تكررت الجرائم الإرهابية الخطيرة ضد أفراد الجيش المصرى ورجال الشرطة والسكان والسياح، ومشايخ القبائل فى شبه جزيرة سيناء وخاصة فى الشهور القليلة الماضية وبعد الثورة، ولقد تم منذ عدة أيام قتل ثلاثة من أفراد الشرطة، مع تدمير سيارتهم فى العريش، فضلاً عن اختطاف أحد مشايخ القبائل، وسبق من قبل أن قتل (16) من أفراد القوات المسلحة خلال إفطارهم فى رمضان الماضى، وكذلك وقع الاعتداء عدداً من المرات على قسمى الشرطة بالشيخ زويد والعريش مع تدمير خط الغاز المصدر إلى إسرائيل أكثر من 15 مرة!! كما رفعت أعلام القاعدة السوداء من الجماعات الإرهابية المسلحة مرات فى سيناء، ورغم الحشد العسكرى للعملية «نسر» الذى نشرت صور الفضائيات، والذى اشتمل على الدبابات والعربات المصفحة والمجنزرات للمطاردة والقبض على المجرمين الإرهابيين مرتكبى هذه الجرائم فى سيناء، فإنه لم يعلن حتى الآن عن نجاح الجيش والشرطة فى معرفتهم، والقبض على أحد منهم أو نشر الخطط، التى تتبع فى البحث عنهم، وضبطهم بل انقلبت سيارات الأمن المركزي، وقتلت وجرحت العديد من الجنود. والملاحظ بادئ ذى بدء أن عمليات الاعتداء والقتل موجهة أساساً إلى قوات الأمن والقوات المسلحة، وزعماء القبائل السيناوية المتعاونين معها!! كما أن القتلة يهاجمون، وهم يخفون وجوههم ويضربون بالبنادق الآلية السريعة الطلقات والقنابل اليدوية!! بينما رجال الأمن ليس لديهم سوى أسلحة متخلفة من البنادق غير الآلية والمسدسات (9) مم!! ويعنى مضى الشهور على هذه الأحداث الإرهابية الدموية دون ضبط مرتكبيها أو حتى معرفة هويتهم وأهدافهم، من تلك الاعتداءات أن هناك عجزاً خطيراً فى أعمال المباحث والمخابرات، وجمع المعلومات، فضلاً عن ضعف خطط التأمين الشرطى، وزرع الأكمنة مع ضعف أسلحة «الدفاع الشرعي» عن أفراد الشرطة وحتى عن أقسام الشرطة فى سيناء التى تكرر مهاجمتها والاعتداء عليها!! وتقتضى هذه الحالة البحث والتدقيق فى أسباب ما يحدث بصورة موضوعية ومنطقية لإمكان متابعة الإرهابيين القتلة والقبض عليهم ومحاكمتهم. ومن الحقائق الأساسية أن سيناء معزولة ومخترقة من العديد من أجهزة الاستخبارات الأجنبية مثل «الموساد الصهيونى» وغيره، كما أنها أصبحت مأوى لعديد من الجماعات التكفيرية المسلحة التى يتم تمويلها وتسليحها من أجهزة الاستخبارات الأجنبية ذات الأهداف الإقليمية والاستعمارية فى سيناء، والتى على رأسها إشاعة الرعب والإرهاب وعدم الاستقرار فى سيناء، ويؤكد ذلك أن الشرطة المصرية قد ضبطت وقبضت على خلية إرهابية منذ أيام اختفت فى مدينة نصر بالقاهرة!! كما واجهت رصاصهم وقنابلهم وقتلت واحداً منهم «ليبى الجنسية»!! وتعود الأسباب التى أدت إلى هذا النشاط الإرهابى فى سيناء بعد ثورة 25 يناير 2011 إلى الوضع الجغرافى بهذه المنطقة المهمة حيث إنها يغلب على سكانها الانتماء البدوى والقبلى وهى بذلك تتميز «ديموغرافياً» عن الوادى، كما أنها على الحدود بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة!! حيث تسيطر جماعة حماس التى تنتمى إلى الإخوان المسلمين وتتحرك هذه الجماعة المسلحة فى الأراضى المصرية بسيناء من خلال التسلل من مئات الأنفاق التى تستغل فى الاتجاهين لتهريب الأسلحة والذخائر والأغذية والسيارات والمهربات المختلفة!! وتتميز سيناء فضلاً عن ذلك بقلة السكان ويتضح من ذلك أن رائحة الاشتباه والاتهام واسعة وممتدة من داخل سيناء إلى العمق المصرى، بعد أن وصل النشاط الإرهابى إلى عمق العاصمة، وهذا يعنى دون شك عجز الأجهزة الأمنية والمخابراتية عن معرفة المعلومات الأساسية من الجماعات التخريبية والإرهابية المذكورة. وقد قرر وزير الداخلية بعد الحادث الأخير تغيير مدير أمن سيناء وإحلال نائبه محله بعد عزله!! ورغم أهمية هذه الخطوة إلا أنها ليست كافية لتغيير الأوضاع الأمنية وسيناء، ولذا فإنه يعتبر أمراً طبيعياً ما حدث من تظاهر عناصر الأمن فى سيناء ومحاصرتهم مبنى المحافظة مطالبين بتوفير أسلحة وأساليب للحماية اللازمة لإنقاذ حياتهم مع رفضهم استمرار الأوضاع الحالية التى تؤدى إلى تصفيتهم وقتلهم بالعشرات وعلى مراحل من الإرهابيين والعملاء دون قدرة منهم على المقاومة والدفاع الشرعى عن أنفسهم فأجهزة الأمن فى سيناء تعانى بالتأكيد من نقص فى أعدادها، وعجز فى تسليحها، وتردد فى مواجهة الهجوم الإرهابى عليها، هذا فضلاً عن العجز فى معرفة الإرهابيين وأوكارهم مع تأثير المشاكل الخطيرة المزمنة فى سيناء والتى تعانى منها قبائل البدو والسيناويون منذ فترة ليست بالقصيرة. وللحديث بقية.. رئيس مجلس الدولة الأسبق