جانب الدكتور مرسى الصواب بسماعه نصيحة مستشاريه والخروج أمام متظاهرى قصر الاتحادية الذين تجمعوا تأييداً له ولقراراته.. فالذى خرج خطيباً فيهم هو رئيس حزب وليس رئيس دولة، ليبدو وكأنه فى مشهد انتخابى كمثل ما فعل من أشهر قليلة مضت أثناء حملته الانتخابية لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية.. فليس شرطاً أن كل من وقف أمام قصر الاتحادية من مؤيديه، كما أنه ليس بالضرورة أن كل من وقف فى ميدان التحرير من معارضيه.. وكان الأولى لو أراد توجيه كلمة إلى الأمة أن يستدعى جهاز التليفزيون الرسمى ويسجل كلمته فيه لتذاع على الشعب كله من خلال الجهاز الإعلامى الرسمى للدولة.. هذا فى حالة ما إذا كان السادة المستشارون قد نصحوه بعدم الذهاب إلى ميدان التحرير حرصاً على سلامته.. مع أنه هو شخصياً اكتسب الشرعية الشعبية عندما أصر على الذهاب إلى ميدان التحرير والوقوف فيه وأقسم قسم رئيس الجمهورية أمام جموع الشعب المحتشدة عقب نجاحه فى انتخابات الرئاسة.. أقسَم فى الميدان قبل قسمه أمام المحكمة الدستورية العليا وهى الجهة الرسمية فى الدولة المنوطة بذلك الأمر.. المدهش أنه عقب الانتهاء من الخطاب ظهرت على المنصة بعض القيادات السياسية أحدهم من حزب الحرية والعدالة والآخر من حزب آخر وكأنهما يهنئانه على خطابه، وأغلب الظن أنهما من أشار عليه بذلك الخطاب أمام الجمع المحتشد. الآن.. ما هو موقف الرئيس من ميدان التحرير الذى أكسبه شرعيته الشعبية كرئيس للدولة قبل أن يكتسب الشرعية القانونية أمام المحكمة الدستورية العليا؟ وفى المقابل، ما هو موقف ميدان التحرير من الرئيس وهو الذى احتضنه فائزاً بالانتخابات الرئاسية من أشهر قليلة مضت لإصراره على القسَم فيه احتراماً له كرمز للثورة المصرية. والأهم فى السئوال، هل أصبح عندنا ميدانان محركان لأحداث الوطن؛ ميدان التحرير وميدان الاتحادية.. موقف ملتبس خلقته نصيحة المستشارين الذين تعاملوا مع شخص رئيس الدولة المصرية باعتباره رئيساً لأحد أحزابها فكان خطابه الحزبى نتيجة الخطاب هو إقرار وجود ميدان ثان محرك للأحداث.. لكن تبقى حقيقة الأمر أن الميدان الوليد هو ميدان حزب، لكن يبقى ميدان التحرير هو ميدان أمة أكبر من كل حزب. شعبياً.. انقسم الوطن إلى فريقين؛ فريق مؤيد لجماعة الإخوان المسلمين، وفريق معارض لجماعة الإخوان المسلمين.. والانقسام هو كارثة الكوارث عن حق التى يمكن أن يُبتلى بها أى شعب.. وأمام كارثة الانقسام تتضاءل أى مشكلة أخرى، فلا قيمة لمشكلة اقتصادية خانقة لها أكثر من طريق للحل.. ولا أهمية لأمن مفقود يمكن أن يعود بقرار عسكرى فى خلال ساعات معدودة.. وما يذكر تاريخ الوطن المسجل والمحفوظ عبر آلاف السنين أن انقساماً بمثل تلك البشاعة حدث من قبل بين أبناء الشعب المصرى.. إنه «شرخ» فى جدار الوطن لا أعرف كيف سيتم علاجه ومن سيداويه.. لأن «الطبيب» المعالج غير متوافر الآن بين كل تلك القيادات التى تحاصر الشعب من كل جانب.. سواء كانت فى سدة الحكم أو خارجه.