مازال شبح وباء فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» يخيم على العالم، فبعد أن جاء بصيص من الأمل بارتفاع نسبة الشفاء، اختفى مرة أخرى بعد انتكاسة عدد من الحالات فى العديد من دول العالم، الأمر الذى أدى إلى زيادة المخاوف العالمية من هذا الفيروس، فمع اكتشاف حدوث انتكاسات لعدد من المرضى أصبحت هذه هى أكبر علامة استفهام يبحث العلماء عن إجابة لها، وبرغم أن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء أعلن أنه لم يتم تسجيل أى حالة انتكاسة للمتعافين من فيروس كورونا بمصر، وأن كل الحالات التى تماثلت للشفاء لا يمكن أن تكون مصدراً للعدوى، إلا أن الأمر مازال يحير العالم، لذا لابد من طرح هذه التساؤلات على الخبراء. بدأت تلك الانتكاسة، فى الأسبوع الماضي، عندما قال نائب رئيس مركز مكافحة الأمراض فى مقاطعة قوانغدونغ جنوبى الصين، سونغ تي، إن نحو 14 بالمئة من المرضى الذين خرجوا من المستشفيات فى المقاطعة، ثبتت إصابتهم مرة أخرى وعادوا إلى المستشفيات للخضوع للمراقبة. وتوالت الحالات، حيث أعلنت اليابان، الجمعة الماضى، عن أول حالة إصابة لشخص بفيروس كورونا مجددًا، بعد شفائه أول مرة، وهى المرة الأولى التى يتم فيها تسجيل مثل هذه الحالة «المتكررة» خارج الصين، وهى لامرأة تعمل كمرشدة سياحية، أصيبت مرة أخرى بفيروس كورونا الجديد، مما زاد من المخاوف بشأن طريقة الإصابة وانتشار العدوى. على صعيد آخر أشارت دراسة أجرتها مجلة لانسيت الطبية إلى سبب الإصابة بالفيروس مره أخرى، إذ تشير التقارير إلى أن مرضى فيروسات كورونا يظلون حاملين للعامل المسبب للمرض فى الجهاز التنفسى لمدة 37 يومًا، مما يعنى أنهم قد يظلون معدين لعدة أسابيع بعد شفائهم منه، ونظرًا لأن فترة الحجر الصحى الحالية الموصى بها هى 14 يومًا، فقد يظل المريض معديًا لفترة طويلة بعد زوال الأعراض، مما يؤدى إلى انتشار الفيروس دون قصد. وهناك تقارير تُشير إلى أن هناك احتمالًا أن الفيروس قد يظل خاملاً بعد نوبة مرضية أولية مع أعراض بسيطة، قبل أن تهاجم الرئتين مجددًا، أو هناك دائمًا خطأ بشرى مثل الاختبار غير الدقيق أو خروج المرضى قبل الأوان من الحجر الصحي، أو إن هناك عدة طرق يمكن أن يصاب بها المرضى بالفيروس مجددًا، بعد خروجهم من المستشفى، إحداها يكمن فى عدم إنتاجهم خلال فترة النقاهة ما يكفى من الأجسام المضادة لتكوين مناعة ضد فيروس كورونا، فيصابون مرة أخرى. كما يشير تقرير لمجلة «فوربس» الأمريكية، إلى احتمالية الإصابة مرة أخرى بفيروس كورونا «كوفيد 19» بعد التعافى منه، ليس هذا وحسب، بل إنه أيضًا لا يمنع من التعرض للإصابة بفيروسات أخرى من نفس السلالة مثل سارس «كوف-2»، وأشارت المجلة إلى أن السبب هو وجود مشكلة فى الجهاز المناعى للشخص المصاب، فالطبيعى أن يكون لجهاز المناعة دفاعات ضد الفيروس بعد الإصابة فى المرة الأولى. ومن جانبه، قال الدكتور محمود عبدالمجيد، مدير مستشفى صدر العباسية سابقًا، إن فيروس كورونا لا يعود مرة أخرى إلى جسم المريض، لافتًا إلى أن الفيروس كان متواجدًا فى جسم المريض ولم يشف بصورة كاملة، كما أن التحليل السلبى ليس تحليلًا دقيقًا وليس سلبيًا بل يكون موجبًا، كما أنه من المحتمل أن يكون بعض المرضى قد خرجوا من المستشفيات فى وقت مبكر جدًا، فى حين استمرت العدوى فى الجسم، لفترة أطول من المتوقع، لافتًا إلى أن المرضى المصابين بضعف المناعة أو كبار السن، لا توجد أى إشارات توضح أنه يمكن حدوث انتكاسة لهم مرة أخرى»، مشيرًا إلى احتمالية تطوير سلالة متحولة من الفيروس هو أمر نظرى ولم يثبت بعد. ورجح «عبدالمجيد»، أن الفيروس يتمحور مرة أخرى ويتكاثر بدرجة بسيطة داخل جسم المريض، لافتًا إلى أنه فى حالة الانتكاسة فإنه لا يسبب عدوى للبشر، ويكون فيروسًا ضعيفًا، كما أن حالة المريض تكون عادية بدون أى إصابات أو تعب واضح وشديد كالمرة الأولى. إلا أن الدكتور هانى شعراوى أستاذ الأمراض الصدرية بجامعة الإسكندرية، اختلف هذا الرأى قائلًا: إن فيروس كورونا كمثيله من الفيروسات، من الطبيعى عودته مرة أخرى لجسم الإنسان، لافتًا إلى أن مرض الأنفلونزا يعود دائمًا للبشر بعد الشفاء منه. وأوضح «شعراوي»، أن الفيروس جديد، وليس له معلومات علمية واضحة، حيث إن الأطباء مازالوا فى طور الدراسة، ومن الصعب التكهن به، لافتًا إلى أن مصر لم تحدث بها، وفى دول العالم ظهرت عدة حالات نادرة لم تتعد ال2%، مؤكدًا أن المرض بوجه عام يتسبب فى تليف فى الرئتين، وهى نسبة لا تتجاوز 3%، ولكن الأغلب من الذين تم شفاؤهم من الفيروس، يباشرون حياتهم بصورة طبيعية دون أى آثار جانبية وكأنه دور برد طبيعى وانتهى. واتفق معه الدكتور أسعد لويس استشارى الأمراض الصدرية والحساسية وباطنة وقلب، قائلًا: إن نسبة عودة فيروس كورونا للمرضى مره أخري، هى نسبة ضئيلة، لافتًا إلى أن منظمة الصحة العالمية لم تؤكد تلك المعلومة بعد، ولم تخرج المجلات والأبحاث الطبية والمراكز العلمية المعروفة، بمعلومات عن هذا الموضوع، ولا توجد دراسات تثبت «إعادة العدوى».