منذ وحد الملك مينا- ابن بلدة طينة في جرجا- مصر، منذ 5000 عام ومصر هي دولة واحدة ذات حكومة مركزية ثابتة وهو الذي بني مدينته «من نفر» التي حرفت الي منف، وهو الذي حول مجري النيل للمرة الاولي وحكم مصر بعد توحيدها 62 عاماً وأنشأ بذلك الاسرة الاولي عام 3100ق.م. منذ ذلك ومصر دولة واحدة لم تعرف الانقسام حتي في عهد احتلال الهكسوس لها وحكم مصر منهم 43 ملكاً من عاصمتهم صا الحجر وإن ظل المصريون يحكمون طيبة الي أن طردوا الهكسوس. فما الذي جري لمصر- هذه الايام- حتي تتعرض لخطر الانقسام.. وهو انقسام لم يحدث علي يد الهكسوس الا مكرهين.. لانه هذه المرة يحدث الانقسام علي أيدي أبنائها.. المصريين أنفسهم.. وفي عهد «الاخوان». و«الإخوان» هم الذين صنعوا ذلك- وان نفوا- ويكفي ان الرئيس محمد مرسي هو الذي فعلها عندما أحدث هذا الانقسام الرهيب عندما وقف بين مؤيديه أمام مقر الحكم- في الاتحادية- يتحدث الي مؤيديه من الاخوان بينما باقي مصر يحتشد في ميدان التحرير، رمز الثورة المصرية التي أسقطت النظام الديكتاتوري السابق.. وكأن مصر أصبحت أو انقسمت الي قسمين قسم تحت حكم الاخوان وقصر الاتحادية هو مقر الحكم لهم.. وقسم في ميدان التحرير، وباقي مدن مصر.. ويكفي أن من المصريين من هاجم مقرات حزب الحرية والعدالة الاخواني الحاكم.. فلماذا يحدث كل ذلك؟. ما الذي كان يضير الرئيس مرسي أن يذهب الي كل مصر في ميدان التحرير ليخطب فيهم- كما فعل من قبل بل وأقسم اليمين أمامهم- بدلاً من أن يحتمي برجاله من الإخوان.. أمام قصر الاتحادية الذي صممه المهندس البلجيكي أرنست جاسبار بتعليمات من البارون ادوارد أمبان عام 1908.. وهو بذلك أحدث شقاً خطيراً في نسيج الامة المصرية.. ولم يكن بدهاء الرئيس الشهيد أنور السادات عندما شكر الذين انتخبوه.. وشكر أيضاً الذين منعوا عنه أصواتهم.. وتلك سقطة الرئيس.. الذي رشح بذلك كارثة انقسام الامة. يقولون ان الرئيس فعل ذلك تخوفاً من أن يشتبك مؤيدوه بالمعارضين فتسيل مزيد من الدماء ويسقط كثير من الضحايا.. بل هناك من حرض مؤيديه علي محاولة اقتحام دار القضاء العالي ومكتب النائب العام لمنع عقد الجمعية العمومية لنادي القضاة.. فمن فعل ذلك؟. وهل هناك من أشار بذلك علي الرئيس تماماً مثلما حدث في القرارات السابقة التي سرعان ما سحبها الرئيس.. وهنا نسأل: هل الرئيس مرسي رئيس لكل المصريين، أم فضل أن يكون رئيساً للاخوان.. أم أن الرئيس يتعامل ولسان حاله يقول: أنا- والكرسي- وبعدي الطوفان.. وكيف يتحدث عن محافظته علي الوطن بينما خطابه التحذيري والتهديدي يضع الامة أمام كارثة انقسام الامة.. وتلك كارثة «الاخوان» الحالية. والرئيس بهذا الاسلوب قسم الامة بين اخواني وسلفي في كفة.. وبين أغلبية المصريين في كفة أخري.. بل قسم الاسرة القضائية نفسها بين نادي القضاة ذي الاغلبية.. وجماعة قضاة مصر.. أم هي سياسة فرق تسد ولكن هذه المرة علي أيدي مصريين، وليس علي أيدي الاحتلال. لقد جاء الدكتور مرسي رئيساً بالديمقراطية ولكنه اختار الديكتاتورية وهي أغلبية هزيلة لا تصل الي مليون صوت بينه وبين منافسه الفريق أحمد شفيق.. فهل هذه الاغلبية تجيز له أن يفتت الامة المصرية التي عرفت وعاشت الوحدة منذ أكثر من 5000 سنة.. وجاء الرئيس بهذه الاغلبية الهزيلة يهدد الوحدة الوطنية.. نقول ذلك لان هذه السلطات- التي منحها الرئيس لنفسه- لو تجمعت في يد بشر فلابد أن يستبد ويطغي ويصبح الديكتاتور الاوحد.. ورحم الله عبدالكريم قاسم وصدام حسين وكلاهما كان طاغية حكم شعب العراق بالحديد والنار. والكارثة أن هناك- في النظام الجديد- الذي استولي علي السلطة بعد أن اكتملت ثورة ميدان التحرير- من يقول: إما اخواني.. وإما من الفلول.. أي إما نكون معهم.. أو يطلقون علي غيرهم حرب الكلام قائلين هم إما مبارك.. وإما أحمد شفيق.. أو من الفلول. لقد تمسكنوا.. حتي تمكنوا قالوا للناس انتخبوا من يعرفون الله وطريقه.. واختاروا من ظلمهم نظام يوليو كله من عبدالناصر الي مبارك.. ونسوا ان مطاردتهم بدأت قبل ثورة يوليو وكيف قتلوا أحمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي اللذين كانا من قادة شباب ثورة 19 ودخلوا السجن.. وقتلوا المستشار الخازندار لانهم رأوا في بعض أحكامه ما لا يريدون.. فطاردتهم السلطة المصرية من حكومة النقراشي الي حكومة ابراهيم عبدالهادي.. وورثت ثورة يوليو هذه المواقف وهل ننسي هنا ما قاله الامام الشهيد حسن البنا في هؤلاء القتلة: ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين.. هنا نقول بضرورة فتح ملف استشهاد الاستاذ حسن البنا أمام مقر جماعة الشبان المسلمين بشارع رمسيس الآن حتي نعرف من الذي قتل هذا الامام المرشد الذي أنشأ جماعة الاخوان عام 1928 في الاسماعيلية ولقي مصرعه واستشهد عام 1949. ان الحكام يجيئون.. ولكنهم يذهبون. ولكن تبقي مصر موحدة.. وتبقي الامة المصرية واحدة وإياكم بالعبث في هذه الحقيقة الثابتة منذ آلاف السنين.. فمصر هي الباقية.. والامة واحدة الي يوم القيامة.. وعلي الاخوان أن يعودا الي الله.. إذ ربما يحتفظون ببعض التعاطف الشعبي معهم.. حتي لا تذهب ريحهم.. إياكم وتفتيت مصر مهما كان الهدف.