نقل التراث للأجيال الجديدة مسئولية كبيرة.. وسعيدة بتواجد فئات الشباب من الجمهور الفنانة جيهان مرسى واحدة من أكثر نماذج الاجتهاد والاصرار, تتلمذت على يد الراحلة الكبيرة دكتورة رتيبة الحفنى فى فنون الإدارة وبعدها أصبحت تحمل تركة صعبة المراس وهى مهرجان الموسيقى العربية، الذى تنظر إليه دائمًا بنظرة الأم لابنها التى تحرص دائمًا على ظهوره بشكل مشرف ويليق بحضارة مصر وتاريخها الغنائى. جيهان مرسى دائمًا تتطلع إلى تواجد كبار النجوم بالمهرجان بالإضافة إلى استمرار التواجد العربى أيضًا، ومنذ توليها إدارة المهرجان استطاعت ان تخلق له حالة جديدة من التناغم بينه وبين فئات عديدة من الجمهور، فلم يعد المهرجان مقصورا على جمهور الموسيقى العربية فقط، ولكن أصبح للشباب مقاعد كثيرة داخل اروقة المسرح الكبير. الدورة الثامنة والعشرون من المهرجان هذا العام تحمل العديد من الاسرار وكواليس مختلفة، جاءت ثمارها بتواجد نجوم الوطن العربى بالفاعليات وخاصة مشاركة النجم الكبير محمد منير لأول مرة، فى حوار مع «الوفد» تحدثت الفنانة جيهان مرسى مدير مهرجان الموسيقى العربية عن كواليس واسرار الدورة الجديدة والصعاب التى واجهتها فى المهرجان ورأيها فى ظهور أكثر من دور اوبرا فى العديد من الدول والبلدان العربية المختلفة. فى البداية.. كيف كانت رحلة الدورة الثامنة والعشرين من المهرجان؟ محظوظة للغاية بتواجد فريق عمل على مستوى كبير من الابداع سواء كان على مستوى اللجنة التحضيرية للمهرجان، أو فريق عمل دار الاوبرا المصرية وعلى رأسه دكتور مجدى صابر، نتناقش باستمرار ونطرح الاسماء والاطار العام الذى نريد ظهور المهرجان من خلاله للجمهور، وباستمرار العمل والمشاورات وصلنا إلى الشكل الذى خرج إلى النور الآن، وأتمنى ان تنال الدورة اعجاب الجمهور وتضيف لتاريخ هذا المهرجان العريق. وكيف كانت معايير اختيار النجوم المشاركين؟ بالطبع مهرجان الموسيقى العربية له منهجه وخصوصيته التى لا يمكن التنازل عنها، فهو مهرجان يعيد احياء التراث وينقله للأجيال الجديدة، فلابد من ان يكون النجوم يتمتعون بالموهبة التى تمكنهم من تقديم هذه الأغانى للجمهور، وهناك نجوم واسماء كبيرة اصبحوا مرتبطين كثيرًا بالمهرجان مثل «مدحت صالح وهانى شاكر وعلى الحجار ومحمد الحلو»، حتى النجوم العرب «عاصى الحلانى ومروان خورى» وغيرهم لديهم شغف كبير بالمشاركة باستمرار، لانهم يقدرون قيمة المهرجان ويعلمون جيدا ان دار الأوبرا المصرية مكان العمالقة. كيف جاءت فكرة مشاركة النجم الكبير محمد منير بالمهرجان واحيائه لحفل الافتتاح؟ أهتم دائمًا وأعمل كما ذكرت على توسيع افاق المهرجان والعمل على مخاطبته لجميع فئات وشرائح الجمهور، وأعلم تماما ان جمهور الموسيقى العربية كان مشتاقا كثيرا لرؤية هذا الفنان الكبير الذى خلق نوعا وشكلا جديدا من التراث الغنائى المصرى مكنه من الوصول لمكانه لم يعد احد قادرا على المساس بها، وطرحت الفكرة على صديقى أمجد مصطفى الكاتب الصحفى واحد أعضاء اللجنة التحضيرية للمهرجان، لانى أثق فى رأيه كثيرًا، فهو كاتب طالما حارب من أجل دار الاوبرا المصرية واعلاء راية الغناء الجاد، فرحب كثيرًا بالأمر وبعدها طرحت الفكرة على الجميع، وعندما تحدثنا مع الفنان الكبير محمد منير رحب كثيرًا ووعدنا بتقديم حفلة للتاريخ فى افتتاح المهرجان، وسعيدة للغاية ان يأتى فنان مصرى كبير بحجم محمد منير لدار الأوبرا المصرية خلال فترة ادارتى للمهرجان. بعض النقاد قالوا إن طبيعة غناء محمد منير لا تناسب هوية المسرح الكبير.. ما تعليقك؟ هذا السؤال وجه لى من احدى الكاتبات فى المؤتمر الصحفى ايضا، ولكن هذا الكلام عار تماما من الصحة، لأن كافة الأعمال التى يقدمها المطرب الكبير محمد منير هى من نبع التراث المصرى للأغنية، فهو اللون الذى لم يقدم على مدار مشوار الاغنية المصرية، وليس له شبيه، علاوة على كونه نجما مصرىا شرف هذا البلد فى العديد من دول العالم وقدم حفلات بالخارج كانت تصنف على انها أساس التراث المصرى فى العصر الحديث، فهذا التفكير غير صحيح تماما لأن هذا النجم شارك فى غناء العديد من أعمال كبار المبدعين والملحنين الذى حملوا راية الاغنية المصرية على اكتافهم وشكلوا ريادتها وتاريخها مثل بليغ حمدى وكمال الطويل وهانى شنودة واحمد منيب واخرين إلى جانب الشعراء مثل عبد الرحمن الأبنودى وأحمد فؤاد نجم وصلاح جاهين ومجدى نجيب وغيرهم. هل ضعف ميزانية المهرجان ممكن ان يؤثر مستقبلا على مشاركة النجوم؟ المشاركة فى مهرجان الموسيقى العربية رسالة ونحن مهرجان كبير يضيف كثيرا للنجم المشارك، وكما ذكرت كافة نجوم الوطن العربى يعرفون قيمة دار الأوبرا جيدًا والمهرجان ولذلك لديهم شغف كبير للمشاركة، ولكن نتمنى ان يكون هناك ميزانية كبيرة حتى نعمل بدون عوائق ونتمكن من تطوير المهرجان كثيرا والاضافة له. هل ظهور اكثر من دور أوبرا فى عديد من الدول والبلدان العربية ممكن ان يؤثر بالسلب على نشاط دار الاوبرا المصرية؟ اطلاقا.. دار الاوبرا المصرية هى مكان التاريخ التى وقف داخل جدرانه عمالقة الغناء العربى، وكافة الموسيقيين والمطربين الذين يغنون بدور الاوبرا المختلفة الجديد هم فى الاساس ابناء دار الاوبرا المصرية المتواجدون بها بشكل دائم ومستمر، فمهما اختلفت الامكانيات المادية ستظل دار الاوبرا المصرية لها مكانة خاصة وقدسية كبيرة عند الجميع. بعيدا عن المهرجان.. رافقت الراحلة رتيبة الحفنى لسنوات فى مشوار المهرجان، كيف كان التأثير؟ رتيبة الحفنى هى اساس نجاح المهرجان، وخطة عملنا فى كل دورة هى من وضعت لها حجر الاساس، فبمجرد انتهاء كل دورة كانت تبدأ العمل مباشرة فى الدورة القادمة، كنا نبدأ العمل فى الصبح ونترك ساعة اليد لعدم النظر بها، لأن الهدف هو الانجاز مهما بلغت المشقة، فهى استاذتى ومعلمتى، وأتمنى ان استطيع الحفاظ على موروثها الكبير، لان المهرجان كان بمثابة ابن من ابنائها، ولكن فى الحقيقة هذه القيمة الكبيرة لن تعوض من جديد. هناك اسماء محددة من جيل الشباب لم نرها فى المهرجان، لماذا؟ فى السنوات الاخيرة تواجد بالمهرجان عدد كبير من نجوم الشباب مثل رامى صبرى واحمد جمال وخالد سليم وغيرهم، ولكن الأزمة تكمن فى الوقت والمواعيد، فكل مطرب نتحدث معه عن المهرجان يرحب كثيرا ولكن عندما تكون لديه عقود وارتباطات عمل وحفلات أخرى يضطر للاعتذار، وهناك منهم من يشعر برهبة الوقوف على خشبة مهرجان الموسيقى، بالرغم انه يمتلك الموهبة فى ذلك، فنحن نتمنى تواجد كل فنان حقيقى وموهوب على خشبة مسرح دار الأوبرا. كيف تنظرين لحال الساحة الغنائية خلال الفترة الأخيرة؟ طالما سيطر الانتاج الخاص، سيظل الفن تحت قيد الاحتلال، لأن المسيطر هنا هو الأهداف التجارية بدون النظر للقيمة الفنية والثقافية، ولذلك أتمنى عودة انتاج الدولة من جديد، لأنه سيعيد الامور إلى نطاقها الصحيح وسيعيد للغناء هيبته، فالغناء من اهم اسلحة المجتمع التى يمكن الاعتماد عليها فى بناء ثقافات وانتماء الاجيال الجديدة.