رأت مجلة "ايكونوميست" أنه رغم مقتل السفير الامريكى فى ليبيا الاسبوع الماضى، إلا أن ليبيا مازالت تسير على طريق التقدم والنجاح.. وقالت المجلة إن قتل "ستيفنز كريستوفر"، السفير الأمريكي فى ليبيا. جنبًا إلى جنب مع ثلاثة من زملائه فى القنصلية في بنغازي، المدينة الليبية الثانية، هو جزء موجة العنف الموجه ضد الغربيين منذ سقوط نظام "معمر القذافي" قبل نحو عام. ففي الأشهر القليلة الماضية، تعرضت قافلة السفير البريطاني للهجوم خلال زيارة لبنغازي، كما تعرضت مكاتب للصليب الأحمر والأمم المتحدة في تلك المدينة، مهد الثورة الليبية لهجمات ويعتقد أن مرتكبي تلك الجرائم جميعًا من السلفيين الذين يتبنون مواقف ايديولوجية متشددة. السلفيون واشارت المجلة الى أنه فى الأسابيع القليلة الماضية هاجم السلفيون أيضا الأضرحة في طرابلس، العاصمة، وفي أماكن أخرى في ليبيا هى مواقع مقدسة منذ قرون من قبل المتصوفة، الذين يمارسون شكلا روحانيا من الإسلام، يصفه المتشددون بأنه نوع من الوثنية' ومن بين تلك المزارات والاضرحة التى تم هدمها من قبل السلفيين مزار "آل الشعب آل الدهماني"، الذى يطل على فندق "راديسون بلو"، وهو المكان المفضل لزيارة كبار الشخصيات الأجنبية والليبيين البارزين، حيث قامت مجموعات سلفية بتدمير الضريح، واستمر ذلك 48 ساعة، دون ان تحرك وزارة الداخلية الليبية ساكنا. وهذا يشير إلى إما أن الإسلاميين المتطرفين السلفيين لهم من الأصدقاء في الأماكن اوالمناصب المرموقة من يوفرون لهم الحماية أو أن الحكومة وذراعها الأمنية، بغض النظر عن حسن النية، ضعيفة جدا وغير منظمة للتعامل بقوة معهم، وفي كلتا الحالتين، فإنه من غير المرجح أن يشجيع ذلك الاستثمار أو طمأنة المتشككين بأن الأمن في البلاد تحت السيطرة. الميليشيات وأوضحت المجلة انه في الواقع، ثمة جانب آخر يثير القلق من ليبيا الجديدة هو القدرة المستمرة والقوة التى تتمتع بها الميليشيات المحلية، خاصة في أماكن مثل مصراتة والزنتان التي تحملت عبء المعركة ضد "القذافي"، وتتجاهل سلطة الحكومة المركزية، وعلاوة على ذلك هناك التوترات القبلية والعرقية فى اطراف البلاد وفي المدن الجنوبية النائية مثل سبها والكفرة، والتى لا تزال تثير تفشي العنف. الأمل ورغم كل ذلك هناك أيضًا تقدم ملحوظ، وخاصة على الجبهة السياسية، ففي الاشهر القليلة التى تلت مقتل "القذافى" تم انتخاب المؤتمر الوطنى، منذ ايام قليلة تم انتخاب "مصطفى ابو شاقور" استاذ الهندسة الكهربائية، العلمانى الذى قضى 31 عامًا فى المنفى فى كاليفورنيا، رئيسا للوزراء، وسيتم انتخاب حكومة ديمقراطية لأول مرة وهيئة لكتابة دستور جديد. وقد تم تحقيق هذا التقدم المطرد، رغم كل الظروف وبعد عقود من الطغيان، وما زال المزاج العام في البلاد يأمل بشكل كبير فى المزيد. نتائج الانتخابات ورأت المجلة ان النتيجة الأكثر لفتا للنظر فى انتخابات الجمعية الوطنية ( البرلمان) في يوليو، هى الفشل النسبي للإسلاميين، مثل حزب العدالة والبناء، المتحالف مع الاخوان المسلمين، الذى حصل على 17 مقعداً فقط من أصل 80 من مقاعد المنتخبين على أساس التمثيل النسبي على قوائم الأحزاب، في حين فاز ائتلاف العلمانيين والليبراليين والإسلاميين الأكثر اعتدالا ب 39 مقعدًا، ولم يحصل الحزب الإسلامي الذى يتزعمه "عبد الحكيم بلحاج" الممول بسخاء من قطر على أي مقاعد على الإطلاق، ومع ذلك، فإن الامر يستغرق بعض الوقت لتحديد هوية البرلمان الايديولوجية، خصوصا ان 120 من 200 عضو ينتمون للمستقلين في قوائم المنتخبين على المقاعد الفردية، وعادة لا يعلن هؤلاء عن الانتماء الحزبي أو الديني غير الرسمي. واشارت المجلة إلى أن المجلس الحاكم المنتهية ولايته اصدر مرسومًا يقضي بأن أي مرشح لرئاسة الوزراء يجب ألا يكون يحمل جواز سفر أجنبيا أو متزوجا من اجنبية، وبالتالي تم الزام مجموعة من العائدين البارزين إما على سحب ترشيحهم أو للتخلي عن الجنسية الثانية، رغم ان ذلك ربما تجاهها مناهضاً للحريات وضد الاجانب، الا انه سيحد من نفوذ العائدين من الخارج من الاسلاميين الذين يحملون جنسيات اخرى. سيادة القانون واكدت المجلة ان إرساء سيادة القانون لا يزال هو المهمة الأكثر صعوبة وإلحاحا بالنسبة للحكومة القادمة، فلابد من توقف هدم الاضرحة وعمليات القتل استتباب الامن، فى نفس الوقت تطبيق قواعد حقوق الانسان والحريات والمحاكمات العادلة لاكثر من 7 الاف معتقل والمعاملة الكريمة. ووفقا لما رآه سفير غربى سابق، فإنه كانت هناك ثلاثة سيناريوهات متوقعة فى ليبيا، الاول هو ان تتطلع البلاد الى الانتعاش السريع لصناعة النفط وتحقيق تقدم سريع نحو الديمقراطية، حيث قال: "لا شيء ينجح مثل النجاح" وهذا الاحتمال نسبته 30%، والثاني هو انزلاق البلاد الى دوامة العنف، مدعوما بالاقتتال الداخلي والفوضى الحكومية، وهذا الاحتمال فرصتة 20٪ . والاحتمال الثاالث ان تستمر الفوضى والاضطرابات لفترة من الوقت، وبعد ذلك ستصل البلاد الى النجاح المنشود، وهذا هو الأرجح.