انقطع حديثنا عن سيناء المظلومة لأسبوع لأسباب خارجة علي إرادتى... إلا أن هذه الأسباب لا تعفينى من الاعتذار... لكن ما حدث فى صعيد مصر مؤخرا أدار وجهى نحو الجنوب... واكتشفت أنه أيضا مظلوم تماما مثل سيناء... لكن ظلم الصعيد شكل تانى... فسيناء حرمناها من البشر... وحرمنا أرضها وخيرها على أهلها... أما الصعيد فأتخمناه بالبشر وحرمناهم من الخدمات... وحادث موت أطفال الحضانة والابتدائى تحت عجلات قطار أسيوط ... هو موت للملائكة تحت سمع وبصر الإهمال الحكومى... ولن يعوض أمهات الملائكة ما يسارع بإعلانه المهملون من تعويضات... فحرقة قلب الأم أى أم على فقد وليدها لا تطفئها أموال الدنيا... وشرود ذهن الأب الذى فقد أمله فى الدنيا...ووريثه الذى تمناه... لن تمحوها أموال التعويضات التى يتسابقون لدفعها... وما يعلنه البعض من تعويضات لن يغير من الأمر شيئا... خصوصا أننا وباستمرار نربط صرف التعويضات بإجراءات مستحيلة...و فرض الإجراءات يتم فى سرية... فنزيد مصيبة أسر الضحايا... ففى الإعلام فضحناهم... وأمام الكاميرات تبارى كل المسئولين فى مزاد التعويضات ولم تمتد يد تمسح دمعة الأم الثكلى... ولم يحاول مسئول إعادة البسمة الى شقيق أحد الضحايا... ولا التركيز لعقل والده. إننا نتعامل مع الكوارث بطريقة كارثة تفوت ولا حد يتسئل... ونتعامل مع الضحايا بمنطق اللى مات مات والحى أبقى... ولذلك تتكرر الكوارث... ولنفس الأسباب ومنذ كارثة العبارة السلام ونحن نختزل القضية فى التعويضات.... ونتحدث كثيرا عن التعويضات التى صرفها صاحب السفينة وننسى عقابه.... أو عقاب غيره إن لم يكن هو المخطئ... وفى حادث قطار دمنهور وجهنا سهام الاتهام لما يسمى الجزرة... ولا نحن عرفنا ما هى هذه الجزرة القاتلة... ولا وصلنا ما يفيد عقابها... أو حتى إصلاحها... ولا كانت هى كافية لمسح دموع أهالى الضحايا.... وحريق قطار العيد اخترعنا له أسبابا ولم نعالجها... وتصادم الفيوم مازال تحت التحقيق...وسيستمرالى أن نجد من نعلق الجرس فى رقبته... وفى كل الأحوال... ومع كل الكوارث... كان منطقنا غريبا... فلا نحن منعناها... ولا نحن اتخذنا إجراء سليما لمنع التكرار.... ولا نحن عاقبنا المسئول الحقيقى ضياع حياة إنسان... ووضع تسعيرة لحياة الإنسان فى قوائم التعويضات... لا يعنى أننا أدينا ما علينا... فكلنا مقصرون... والمسئول الحقيقى عن الكارثة خارج دائرة الحساب... ولو دخلها مرة واحدة لما تكررت الحوادث والكوارث. أشعر أن شيئا لم يتغير بعد الثورة إلا كثيرمن الوجوه... فالمنطق واحد... وقيمة المواطن لم ترتفع حتى فى سوق التعويضات... والإهمال الذى نعيشه يؤكد أن الملائكة تموت على الأرض... وأننا ما زلنا فى حاجة الى تغيير. Email: