قلمى.....ها أنا ذا أعود إليك بعد طول فراق، لم يكن خصاما ولا جفاء، ولا حتى عنادا، كان الكلام كثيرا وعقيما فصمتنا.. كلام وكلام وكلام.. بحور من الكلام تجرفنا إلى أبعد مدى لتعيدنا إلى البداية فى كل مرة.. شعرت بأنى سأثقل عليك، خفت أن تمل من تكرارى، فهجرتك وكنت دائما قريبا.. أحن إليك، إلى رنة الصدق فى صوتك، إلى دفء اللحظة بين أحضانك، إلى سماحتك، سعة صدرك وطيبتك.. أعود إليك اليوم فأبادرك بالكلام، أم لعلك تملينى .. بنظرة، بهمسة أو بلمسة .. ما عساى أقول على مسامعك .. من منا يبدأ بالكلام .. من منا يحن للكلام .. من منا يتوق للكلام .. ومن منا أتعبه الكلام .. ومن منا كل هذا. فأمسكت به. وجلست لأكتب ولكنه لم يكتب امرته بذلك فرفض وقال: لن أكتب، غضبت ورميته وأمسكت قلما آخر فقال هو الآخر لن أكتب!! وهكذا مع جميع أقلامى. فرجعت مرة أخرى لقلمى الأول وحاولت معه ولكنه رفض، فقلت له: لماذا لا تكتب؟ قال: وكيف أكتب وقلبى ينزف دما!؟ فقلت له فى سخرية: أو لك قلب؟! رد:نعم. قلت له:لا أعتقد هذا. قال: أنت مخطئة أنك لا تعرفين أن كل الجماد الذى حولك يحس ويشعر ويتنفس أيضا. ضحكت وقلت له: كفى أنك تهزى. قال:لا...إنه يحس بنعم الله ويتنفس بحب الله والأعظم أنه يسبح بحمد الله. فقلت له: أذن قل لى لماذا لا تكتب؟ قال: قلت لك إن قلبى ينزف دما قلت له: أنا أعرف ولكن لماذا؟ قال: لأنك تريدينى أن أكتب ولكنى عندما أكتب أصعد إلى عنان السماء وأطوف كل الأجواء فأنت عندما تريدى الكتابة ينطلق خيالك وأفكارك إلى بعيد بعيد وأنا كقلم سيكتب ما تفكرين به أجرى وراء أفكارك فى عنان السماء. قلت له: وما العيب فى هذا؟ قال لى: إنه عندما كنت أطوف مع أفكارك فى تلك الأيام وقع بصرى على أطفال مذبوحة وأمهات مجروحة وآباء شعروا أنهم فقدوا رجولتهم لأنهم لم يستطيعوا حماية أسرهم، فلم أستطع أن أكمل المشوار ورجعت وقررت ألا أكتب حتى لا أرى هذا مرة أخرى. قلت له: أذن فهى آخر مرة تكتب معى. رفض بشدة وقال: يا أختى العرب إنك هنا تكتبين وهم هناك ينزفون ألا ترى الفرق شاسع والأبشع أنكم جميعا عرب ومسلمون فعلا يا أختى إن الإسلام قد بدأ غريبا وسيوجد فى قوم لن يقدروه حق قدره ويجلوه أجل الإجلال. ثم أشاح بوجهه وأراد أن ينسل من بين أصابعى فأمسكته بقوة وقلت: لا ترحل... لا ترحل انتظر معى. قال: لا أقدر. انظرى إلى ما حولك دققى النظر ارهفى سمعك ستجدى كل ما حولك يبكى وأنت لا تشعرين.. حينئذ ستدركين أن الكتابة ليست لها قيمة إلا لك فقط أما هم فمازالوا يموتون... ومن فضلك اتركينى اذهب ولا تستخدمينى مرة أخرى. فقلت له: لن أتركك أبدا لأننى أقدرك واحبك فأنت غير كل الأقلام؟ قال: وكيف هذا؟ قلت:....... فأنت لديك قلب ينبض