كنت أقرأ وثيقة إعلان دستور «71».. عقبال يارب كده ما نشوف دستور 2012 أو 2013.. وكنت فى نفس الوقت أتابع فضائية استضافت ضيوفاً للتعليق على مسودة الدستور الجديد.. وشاهدت ضيفاً حقوقياً كبيراً ينفعل فى وجه أحد الدكاترة المشاركين فى إعداد الدستور وهو يقول له: هذه مسودة دستور زبالة ولن يوافق عليها أحد، وأشتم فيها رائحة تصفية حسابات، وبالأخص مع الهيئات القضائية. توقفت عن القراءة لأتابع المناقشات الساخنة وهدد الدكتور الدستورى بالانسحاب وهو يقول للضيف الآخر: حد يقول على دستور بلده كده! ورد الضيف الحقوقى إن دستور بلدى ما ينكتبش كده!! انتهيت من قراءة الفقرة الأخيرة من وثيقة دستور «71».. وجاء فيها «نحن جماهير شعب مصر، نقبل ونمنح لأنفسنا هذا الدستور، مؤكدين عزمنا الأكيد على الدفاع عنه، وعلى حمايته، وعلى تأكيد احترامه. الدستور ليس قرآناً.. والله وحشتنا هذه العبارة التى كنا نرددها أيام النظام السابق لإصراره على رفض مطالب الأحزاب السياسية بتعديل الدستور. الدستور هو حجر الزاوية لأى مجتمع، وهو الأساسات التى تحمل البناء، لابد أن تكون الأساسات قوية لأنها إذا كانت هشة انهار البناء، ونحن نحترم الدستور إذا احترمنا، وقدم لنا واضعوه دستوراً يعبر عن كافة فئات المجتمع وأفراده، دستوراً يحترم المواطن ويحافظ على حقوقه، ويحترم الثوابت، والهيئات التى تتكون منها الدولة. إكرام الميت دفنه، وإكرام الدستور إصداره، اللجنة التأسيسية تسابق الزمن لتكريم الدستور، وحددت يوم «4 نوفمبر» للتصويت على المشروع فى الجلسة العامة، وتزمع الانتهاء من إقراره فى النصف الثانى من نفس الشهر، حتى يكون جاهزاً للاستفتاء الشعبى عليه. محكمة القضاء الإدارى قد تصدر قراراً بإعدام مشروع الدستور خلال تصديها غداً «الثلاثاء» للحكم فى «43» دعوى قضائية تطالب ببطلان التشكيل الثانى للجمعية التأسيسية بعد أن حجزت المحكمة هذه الدعاوى فى جلستها الأسبوع الماضى للحكم فيها بجلسة الغد... هناك محاولة أخيرة يقوم بها الإخوان وهى تقديم طلب إلى المحكمة لإعادة المرافعة فى الدعاوى لتطويل أمد الحكم، وهناك توقعات بأن يكون بطلان التأسيسية الثانية هو قرار المحكمة غداً، لضمها أعضاء من مجلسى الشعب والشورى وهو نفس السبب الذى أدى إلى بطلان التأسيسية الأولى. هناك ملاحظة فى الاحتجاج الشديد من كافة فئات المجتمع على مشروع الدستور، وهى أن كل الهيئات القضائية اعترضت على وضعها فى الدستور رغم أن كتبه هو جمعية رئيسها قاض وهو المستشار حسام الغريانى! نادي القضاة يؤكد وجود نية مبيتة للعبث بالقضاء فى الدستور الجديد. والدستورية العليا تعترض على تقليص سلطاتها، وقضايا الدولة والنيابة الإدارية تكافحان للاعتراف بهما كهيئات قضائية! من الذى يعبث باستقلال القضاء، أشك أن يكون الغريانى اختير رئيساً للتأسيسية من أجل تركيع القضاء، وهو أحد قضاة تيار الاستقلال؟ نحن فى حاجة ماسة لدستور مصرى يؤسس للمرحلة القادمة، وينظم العلاقة بين أبناء المجتمع الواحد، ولا يفرق بين مواطن وآخر على أساس الجنس أو اللون أو العقيدة، لكن من يضع هذا الدستور هل أهل الاختصاص أم محاصصة بين القوى السياسية، هناك أزمة ثقة، وهناك محاولات لخطف الدستور، وإذا صدر حكم القضاء الإدارى بحل الجمعية التأسيسية الثانية فإن الرئيس مرسى سيكون هو المسئول عن تشكيل التأسيسية الجديدة ونرجو ألا يكون أحمد هو الحاج أحمد.