتوقفهم عن العمل طبقا للجمعيات العمومية للمحاكم. وطبقا للإعلان الجديد علي القضاة أن يتقبلوا صاغرين التعدي علي سلطتهم وعزلهم وتغيير عملهم طبقا لإرادة الرئيس دون اعتراض.. أرادوا تصحيح خطأ بخطأ وضحك علي الذقون حتي يحرجوا المعارضة فيما تم إلغاء الإعلان المكبل ولكنهم حصنوا آثاره وصلوا بالاستفتاء علي الدستور الي بر الأمان بحجة أن إعلان 30 مارس 2011 تم الاستفتاء عليه وهو الذي حدد أن يعرض الرئيس الدستور للاستفتاء خلال 15 يوما من انتهاء عمل الجمعية التأسيسية ورغم أن الرئيس لا يملك إصدار إعلانات دستورية إلا بالاستفتاء عليها، فقد أعطي لنفسه في الإعلان المكبل مد فترة عمل الجمعية التأسيسية للدستور لمدة شهرين دون استفتاء.. ويعني يا جماعة الخير الاستفتاءات مطاطة والدساتير «بتاعتنا» وإحنا حُرين والشعب شعبنا وجاهز للاستفتاء في أي وقت!! وبعد أن تصاعدت المظاهرات والاعتصامات ضد الإعلان الدستوري المكبل رأي الرئيس مع أهله وعشيرته وجماعته أن يلقنوا المتظاهرين والمعتصمين درسا لن يسنوه.. كانت سلخانة الاتحادية التي راح ضحيتها عشرة شهداء وآلاف المصابين، اعتصم المتظاهرون حول القصر يوم الأربعاء الدامي فخرج الأهل والعشيرة ليؤدبوهم ونزعهم من المناطق المحيطة به بالقوة فكانت المجزرة التي أريقت فيها دماء المصريين دون ذنب أو جريرة وبعد أن وقعت الواقعة خرج الرئيس علي الشعب بكلمة وجه فيها الاتهامات يمنة ويسرة علي المعارضة ودعا الي جلسة حوار بيت النية علي تمرير الاستفتاء علي الدستور مقابل التنازل عن بعض بنود الإعلان المكبل، كيف حال الوطن يا سيادة الرئيس وقد أعلنت بعض قوي الإسلام السياسي المؤيدة لك إن من سيقول «لا» في الاستفتاء كافر، كيف يكفر من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، من منحهم صكوك الإيمان والكفر يمنحونها لمن يشاءون ويحرمون من يريدون؟ يا سيادة الرئيس وأهلك وعشيرتك وجماعتك كلنا مصريون وطنيون مؤمنون مسلمون ومسيحيون فهل اخترتم لأنفسكم صك الوطني، إلي أين تأخذون الوطن ونحن نعلم سعيكم للتمكن وتمكين جماعتكم وعشريتكم من مقدرات الوطن؟ أنتم تملكون عصا الحل والاستقرار في الوطن حين تصبح رئيسا لكل المصريين.. أما حين تصبح رئيسا لأهلكم وعشيرتكم وجماعتكم فأنتم في واد والشعب في واد آخر. لماذا لا تؤجل الاستفتاء علي الدستور يا سيادة الرئيس وأنتم تملكون ذلك حتي يتم التوافق مع كل القوي الوطنية.. أنتم بيدكم المبادرة والحل يا سيادة الرئيس قبل أن يشتعل الوطن لأن من أشعل النيران يطفئها.. تحركوا قبل أن يحترق الوطن، فالتوافق ولم الشمل هو طريق النجاة لأنه ليس هناك غالب أو مغلوب حين يقهر الوطن. يا سيادة الرئيس انصتوا الي صوت العقل وحماية الوطن من فتنة الانشقاق والتفتت.. لا خوف علي مشروع الدستور وحل مجلس الشوري، فالمحكمة الدستورية محاصرة وأعلنت تعليق جلساتها لأجل غير مسمي، بمعني أنه لو تم الاستفتاء حسب سياسة العناد فمبروك عليكم وجماعتكم مصر ودستورها.. سيادة الرئيس لا خوف من صدور أحكام قضائية وقد سحبتم بإعلانكم الدستوري الجديد كل القضايا المنظورة أمام القضاء بشأن الإعلان الدستوري والاستفتاء وحل مجلس الشوري.. فلماذا لا نحكم العقل، ويتم تأجيل الاستفتاء لمدة شهر والعودة الي طاولة المفاوضات للتوافق علي دستور لمصر لا دستور للإخوان، دستور يعيش معنا عشرات السنين لا دستور يتم تعديله حتي أقرب وقت بعيدا عن هيمنة وسيطرة الإخوان وميليشياتهم الحوار قبل القرار والدستور بهذه الصياغة يفرقنا ولا يجمعنا والاستفتاء استمرار للأزمة، هل ينصاع الجميع لصوت العقل فمصر فوق الجميع وملك للكل فلا تضيعوها يا ولاد مصر.