مصر التي كرمها الله في قرآنه الكريم خمس مرات لا تستحق هذا الهوان من الحكم الرئاسي الفرعوني المستبد المفروض عليها، فكفاها ستين عاماً من الجمهوريات الرئاسية التي ألَّهت الحكام وأذلت المحكومين بعدما جعلت من الحكام نصف آلهة، وكفاها ثلاثين عاماً من الحكم القمعي البوليسي الرهيب بقانون الطوارئ والعشرين سنة الأخيرة منها أسود من شعر الرأس بعدما تجرع فيها شعبها الأمرين في نظام مبارك ذلك الحاكم الفردي الدكتاتور بدستوره الموروث المفصل علي الحاكم لتأبيده في الحكم له ولوريثه من بعده وفي ظل نظام سياسي فاسد وحياة حزبية صورية ديكورية هيكلية غير حقيقية كمحلل شرعي لنظام الحزب الفرعوني الواحد الذي ولد من رحم السلطة مدججاً بسلطان المعز وسيفه وفي فمه ملعقة من ذهب لتدعيم السلطة والسلطات وتهميش الشعب المغلوب علي أمره. وبإصدار المجلس الأعلي للقوات المسلحة لإعلانه الدستوري الثاني الذي لم يلب طموحات الثورة ويوحي بعودة النظام الرئاسي الذي نخشاه مع التمسك بنسبة ال 50٪ للعمال والفلاحين وكأنها استغفر الله نصوص مقدسة أو مكتسبات ثورية لا يجوز الاقتراب منها. والحقيقة عكس ذلك تماماً حيث إنها لا تمثل الواقع الفعلي ولم تكن يوماً من الأيام من المكتسبات الثورية الستة التي جاءت بها ثورة 23 يوليو والتي لم ينفذ معظمها حتي الآن بعد 60 سنة. وأشهد الله أن الفلاح المصري المطحون بريء من هذه النسبة إلي يوم الدين والتي استغلتها السلطة السابقة لتعزيز قبضتها علي المجالس التشريعية والمحلية ومعظمهم من لواءات الشرطة ورجال الأعمال وغيرهم. وبهذه المناسبة فقد كنت أول من ناقش تعريف صفة العامل والفلاح التي حددها الميثاق بنسبة 50٪ أمام الرئيس عبدالناصر بالمؤتمر الوطني للقوي الشعبية ممثلاً لطلاب جامعة القاهرة عام 1962 وعلق عبدالناصر بكلمته لأكثر من نصف الساعة علي هذا التعريف الذي ترك تعريفه للمؤتمر ومع الملاحظات الكثيرة علي هذا الإعلان الدستوري الذي يجب مراجعته وتعديله من المجلس الأعلي للقوات المسلحة قبل وضع الدستور الجديد. لذلك فقد قلتها »لا« في الاستفتاء السابق من أجل دستور جديد للبلاد ذات مرجعية إسلامية لتحقيق حرية العقائد السماوية قبل إجراء الانتخابات الحزبية بالقوائم النسبية من أجل قيام جمهورية برلمانية يقرها الدستور ويكون الاهتمام والتركيز فيها علي البرامج الحزبية قبل التركيز علي الانتخابات الرئاسية في جمهورية برلمانية يكون فيها منصب الرئاسة من شخصية عامة لها تاريخ وطني مشرف كرمز ورئيس للدولة وقائد أعلي للقوات المسلحة وحكم بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وحتي لا يتم التناحر والتهافت الذي نشهده اليوم علي منصب الرئاسة والبرامج والانتخابات الرئاسية من عشرات المرشحين. وبذلك يتم التنافس علي البرامج الحزبية فقط حيث يتولي الحكم لرئيس الوزراء ورئيس الحزب صاحب الأغلبية المنتخبة علي برامجها الحزبية والتي يكلفها رئيس الدولة بتشكيل حكومة ائتلافية أو غير ائتلافية متي حصل حزبها علي الأغلبية المطلقة. ويكون رئيس الوزراء مسئولاً مسئولية مباشرة عن سياسة حكومته أمام رئيس الدولة والبرلمان في تجديد الثقة بالحكومة أو سحبها بإجراء انتخابات مبكرة بعد مناقشة أي طلب إحاطة أو استجواب في البرلمان. وقبل أن نتباكي علي اللبن المسكوب فإنه من الأهم والأصلح إجراء استفتاء شعبي للاختيار بين نظامين »نظام الجمهورية البرلمانية« و»نظام الجمهورية الرئاسية« بدون الحاجة إلي الأخضر والأسود أو »نعم« و»لا« وتترك نتيجة الاستفتاء للشعب صاحب القرار وعلي ضوء هذا القرار يمكن وضع دستور جديد تنعم به البلاد يتناسب مع النظام الرئاسي أو البرلماني الذي يختاره الشعب في ظل حياة ديمقراطية سليمة بعد ثورة الشعب المباركة.. ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد. *نقيب الزراعيين بالأراضي الصحراوية بمديرية التحرير والنوبارية