كنت «تائبًا» عن متابعة أى حوار إعلامى تجريه وسائل إعلامنا مع رئيس الجمهورية فى عهدى أنور السادات وحسنى مبارك!، ولم أكن أهتم بمتابعة أى حوار للرجلين إلا عندما يجرى الحوار مع أحدهما أى من الصحفيين الأجانب المشهور منهم وغير المشهور، وكنت أنتبه جيدا لما يلقيه أى صحفى إسرائيلى على أى من الرئيسين باللؤم والخبث مما كان أى صحفى إسرائيلى يحتشد بهما فى اسئلته المتتابعة والتى تحاصر أياً من الرئيسين!، وأشهد أن الرئيس الراحل أنور السادات كان - رحمه الله - داهية فى الافلات من مصايد الصحفيين الإسرائيليين خاصة السيدات منهم!، ولكن الرئيس السادات كان فى واقع الأمر رجلا مدربا على التعامل مع هذه الحوارات الأجنبية، أما الرئيس السابق حسنى مبارك فقد وجدت أننى لا أستفيد - حتى من الناحية المهنية الصحفية - خلال أى حوار يجريه الصحفيون الأجانب معه!، وإذ كنت ألاحظ أن تأدب المحاورين الأجانب يفرض عليهم تلقى اجابات مبارك دون جدل!، وكل ما كان يعوز المحاور الأجنبى أن يقول الرئيس تعليقا على بعض الاجابات: لا يا شيخ!، ومن أشهر الحوارات التى أجريت مع مبارك ولا أنساها رغم مرور سنوات عليها هذا الحوار الذى أجراه زميلنا عماد أديب مع مبارك عندما رشح نفسه للرئاسة!، وتنقل عماد أديب مع الرئيس فى أماكن شتى أثناء الحديث، من تصويره للرئيس وهو يشرب الشاى مع فلاح بسيط وضح أنه جرى الاتفاق معه سلفا لتنفيذ هذا المشهد!، إلى اصطحاب الرئيس لعماد أديب إلى غرفة العمليات الخاصة بسلاح الجو بمناسبة الحديث الذى لم يمله الرئيس وعماد أديب وعامة المصريين عن الضربة الجوية «التى طالها» الرئيس وهو يقود قواتنا الجوية فى حرب أكتوبر 1973 - أول حرب تنتصر فيها مصر فى كل حروبها مع إسرائيل - وكان عماد أديب شديد الدهشة والانبهار وهو فى الطريق إلى غرفة العلميات مع الرئيس!، ولكن عماد أديب الذى كان بإمكانه إجراء حوار «تاريخى» بمعنى الكلمة، انطلق كعادة المراسلين المرؤوسين يسأل الرئيس أسئلة لم تأت بجديد!، سوى أنها زادتنى اقناعا بتوبتى عن متابعة الحوارات الإعلامية المصرية «مع الرؤساء المصريين»!. بكل هذه الخلفية «التاريخية» لى مع الحوارات «المحلية» للرؤساء قصدت أن أتابع الحوار الذى أجراه التليفزيون المصرى مع رئيسنا «محمد مرسى» وأذيع على الناس للمرة الأولى العاشرة مساء، وكان ظنى ساعة جلوسى للمتابعة أننى أمام وليمة غنية بالأفكار والحلول والعمل الذى يتجاوز وعود الرئيس فى خطته ذات المائة يوم وقد قاربت على الانتهاء!. ولكننى وجدت الرئيس «أشد طيبة» من محاوره!، فقد طرحت الاسئلة على الرئيس بصيغة «بوليسة التأمين» التى تضمن نجاحة الرئيس من فخاخ المحاورين واسئلتهم على شاشات التليفزيون!، وأشهد أننى تابعت حوارات لبعض الزملاء المحاورين على الشاشات وقنواتها المختلفة، فوجدت هؤلاء يعدون جيدا لحواراتهم حسب أهمية الضيف، وليس بمراعاة أن الضيف هو رئيس الجمهورية الذى تترقب الناس منه حلولا عملية لما يؤرقها سواء التعليم - والحوار فى ظل عودة المدارس والجامعات -، أو جامعة النيل التى انفجرت أزمتها - ومازالت - دون أن تعرف لها نهاية حتى الآن!، دون أن يعرج رئيس الدولة على مثل هذه الأزمة ليعلن على من تعنيهم الأزمة بأن الحل قد تم الاهتداء إليه!، واعتصامات المعلمين، وانفجار اضراب النقل العام. ثم ارتفاع الأسعار ارتفاعا فلكيا للخضروات والفواكه بدون ذكر «اسم اللحم»!، وقد شاء الرئيس ألا يستعين بأى ورقة تحمل بيانات دقيقة أو إحصاءات أو تواريخ محددة للناس للفراغ من أزماتهم أو بعضها! أدركت أننى أمام حوار «تذكارى» للرئيس، يرتد بى إلى توبتى عن متابعة أحادث الرؤساء!.