تقول لنا الموسوعات التاريخية والمخطوطات الدينية إن الكنيسة كانت تستخدم مستحدثات الإبداعات الإنسانية من وسائط الإقناع لنشر التعاليم والقيم والقصص والأمثال الواردة في الكتاب المقدس لتخاطب الحواس والمشاعر الإنسانية عبر وسائط إبداعية متنوعة التأثير كالتمثيل والموسيقى والتصوير والنحت والعمارة والقصص والشعر.. وبمناسبة احتفال الكنيسة المصرية بيوم تجليس الأنبا تواضروس الثاني غداً الأحد، أستأذن القارئ في عرض بعض المشاهد الدرامية الطقسية التي واكبت أحداث سيامته وتجليس قداسة البابا كيرلس السادس للاقتراب من تلك الطقوس ذات الطابع الاحتفالي والإبداعي والفني والفولكلوري والتراثي .. مشهد (1) كنيسة مارمينا مصر القديمة.. نهار/ داخلي.. وفود من الآباء المطارنة والأساقفة والشعب تدخل الكنيسة لتهنئة أبونا مينا البراموسى المتوحد بهذا الاختيار الإلهي .. ويرد « كنت أود أن أعيش غريباً , وأموت غريباً . ولكن لتكن إرادة الرب .. المجد لك يارب لأنك اخترتنى أنا الضعيف لتظهر قوتك فى ضعفى .. ومن عندك القوة .. أعنى يارب لأنى أرتعب من عظمة موهبتك .. أنت أمين وعادل لاتترك محبيك .. ومن عندك القوة .. وعندك العون .. يا إلهنا وفادينا الصالح « .. ويعقب المشهد وفى 23 أبريل 1959 م إصدار الرئيس جمال عبد الناصر القرار الجمهورى رقم 583 لسنة 1959 م باعتماد انتخاب القمص مينا البراموسى المتوحد ليكون بطريركاً لكنيسة الأسكندرية , وقد تم نشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية رقم 86 بتاريخ 29 أبريل 1959م ( اعتماد انتخاب وليس قرار تعيين كما فعل الرئيس مرسي وهو خطأ ينبغي تصويبه). مشهد (2) نهار غروب/ خارجي .. احتشاد الآلاف حول البطريرك المنتظر في الطريق المؤدى إلى الكنيسة المرقسية. مشهد (3) نهار/ داخلي ..دخول أبونا مينا الكنيسة وسجوده أمام الهيكل يتلو صلاة الشكر .. مشهد (4) يوم التجليس الأحد 10 مايو1959 نهار مبكر/ داخلي .. الكنيسة المرقسية الكبرى وقد احتشدت بالمصلين وسفراء الدول وكبار الشخصيات ومندوب إمبراطورأثيوبيا.. وبحضورأنور السادات لتمثيل الرئيس عبد الناصر لحضور حفل السيامة .. وقد نقلت شبكة الإذاعة حفل السيامة إلى كل أرجاء مصر .. بعد انتهاء الكهنة من قراءة من (سفر أعمال الرسل) ثم السنكسار (تاريخ الكنيسة) يخرج الكهنة بموكب يحملون جمائرهم والشمامسة يحملون الصلبان والأعلام يرتلون وأغلقوا باب الكنيسة واتجه الموكب إلى المقر الباباوى، حيث كان الأساقفة والمطارنة مع المختار من الرب أبونا مينا البراموسى المتوحد وكان مفتاح الكنيسة مع أحد رؤساء الشمامسة الذى وقف على باب ينتظر نزول البابا المختار من الرب . مشهد (5 ) نهار/ خارجي ..نزول الموكب من المقر الباباوى ومعه المطارنة والأساقفة والشمامسة يرتلون الألحان الكنسية ، بينما يسير الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف وأحد رؤساء الشمامسة حاملاً الإنجيل . مشهد (6) نهار / داخلي ..أبونا مينا يقترب من باب الكنيسة ويتناول المفتاح ويفتح باب الكنيسة وهو يقول : «افتحوا لى أبواب البر لكى أدخل وأشكر الرب . لأن هذا هو باب الرب، وفيه يدخل الأبرار، أشكرك يارب لأنك استجبت لى وكنت لى مخلصاً ومنقذاً «وعندما ينتهى من صلاته تدق الأجراس معلنة بداية عهد جديد مع بابا جديد ..ويقوم نيافة الأنبا اثناسيوس بصلاة الشكر ورد الشمامسة بعد ذلك ب كيرياليسون ( يارب أرحم) ثلاث مرات . ثم تتوالى تفاصيل المشهد الختامي ..