أقلّ من شهر يفصلنا عن بداية شهر رمضان الذي يحلّ هذا العام في ظروف استثنائية منذ عشرات السنين، مع تفشي وباء كورونا، وفرض الحجر الصحي المنزلي في العديد من الدول ذات الغالبية المسلمة، حيث إن شهر رمضان من أكثر الأشهر التي ينتظرها المسلمون بشوق من أجل إحياء شعائره وإضفاء أجواء روحية يمتاز بها رمضان عن غيره من الأوقات في السنة. موضوعات ذات صلة..شاهد.. الأوقاف تمنع إقامة الموائد الرمضانية هذا العام بسبب كورونا رمضان هو مناسبة للتعبد لدى المسلمين يحيون ليله بالقيام وأداء صلاة التراويح في المساجد ويحيون نهاره بالصيام، كما أنه على الصعيد الإجتماعي، فرصة لتلاقي الأسر والعائلات حول مائدة الإفطار في موعد واحد، والتعبير عن تضامن المسلمين فيما بينهم. رمضان بين الماضي والحاضر..هل سيؤثر فيروس كورونا علي رمضان 2020؟ مع قرب حلول شهر رمضان تزامنًا مع تفشي وباء كورونا، علي غير العادة،غابت مظاهر الإحتفال و الفرحة بقدوم شهر رمضان بسبب تدابير الحجر المنزلي، و التي كانت تظهر بالأخص في الشوارع والبيوت المصرية، حيث كانت تزدحم الشوارع في مثل هذه الأيام بتجمعات الناس والأسر من خلال ترددهم علي الأسواق الشعبية والمحلات لشراء لوازم و ياميش رمضان. و من أكثر المظاهر حزنًا هو اختفاء الفوانيس من المتاجر و المحلات التي كانت تملأ الشوارع في مثل هذه الأيام بمختلف أشكالها، إلي جانب إختفاء زينة رمضان من الشوارع و البلكونات المصرية التي كانت تنشر بهجة حول شهر رمضان، والسب في ذلك هو تطبيق كافة الاجراءات الوقائية والإحترازية التي تنص علي ضرورة التباعد الإجتماعي، و منع التجمعات و الحشود الكبيرة في الأماكن العامة والمغلقة، مما لم يُمكن الناس من تعليق الزينة في الشوارع بمساعدة بعضهما، أو كل جار بمساعدة جاره. اقرأ أيضًا..وزير الأوقاف: لن نفتح المساجد في رمضان حال استمرار كورونا ونظرًا للظروف التي تمر بيها البلاد والتي تسببت في فرض العزل المنزلي لأكبر عدد ساعات ممكن، لم يتمكن الجيران و الأهل و الأقارب من معايدة بعضهم البعض او اظهار اي مظاهر للإحتفال، فالوقت المتبقي من اليوم ينشغل كلًا منهم بعمله وليس لديه وقت لفعل أشياء أخري، حيث يتوجب عليهم الالتزام ببيوتهم قبل الساعة 7 و هو ما لا يمكنهم من القيام بالعادات التقليدية البسيطة المتعارف عليها قبل حلول شهر رمضان. كيف يحتفل الناس بشهر رمضان هذا العام؟ بسؤال مجموعة مختلفة من فئات المجتمع حول كيفية احتفالهم بشهر رمضان في ظل الأجواء المحيطة و تفشي فيروس كورونا و هل سيتمكنوا من التأقلم علي الوضع الحالي والذي بالتأكيد يختلف عن كل عام، وكيف يتعاملون مع اختفاء الفوانيس من المحلات، واختفاء التجمعات العائلية جاءت إجاباتهم كالآتي: قالت "إيمان محمد"، وهي أم ل 3 أطفال، في حوارها مع بوابة الوفد: "ظهرت العديد من الصفحات علي ال "فيسبوك" التي تبيع الفوانيس أونلاين بمختلف أشكالها و ألوانها وتعدد أنواعها، يوجد الفانوس الخشب والفانوس الملون وفانوس العروسة وغيرهم، و بالفعل تواصلت مع احد المواقع لطلب 4 فوانيس، ولكن لاحظت غلو أسعارها عن المعتاد عليه أو عن ما نراه في المحلات و المتاجر، فمثلًا تبيع الصفحة فوانيس بسعر 300 و 500 جنيه". واستطردت: "ولكن في نفس الوقت اضطريت لشرائها لأنني لا استطيع إقناع اطفالي الإستغناء عن الفانوس هذا العام، لأنه في ظل الظروف المحيطة يعتبر هو مظهر الفرحة الوحيد في شهر رمضان بالنسبة لهم ولي". وحول غياب التجمعات الأسرية والعائلية علي الإفطار والسحور، أجابت قائلة: سوف ألتزم بالبيت مع أولادي و زوجي و سنقضي شهر رمضان