والأيام بتجري والله لسة بدري يا شهر الصيام بهذه العاطفة الجياشة تودع الفنانة الكبيرة شريفة فاضل - أم البطل - شهر رمضان الكريم وقد أوشك علي الرحيل وكل عام ومصر المحروسة تملأ الدنيا صخباً وضياء والاغنية كتبها الشاعر المقل محمد كمال بدر ولحنها الموسيقار المظلوم عبد العزيز محمد وعلي الرغم من انها اغنية وداع وانا لا احب الوداع الا انني كل عام انتظرها انا وأم زينب التي تنساب دموعها علي ايقاع اللحن الدافئ بينما اجلس انا إلي جانبها اغالب الدمع حتي لا يفتضحني أمام الترماي وبمناسبة الدمع وفضيحة العاشق حكي لي الشاعر الكبير الراحل رامي عن علاقته بشاعر النيل حافظ بك ابراهيم قال: كنت كلما كتبت شيئاً جديدا اجري لأطلعه عليه فيقرأ متمهلاً ثم يقول: - كويسة زي سلامو عليكو. فيدفعني هذا الموقف إلي العناد واكتب الجديد واذهب إليه فيتكرر نفس المشهد ونفس التعليق «كويس زي سلامو عليكو» فيزيدني هذا عناداً واكتب الجديد واذهب لاعرضه عليه. قلت له: - وهو ما كانش بيزهق من عنادك؟ قال: - لو أحسست بأني اضايقه بهذه الملاحقة لكففت عن الكتابة وعن ملاحقته وقد اعترف لي بعد ذلك بأنه كان حريصاً علي استمراري في الكتابة بكل هذا الاصرار والعناد لأن مصر كما قال هو: - ربما كانت ستسخر شاعراً مهما. قلت: - طبعاً انا متشوق لمعرفة باقي الحكاية. ضحك وقال: - اعرف ان الشعراء احياناً يقتلهم الفضول. ضحكت وقلت: - وانا اسعي إلي حتفي بظلفي يابابا. ضحك وقال: - ربما رحلنا معاً. قلت: - بعد الشر علي شاعر الشباب العظيم ولا أريد أن اري نفسي في موقف بيرم التونسي حين رثي امير الشعراء قائلاً: مكتوب لي في الغيب مصيبة والغيب عن العلم خافي تطول حياتي الكئيبة وارثي امير القوافي فقال بخبث: - يعني مانتش عايز تعرف اول حاجة عجبت شاعر النيل؟ قلت: - وهل تتصور ان اتركك تذهب قبل أن تسمعها. قال: الصب تفضحه عيونه وتنم عن وجد شئونه هنا طوي الورقة بعناية ووضعها في جيب سترته وقال: - هذا شعر. رحمة الله عليهم جميعاً قناديل الابداع في مصر المحروسة.
