من خلال استقبالي للشكاوي التي ترد إلينا يومياً عن طريق البريد والفاكس والإيميل والمقابلات الشخصية، نجد أغلب هذه الشكاوي يتعلق بالمرضي البسطاء الذين لا يجدون قوت يومهم وزاد عليهم بلاء المرض ووضعهم في مأزق يصعب الخروج منه في ظل سياسة «مشي حالك يوم بيوم» دون التخطيط للمستقبل ووضع رؤي وخطط لاستيعاب الأعداد الموجودة علي قوائم الانتظار بمعظم المستشفيات الحكومية أو التأمين الصحي وأصبح المريض عبئاً علي زوجته في مرحلة البحث عن سرير أو غرفة عناية مركزة داخل هذه المستشفيات، وفي حالة طول فترة الانتظار أو عدم وجود غرفة فإن البديل يكون في غاية الصعوبة وهو اللجوء إلي المستشفيات الخاصة التي يكتوي بها القادرون والأثرياء، فما بالنا بالفقير الذي لا يستطيع شراء حقنة؟.. ولا أدري هل وزارة الصحة تضعنا في حسبانها ونحن في هذه المرحلة ويصعب توفير غرفة أو سرير لمريض داخل عناية مركزة، فماذا يحدث لا قدر الله إذا وجدنا أنفسنا أمام حرب أو كارثة طبيعية أو وباء ماذا سيكون الحال.. هل نلقي بالمرضي في الشارع أم في فناء المستشفيات؟ أسوق إلي وزيري الصحة والتعليم العالي حالة مواطنة تدعي «جمالات علي السيد مرزوق» ترقد في الدور الثاني عنبر 17 بقصر العيني منذ 21 يوماً تطلب استئصال 3 حصوات بالكلي، أرسلت شكواها إلي الجريدة تستغيث بنا من عدم إجراء الجراحة لها رغم الآلام التي تتعرض لها، ورغم تحديد لها عدة مواعيد، ويتم عن طريق الواسطة والمحسوبية تقديم غيرها عنها ومازالت ترقد بالمستشفي ولا عزاء للفقراء، وهناك الكثير والكثير من الحالات التي تتمزق قلوبنا عليها ونحن لا نجد لها حلاً بعد أن أصبح قرار العلاج يساوي قرار الهجرة أو الزواج من هم الاستعداد له خصوصاً الحالات التي تحتاج إلي مبالغ كبيرة مثل حالات زرع القوقعة في الأذن، التي تتكلف ما يزيد علي 130 ألف جنيه، ومعظمها لأطفال في عمر الزهور يفقدون النطق بسبب فشل جهاز السمع لديهم، ونجد أن أهل المريض يعانون من العذاب ما يعانون، حتي يحصلوا علي مبلغ 45 ألف جنيه فقط من التأمين الصحي، وعلي المريض تدبير مبلغ 90 ألف جنيه، ومعظمهم لا يملكون أي شيء من هذا المبلغ، ولا يجدون متبرعين نظراً للحالة الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من رجال الأعمال الذين كانوا يقدمون مساعدات لهذه الحالات، والآن ونحن علي مشارف دولة مدنية حديثة تؤمن بحقوق الإنسان في التعليم والعلاج نطالب الرئيس محمد مرسي أن يهتم بالفئات المطحونة التي تتردد علي مستشفيات الحكومة التي تعاني من النقص الحاد في جميع الخدمات وأن يخصص من ميزانية الدولة مبالغ مالية لحالات زرع القواقع داخل الأذن وزيادة غرف العناية المركزة بالمستشفيات العامة، ووضع تأمين صحي شامل يشمل جميع الفئات، فقراؤها قبل أغنيائها وعمالها وفلاحيها قبل وزرائها ورؤسائها.