لا يغيب عن عينى حالة الانسجام بين أفراد المجتمع المحيط بى قبل وأثناء حرب أكتوبر ثم علمت أن الشعب المصرى كله كان على قلب رجل واحد، ولم يظهر حالة انفلات أمنى واحدة أيام المعركة.. وخبراء علم الاجتماع أشادوا بتماسك أطياف المجتمع المصرى حتى عم هذا الشعور المجتمع العربى من الخليج إلى المحيط.. وعلى النقيض تماما ما نشاهده اليوم من تناحر كل الفصائل حتى أصاب غالبية الشعب الإحباط وعدم الثقة فى كثير من رموزه، لأنهم أصموا آذانهم لصوت العقل.. والمضحك فى الأمر أنهم على علم بأن الصهيونية والحركات الصليبية مازالت تنسج خيوطها العنكبوتية على منطقة الشرق الأوسط خاصة مصر.. فمنذ ثلاثة أشهر نشرت مجلة «وايارد» الأمريكية عن تدريبات عسكرية فى كلية أركان القوات المشتركة تحت قيادة أحد كبار الضباط واستمرت ثمانية أعوام بغرض الحرب على المسلمين وإبادتهم.. وفجأة توقفت الدورة. وتمر أيام قليلة وتعلن الهجمات البذيئة على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فى ذكرى 11 سبتمبر بشكل ممنهج، ولكن نجحوا فى تحويل الدفة والهجوم على رد فعلنا العشوائى وغاب عنهم أن الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات وعد بحمايته فى قوله تعالى «إن كفيناك المستهزئين»، وقد أمرنا فى قوله تعالى «وادفع بالتى هى أحسن».. ولكن حضارة «اقرأ» التى بعث بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أهملناها وصار حالنا لا يرقى فى أعينهم عن حال المتخلف الهمجى. ونسينا أيضا مخطط «برنارد لويس» لتقسيم العالم الإسلامى وخرائطه الكاملة لتفتيت العالم العربى إلى اثنين وثلاثين كيانا سياسيا جديدا على أسس عرقية ومذهبية، ونشرته مجلة وزارة الدفاع الأمريكية وبالفعل تم تقسيم السودان والقرن الأفريقى المسلم.. والمحاولات مستمرة فى العراق واليمن ومصر من خلال بث الفتنة وتأجيجها. وجاء هذا المخطط بتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية عام 1980 «لبرنارد لويس» مهندس التقسيم الحديث من باكستان إلى المغرب العربى، بحيث تكون إسرائيل الكيان الصهيونى الكبير والسيد المطاع فى المنطقة.. ولويس هذا يعمل أستاذا بجامعة «برنستون» وولد من أسرة يهودية فى لندن ومتخصص فى التاريخ الإسلامى وعلاقته بالغرب ومعروف بآرائه المتطرفة تجاه العرب والمسلمين ومن أقواله الشهيرة «لا نرى من الحاضر الإسلامى إلا السلبيات، فهو يستدعى كل الحجج الموجهة للقارئ بأن المسلمين لا أمل فيهم.. فهم عدوانيون متعصبون بطبيعتهم». وقال أيضا «إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا» ثم قال لا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هى تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية» وهو ما تدعو إليه المنظمات المدنية الأمريكية. وقال أيضا «لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية». وهو ما كان يحدث فى السابق. ويتضح هنا أن الهدف هو مسخ الهوية العربية الإسلامية التى تسعى دول الغرب إلى تحقيقه منذ زمن بعيد بعدة طرق من خلال الاستشراق والاستعمار والعولمة، بحيث لا يترك لنا فرصة التقاط الأنفاس أو زيادة مساحة الهدوء والاستقرار. ولويس قدم الذريعة الأيديولوجية لإدارة بوش الابن للحرب على العراق وأفغانستان، وقد اجتمع مع بوش ونائبه تشينى ثم مد خونة هذه البلاد يد العون لهم بتقديم المشورة. وللعلم اعتمد الكونجرس مشروع د. «برنارد لويس» وخريطته فى جلسة سرية عام 1983.. ولا يخفى على أحد أن التقسيم فى مصر قائم على أساس النزعات الطائفية الحالية ونعرة الأقليات فى سيناء والنوبة. ونتذكر قول د. جمال حمدان «لقد التقت الإمبريالية العالمية مع الصهيونية لقاء تاريخيا على طريق واحد هو المصلحة الاستعمارية المتبادلة فيكون الوطن اليهودى قاعدة تابعة وحليفا مضمونا لبقائه، كما أعلن تيودور هرتزل سنة 1885 فى كتاب الدول اليهودية «ستكون هذه الدولة بالنسبة لأوروبا متراسا ضد آسيا المسلمة». *** يقول المولى عز وجل: ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)البقرة آية 109..