الأنبا يؤانس مطران الجيزة يتلو « نحن المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة وكل الشعب المحب للمسيح بمدينتى الإسكندرية والقاهرة وأقاليم مصر جميعاً .. عندما حلت بنا جائحة اليتم بانتقال طيب الذكر يوساب الثانى إلى الأخدار السمائية الذى نال المواعيد المقدسة ومضى إلى الرب الذى أحبه فسمع منه تعالى ذاك الصوت المملوء فرحاً القائل : نعماً ايها العبد الصالح والأمين إدخل إلى فرح سيدك .. عندما تيتمنا وترملت كنيسة الرب المقدسة التى يرعاها بتعاليمه تضرعنا إلى العلى أن يرشدنا إلى من هو جدير برياسة الكهنوت العظمى ليرعانا فى طريق الرب ويهدينا ميناء الخلاص. فبمنحه علوية وفعل الروح القدس، اتفقنا جميعاً بطيب قلب على القمص مينا المتعبد للرب الراهب من دير البراموس، بابا ورئيس أساقفة على الكرسى الرسولى الذى للقديس مرقس ناظر الإله الإنجيلى كاروز الديار المصرية واثيوبيا والنوبة والخمس مدن الغربية وسائر أفريقيا.. ولقد وقع اختيارنا عليه لأنه رجل متعبد للرب، محب للفقراء،معلم طاهر، مُجمل بالفهم والمعرفة، مُجد فى نشر تعاليم الإنجيل، ساهر على حفظ طقوس الكنيسة وتقاليدها، وأقمناه رأس رعاة وباباً وبطريركاً لبيعة الرب المقدسة .. وتحين لحظة وضع اليد المقدسة فيردد رئيس الشمامسة «أيها الآباء المطارنة والأساقفة المجتمعون معنا صلوا جميعاً لأبينا المختار من الرب»، وبعدها يضع المطارنة والأساقفة أياديهم عليه بينما كبير الأساقفة يصلى قائلاً: « أيها السيد الرب ضابط الكل الأزلى مصدر كل الرأفات وإله كل عزاء الذى خلق جميع الأشياء بقوته وحكمته ومشورته، اللهم العارف كل الأشياء قبل تكوينها , الذى كلل قديسيه بأكاليل لا تبلى، الذى جعل خوفه على قلوب خليقته لتخضع لعزته، وأنعم علينا بفم حقيقى لنعرف روح صلاحه وأضاء كنيسته بنوره غير الموصوف واصطفى إبراهيم خليله لميراث الإيمان , ونقل أخنوخ صفيه إلى كنوز النور لأنه أرضاه، ووهب موسى الوداعة , وهارون كمال الكهنوت، اللهم الذى مسح الملوك والرؤساء لكى يقضوا بين شعبك بالعدل، ولم يدع مذبحة المقدس السمائى بغير خدمة منذ إنشاء العالم حتى اليوم , اللهم الذى أقام كهنته فى بيعته ليخدموا أسمه القدوس، نسأل ونتضرع إلى صلاحك يا محب البشر عن عبدك «الأنبا كيرلس السادس.. ثم يُلبس المطارنة والأساقفة البطريرك الجديد التونية (الرداء البطريركي)، ثم يُسلمه الأنبا أثناسيوس تقليد رئاسة الكهنوت وهو يقول بصوت جهورى: «تسلم تقليد رياسة الكهنوت لسنين كثيرة وأزمنة سالمة محفوفة بالمجد والكرامة».. ويصلي المطارنة والأساقفة بطلبات من أجل البابا الجديد وهم يكملون إلباسه ملابسه الكهنوتية ويقوم رئيس الأساقفة بوضع الأناجيل الأربعة على رأس البابا كيرلس السادس، وأخيراً يضعون التاج على رأسه، وفى هذا الوقت يرفع جميع المطارنة والأساقفة تيجانهم عن رؤوسهم .وعندئذ يدخل البابا كيرلس السادس إلى الهيكل ليتسلم الصليب وعصا الرعاية من فوق المذبح، فيلتفت إليه رئيس الأساقفة ويقول «تسلم عصا الراعية من يد راعى الرعاة الأعظم يسوع المسيح ابن الرب الحق الدائم إلى الأبد، لترعى شعبه وتغذيه بالتعاليم المحييه فقد ائتمنك على نفوس رعيته ومن يديك يطلب دمها «ثم يُجلسونه على كرسيه» نُجلس رئيس الرعاة المدعو من قبل الرب الأنبا كيرلس السادس بطريركاً على كرسى القديس مرقس باسم الاب والابن والروح القدس آمين « وتدق أجراس الكنائس معلنة فرحة السماء.