كنت - ولا أزال - من أشد المعجبين بأداء الإعلامي المتميز عماد الدين أديب. بحواراته الشيقة وآرائه الواعية الناضجة وخبطاته الإعلامية الكبيرة فهو إعلامي من طراز فريد بدأ حياته الصحفية مبكراً ومن القمة عندما أجري حديثاً مع الرئيس الأسبق أنور السادات ليكون أول صحفي مصري أو عربي يحاور رئيس الدولة وهو مازال طالباً في كلية الإعلام.. كما كان آخر إعلامي يدخل غرفة قيادة القوات الجوية لتسجيل حلقات بداخلها مع الرئيس السابق حسني مبارك. تاريخ "أديب" عريض ويمثل نموذجاً مضيئاً وناجحاً يقتدي به شباب الإعلاميين فأرشيفه متخم باللقاءات الكبري مع الشخصيات اللامعة محلياً ودولياً لذلك كانت الدهشة مضاعفة عندما فاجأنا منذ عام تقريباً بطرح فكرة الخروج الآمن ل "مبارك" وعائلته قبل ان يعود مرة أخري ليؤكد في برنامج شقيقه عمرو "القاهرة اليوم" علي قناة أوربت ان المبدأ لم يعد ممكناً ولا مجال للخروج الآمن الآن مما زاد من دهشة بل وسخرية المتابعين سواء من الإعلاميين أو السياسيين أو حتي عامة الناس. سر الصدمة المصحوبة بالكثير من علامات الاستفهام ان "أديب" ليس شخصاً عادياً أو إعلامياً متهوراً بل كاتب كبير وصاحب رأي متزن يحسب الأمور بميزان من ذهب ويعرف أصول المهنة جيداً. فالاعلامي لا يملك نشر أو إذاعة ما لديه من معلومات دون امتلاك دليل. فنحن الصحفيين لا نقرأ الغيب بل نتحدث بالأدلة والمستندات.. هذه حقيقة يعرفها الصحفي المبتديء فما بالنا بإعلامي كبير وكاتب مخضرم يمتلك كل أدوات المهنة خاصة إذا كان بصدد الحديث عن موضوع بكل تلك الحساسية ناهيك عن توقيت تفجير أديب لقنبلته حيث كان الأمن وقتها في عز عنفوانه وقوته ولم تكن هناك أي مؤشرات للثورة من قريب أو بعيد. الآن.. لا مجال للسخرية فالأمور تبدلت وما كان جنونياً وغير متصور منذ عدة أشهر فقط بات واقعاً معاشاً. وأصبح "أديب" مديناً للشعب بتوضيح ما قاله والاجابة علي تساؤل محوري ومهم: من أين استقي معلوماته حول فكرة الخروج الآمن للرئيس السابق ومن الذي وسطه وقدم له الوعود والضمانات بسلامة مبارك وعائلته إذا استجاب لمطلب الخروج من الحكم؟! الإجابة علي سؤال بمثل هذه الخطورة قد تقودنا إلي كشف الكثير من الغموض والألغاز التي تحيط بنا في تلك المرحلة الخطيرة والمفصلية.. فهل يمتطي "عماد الدين أديب" صهوة جواده ويتحلي بالشجاعة التي نعرفها عنه ويكشف الستار عن أمور جوهرية مهمة ربما تقودنا إلي تفسير ما يجري الآن من محاولات لدفع الوطن إلي المجهول؟!