يظل مسلسل «أم كلثوم» واحداً من العلامات الفارقة فى تاريخ دراما السير الذاتية، فى كل عام تحيى الشعوب العربية ذكرى رحيل كوكب الشرق، يجعلنا نتذكر كيف صورت الدراما التليفزيونية حالة من التميز والتفرد الذى صيغ به تجسيد عصر «الست». العمل الذى تابعه الجمهور العربى فى رمضان عام 1999، تكلفت ميزانيته كما صرح الراحل المنتج الكبير ممدوح الليثى 2 مليون جنيه، وجمع 55 مليون جنيه، فهو العمل الأكثر مبيعاً فى تاريخ الدراما العربية حتى الآن، اشترته كافة القنوات العربية والمصرية، لما يمثله من تجسيد لقامة فنية ربما هى الأكبر فى تاريخ الموسيقى العربية، وأيضاً لما استحدثه العمل من نجاح وقت عرضه. المسلسل بجانب أنه رصد تفاصيل الصعوبات والعراقيل التى لاقتها أم كلثوم فى رحلتها إلى عالم المجد والشهرة، لكنه كان وفياً لعصر أم كلثوم، صور الشياكة فى التعامل بين الموسيقيين وبعضهم، ألقى الضوء على سيرة بلد بأكمله مستعرضاً تفاصيل الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية التى عرفتها مصر على امتداد حوالى نصف قرن من الزمان، منذ الحقبة الملكية حتى مرحلة عبدالناصر ثم السادات. أظهر المسلسل كل التفاصيل الإنسانية فى حياة كوكب الشرق، وحاول المسلسل تتبع خطواتها منذ ولادتها التى هناك اختلاف حول تاريخها ما بين أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وتحديداً عام 1904 وهو المعترف به رسمياً، مروراً ببداية موهبتها فى الطفولة المبكرة، وهى لا تزال فى قرية طماى الزهايرة التابعة لمحافظة الدقهلية، وفى أسرة متواضعة حيث كان والدها يعمل منشداً. العمل أعطى المساحة لكيفية تربية نشء محترم، وضح كيف استفادت كثيراً من تعلمها لتلاوة القرآن الكريم من والدها الذى صارت تصطحبه للغناء فى الاحتفالات التى تقام هنا وهناك، وكيف تعامل أهلها عندما ذاع صيتها، وتابع المسلسل تفاصيل رحلة صعود هذه الفتاة الموهوبة صاحبة الصوت الاستثنائى، وكيف ساعدها أهلها لتكون من أهم الأصوات الغنائية فى القرن العشرين، وباتت حاصدة الألقاب ومطربة المطربات. المسلسل سلط الضوء على الحياة العائلية والعاطفية، واشترك فى البطولة نخبة من الفنانين: كمال أبورية فى دور أحمد رامي، وأحمد راتب فى دور القصبجي، وقام عبدالعزيز مخيون بدور محمد عبدالوهاب، ورشوان توفيق بدور الشيخ أبوالعلا محمد، وجسدت نادية رشاد دور منيرة المهدية، وبسام رجب دور الملك فاروق، ورياض الخولى دور جمال عبدالناصر. حسن حسنى ظهر فى دور والد أم كلثوم، وظهرت سميرة عبدالعزيز فى دور والدتها، فى حين قدمت الطفلة سهر الصايغ دور أم كلثوم فى طفولتها، وريهام عبدالحكيم فى مراهقتها. صاغه الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن، وكانت المخرجة إنعام محمد على صاحبة فكرة إنجازه وهى التى حرصت على ضمان كل أسباب النجاح، ومثل نقطة انطلاقة لكل من شارك فيه بداية من صابرين، حيث جسد العمل مرحلة النجاح الحقيقية المحسوبة لها فى تاريخها، ومعها أكثر من مائة فنان شاركوا فى العمل وجسدوه. كل من شارك فى العمل استطاع أن يرسم لنفسه طريقًا نحو النجومية، ويحسب للمخرجة إنعام محمد على مجهودها الكبير فى تقديم عمل شاهد على عصر أم كلثوم.