بأكمله في المنزل حفاظًا علي تدابير العزل المنزلي للوقاية من كورونا. وعن الإحساس ببهجة رمضان مع تفشي كورونا، قال "عم شوقي" عامل بسيط من عمال النظافة: "فين أيام رمضان زمان كان الواحد يستناه عشان يشوف اهله و حبايبه لكن خلاص بقي بعد الكورونا اللي بيقولوا عليها لا بقي في دخول ولا خروج وراحت فرحة رمضان". وعن فانوس رمضان واختفاءه هذا العام أجاب ... قائلًا:"اتعودت ان حبايبي يجيبولي فانوسين لعيالي كل سنة، بس دا ميمنعش اني كنت بعمل حسابي علي قرشين اجيب بيهم ياميش و فوانيس لعيالي و مراتي افرحهم بيهم، بس السنة دي مش لاقي لا ده ولا ده وحتي قالوا هيصرفوا ع الناس اللي مش عارفة تشتغل بعد الكورونا و مشفناش لا ابيض ولا اسود". حال الأسواق والتجار في شهر رمضان في ظل تفشي "كورونا":- و من الناحية الإقتصادية، فيعد شهر رمضان هو أكثر الأشهر التي تزداد فيها فرصة التجار والباعة وأصحاب الأعمال الحرة لمصدر دخل مغري خلال 30 يومًا، وبالتحديد أصحاب محلات الحلويات الشرقية مثل الكنافة والقطايف و حلويات رمضان الشهيرة، بالإضافة إلي أصحاب محلات الفول والزبادي الأكلتين الرئيسيتين علي مائدة السحور المصرية. ولكن في ظل الظروف المحيطة، سوف تتأثر الطقوس والعادات والتقاليد الإجتماعية المرتبطة بشهر رمضان مع التزام الكثير بتدابير الحجر الصحي المنزلي و تطبيق التباعد الإجتماعي، مما يعني أن الأسواق ومحلات الكنافة والقطايف لن تزدحم كعادتها، وسيكتفي البعض بعمل الحلويات في المنزل بالقدر المستطاع و بالإمكانيات المتاحة، وذلك خوفًا من شبح "كورونا" الذي يطارد الجميع حاليًا. وبناء على توصيات منظمة الصحة العالمية التي أقرت "بالحفاظ على مسافة 6 أقدام، أي حوالي مترين، بين الآخرين لتفادي خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وذلك بالبقاء خارج الأماكن المزدحمة، وتجنب التجمعات الكبيرة" في "11 مارس 2020"، لذا فمن المفترض أن تقتصر موائد الطعام في رمضان هذا العام علي افراد الاسرة الصغيرة من دون الاختلاط بالاقارب والزوار، في حال استمرت الاجراءات الوقائية الاحترازية علي حدتها خلال الاسابيع القادمة. كما أن موائد الرحمن الرمضانية التي تقام طيلة شهر رمضان لإطعام المساكين والمحتاجين قد تعاني هي الاخري و تواجه نفس المصير مما يهدد فرحة الفقراء وغير القادرين بشهر رمضان والصيام. وعلي غير المعتاد، ستختفي جلسات السمر والسحور في المقاهي والمحلات التي أغلقت أبوابها، ولا سهر بعد الإفطار و لا سحور في المطاعم مع الأقارب والأصحاب، مما سيضفي حالة من الحزن مع اختفاء الأجواء الرمضانية التي ينتظرها الجميع. انعكاس أزمة كورونا على الشاشة الصغيرة في الوطن العربي: وعلى الصعيد الثقافي لطالما كان رمضان الموعد الأهم لعرض أضخم الأعمال التلفزيونية و الإنتاجات الفنية من برامج والمسلسلات على شاشات العربية والتي يتم العمل عليها طيلة سنة كاملة، لكن يبدو أن فيروس كورونا الذي سيطول أمده لديه كلمة أخرى، ومن الممكن أن يغير عادات بل حتى طقوسًا وتقاليد ألفناها على مدى عقود. والضربة الأقوى ستتلقاها أيضًا الشاشة العربية بما تَعد به مشاهديها سنويًا بأضخم الإنتاجات والمسلسلات والبرامج والأعمال الفنية، فمع بداية تسلل الفيروس إلى البلدان العربية وفرض الحجر الصحي في أغلبها، أعلنت العديد من دور الإنتاج توقيف تصوير مشاهدها، ولن تسلم إلا الأعمال التي كانت في مراحلها الأخير من التصوير قبيل فرض الحجر الصحي. ومن ناحية أخري، فإن فترة الحجر الصحي ستكون فرصة كبرى أيضًا يمكن أن تستغلها القنوات لرفع نسب المشاهدة على برامجها.