في مؤمر صحفي بمقر حزب الوفد، أعلنت القوي والأحزاب الوطنية انسحابها من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور؛ اعتراضاً علي أعمال الجمعية التي تسعي لوضع دستور يخدم تيارات سياسية ودينية معينة دون النظر للمصلحة الوطنية بعد فشل كل المحاولات التوافقية حول الدستور. وألقي عمرو موسي الرئيس الشرفي لحزب الوفد وعضو الجمعية بيان انسحاب الأعضاء الممثلين للقوي الوطنية، مؤكداً أن جهود التوافق باءت بالفشل، وأصبحت مقترحات وآراء الأعضاء الآخرين يشوبها كثير من الشطط، دون أن يكون لها علاقة بالوثائق الدستورية. وأكد موسي خلال المؤتمر علي أن الخلاف لم يكن حول المواد الخاصة بالشريعة الإسلامية، كما يزعم البعض، مشيراً إلي حرص الأعضاء المنسحبين وإيمانهم منذ بداية أعمال الجمعية علي أن تكون مبادئ الشريعة هي مصدر التشريع، موضحاً أن الخلاف كان حول تفسيرها من قبل البعض حسب أهوائهم الشخصية. وقال موسي "الدستور يتم سلقه في جلسات قصيرة.. وكان واضحاً وجود بعض التكتلات التي تجهز لصياغة بعض المواد، وهو ما يؤكد وجود نوايا غير طبيعية"، مكملاً: "الدستور في خطر وقرار انسحابنا لايعني خروجنا من الساحة بل سنعمل علي إعداد دستور يليق بمصر الثورة، ويحقق طموحات الشعب المصري، ولن نسمح بأن نكون ديكوراً أو نستخدم كستار لتمرير مشروع دستور يمثل خطراً كبيراً علي المستقبل". وقال فؤاد بدراوي سكرتير عام حزب الوفد وعضو الجمعية التأسيسية إن قرار انسحاب الوفد من الجمعية جاء معبراً عن طموحات الشعب المصري، مؤكداً علي أن قضية الدستور كانت ولازالت هي قضية الوفد منذ نشأته وظل يناضل من أجلها في الوقت الذي أوضح فيه سعي القوي المدنية لعمل دستور توافقي، وليس لصالح فصيل أو تيار لكنها باءت بالفشل – بحسب قوله. وجاء في بيان الانسحاب "رفضنا محاولات حرمان الشعب من حقه في السيادة بمعني أن يكون هو مصدر السلطة، وإلغاء النص علي سيادة الشعب والسعي إلي وضع نص يقول (السيادة لله) وكأن الله عز وجل ينتظر منهم أو منا اعترافاً بالسيادة وهو الذي قال في كتابه (غني عن العالمين)، كذلك محاولة إقحام الذات الإلهية التي لاتتغير ولاتتأثر بالزمن في دستور يمكن تغييره وتعديله عبر الزمن". وأضافت القوي المنسحبة في بيانها أن انسحابها جاء نتيجة بعض الاعتراضات علي تحصين بعض الحقوق لجموع الشعب في نص دستوري، مثل إلزام المشرع القانوني بتحديد حد أدني للأجور والمعاشات وزيادته كل عام وليس الاكتفاء بنص دستور عام 1971 كذلك تجريم الإجراءات التي تفرض علي العاملين التنازل عن حقوقهم مقابل تعيينهم، كما يحدث عند إرغام العامل علي توقيع خطاب استقالته يوم تعيينه. إلي جانب إلزام الدولة بضمان أموال التأمينات الاجتماعية والكشف عنها دورياً وفق نظام شفاف، وإلزامها بتوزيع حصة محددة من الأراضي المستصلحة الجديدة علي الفلاحين الفقراء، وضمان الحق في التظاهر دون تكبيله وحقوق المرأة والطفل في الترشح وتولي المناصب الهامة وممارسة الشعائر الدينية، ومنع توقيع عقوبات سالبة للحريات في قضايا الرأي، وضمان عدم تعطيل الصحف، وإغلاقها لكون المسودة الأخيرة تخلو من هذا الضمان بعد حذفه من دستور 1971 وحتمية استقلال الصحف ووسائل الإعلام المملوكة للدولة. واختتم الأعضاء المنسحبون بيانهم "أصبح هناك اتجاه واضح لسلق الدستور، ونؤكد مواصلتنا النضال مع كل الأحزاب والمنظمات والقوي الوطنية الديمقراطية من أجل دستور يليق بمصر، ويحفظ حقوق شعبها ويحمي فئاته والتي تمثل أغلبية ساحقة فيه فلاحين وعمال وطبقة وسطي ونساء وأطفال". كما أصدر أعضاء اللجنة الفنية الاستشارية للجمعية التأسيسية للدستور بياناً أعلنوا فيه انسحابهم من أعمال اللجنة، وألقي الإعلامي حمدي قنديل البيان الذي أكد علي سعي البعض لإخراج دستور في أقرب وقت مهما كان منقوصاً في الوقت الذي أعلن فيه قنديل عن استمرار عمل اللجنة خارج أعمال الجمعية وتقديم صيغة متكاملة للدستور. وأشار قنديل إلي أن الانسحاب لا يتعلق بمواد الشريعة التي يدور حولها الجدل الإعلامي وإنما بمواد تتعلق بصميم التوازن بين السلطات. وقال الدكتور جابر نصار أستاذ القانون وعضو الجمعية المنسحب إن مسودة الدستور الجديد زادت من صلاحيات رئيس الجمهورية وتعطية سلطات مطلقة، ولم تحصن اختيار رئيس الوزراء من الحزب الحائز علي الأغلبية أو الأكثرية لضمان استقرارها، قائلاً "هل يعقل أن يتم مناقشة ومراجعة دستور من يتكون من 232 مادة في خمسة أيام". وقال الدكتور وحيد عبد المجيد المتحدث الرسمي للجمعية والمنسحب منها أن هناك رغبة لوضع مواد وهابية لاعلاقة بالمجمع المصري بل لم نجد تحصينا لبعض المكتسبات التي حصلنا عليها خلال العقود الماضية مثل إغلاق الصحف وغلق القنوات، وقد تزامن ذلك مع غلق القنوات، كما هو واضح الآن والهدف تقنين ذلك دستورياً في دستور مشوه ضد الشعب وليس لصالحه - بحسب قوله. حضر المؤتمر أحمد عز العرب نائب رئيس الوفد ومنير فخري عبد النور وزير السياحة وسكرتير عام حزب الوفد السابق والدكتور كاميليا شكري والمهندس حسام الخولي واللواء سفير نور وكاظم فاضل أعضاء الهيئة العليا للحزب والدكتور عبد الجليل مصطفي القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير وأحمد البرعي وزير القوي العاملة الأسبق وحمدين صباحي المرشح السابق في الإنتخابات الرئاسية. كما حضر محمد عبد القادر نقيب الفلاحين والكاتب الصحفي جمال فهمي وكيل نقابة الصحفيين وعدد كبير من ممثلي القوي الوطنية والأحزاب المدنية والائتلافات الثورية التي عقدت اجتماعها فور انتهاء المؤتمر الصحفي لبحث سبل الخطوات القادمة.