كثيراً ما طلبنا من خلال المؤتمرات والمظاهرات والمقالات بأن يخرج الشعب المصري إلي الشارع لإزاحة نظام الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم لما ارتكبه من جرائم في حق الشعب المصري، وقد كتبت مقالاً في ذلك بجريدة الوفد بتاريخ 2007/6/6 بالعدد رقم 6324 بعنوان »هذا حالنا فما نحن فاعلون؟«. وجاء علي النحو التالي: تعيش مصر هذه الأيام مرحلة من أسوأ مراحل حياتها السياسية علي المستويين المحلي والدولي وذلك نتاج نظام حكم قمعي مستبد أدي استبداده وتسلطه وانفراده بالسلطة إلي انتشار الفساد في البلاد بصورة لا مثيل لها من قبل، فقد أدي ذلك الاستبداد والفساد إلي تدمير مقدرات الشعب وجميع مناحي الحياة، فقد انهار التعليم في مصر علي يد هذا النظام، فغالبية الخريجين سواء كانوا من خريجي الجامعة أو من ذوي التعليم المتوسط أو فوق المتوسط لا نجد بينهم مبدعاً أو عالماً أو مخترعاً يمكن أن ينهض بالبلاد إلي مصاف الدول المتقدمة إنما كل ما يجيده هؤلاء الخريجون هو القراءة والكتابة، بل إن منهم من لا يجيد القراءة والكتابة فكيف لأمة أن تتقدم في ظل هذا المستوي الهزيل من التعليم والخريجين. أساس العملية التعليمية، المدرس والمدرسة، والمدرسون في مصر يتقاضون رواتب لا تسمن ولا تغني من جوع فكيف لمثل هؤلاء أن يعلموا أبناءنا التعليم الجيد المطلوب وهم لا يستطيعون أن يحيوا حياة كريمة، حتي إن الكادر الخاص الذي وعدهم به رئيس الدولة لم ينفذ حتي الآن مثله في ذلك مثل كل الوعود الرئاسية التي ذهبت أدراج الرياح، كما أن المدارس غير كافية وغالبيتها آيلة للسقوط وجميعها مكتظة بالتلاميذ بصورة لا تسمح لهم بالفهم الجيد الذي هو أساس الإبداع والابتكار، وفي قطاع الصحة نجد أن الفقراء من أبناء هذا الشعب - المفروض أنهم أولي بالرعاية - لا يجدون علاجاً بالمستشفيات الحكومية ولا رعاية طبية بها ويشتكون من سوء معاملة القائمين علي المستشفيات فهم يتعاملون مع المرضي بتعال وازدراء، هكذا أصبح يعامل المرضي بالمستشفيات، والغريب أنه في الوقت الذي يهان فيه المواطن الفقير داخل المستشفيات الحكومية ولا يجد علاجاً لمرضه نجد أن أصحاب النفوذ والحظوة واتباع النظام ومنافقيه يعالجون في المستشفيات ذات الخمس نجوم وتصدر لهم قرارات العلاج في الخارج علي نفقة الدولة التي هي في حقيقة الأمر علي نفقة الشعب الذي يهان ويذل وتهدر كرامته علي أيدي أهل الحكم وحزبهم الذي لا يعرف الرحمة أو الرأفة بالمواطنين. إن هذا النظام وحزبه دمروا مستقبل الوطن دمروا مستقبل أبناءه، فالشباب لا يجدون عملاً يتكسبون منه قوت يومهم، والعاطلون بالآلاف معرضون للانحراف نتيجة الفراغ المدمر الذي يعيشونه. أما عن الزراعة في مصر فقد دمرت وأصبحنا نستورد قمحاً مسرطناً يدمر صحة المصريين بعد أن كانت مصر سلة القمح في العالم، وأصبح حال الفلاح المصري يرثي له، فالفلاح المصري إلي جانب ما يعانيه من الفقر والمرض ينتمي إلي فئة تعد هي الفئة الوحيدة في هذا البلد التي لا تتقاضي معاشاً عند بلوغ سن المعاش القانوني كما أن العمال يتقاضون الفتات في صورة مرتبات وأصبحوا معرضين للتشرد بعد بيع المصانع والشركات بأبخس الأسعار، وهو الأمر الذي كان من نتيجته أن شاهدنا اعتصامات وإضرابات العمال في جميع أنحاء مصر وأنا هنا أحيي هؤلاء العمال وأطالبهم بالمزيد من المطالبة بحقوقهم وعدم التنازل عنها تحت أي ضغط من الضغوط - فما ضاع حق وراءه مطالب - هذا بعض من صور الفساد، فهناك يوجد الكثير والكثير من صور الفساد والدمار التي تعاني منها مصر وشعبها علي أيدي حكام هذا العهد الذي ثبت بالقطع واليقين من خلال ممارستهم القمعية المستبدة الفاسدة أنهم يكرهون شعب مصر ولا يحبون إلا أنفسهم لأن من يحب شعبه ووطنه يتفاني في خدمته ويعمل من أجل رفعته وإعلاء شأنه والمحافظة علي كرامته والدفاع عن حقوقه، لكن الحادث في مصر عكس ذلك تماماً، فنظام حكمنا الرشيد يعتقل أبناءه ويزج بهم في غياهب السجون، ويُفَصل لنفسه دستوراً يغتال به حرية المواطنين ويهدر كرامتهم، ويصدر قانوناً للإرهاب لقمعهم وإرهابهم ويحيلهم لمحاكمات عسكرية لا مثيل لها في بلدان العالم المتحضر، هذا قليل من كثير عن الداخل، أما علي المستوي الخارجي فقد فقدت مصر علي أيدي هذا النظام هيبتها وكرامتها ومكانتها الدولية، وحلت محلها في المنطقة دول أخري، لكن لا غرابة في ذلك مادام يحكمنا هؤلاء الحكام، لكن إزاء هذا كله ما الحل إذن؟ إن الحل الوحيد للخلاص من الغمة التي يعيشها شعب مصر هو رحيل هذا النظام بأكمله من سدة الحكم، لكن السؤال الأهم، كيف يتحقق ذلك؟ لن يتحقق ذلك إلا باتحاد كل القوي والأحزاب السياسية ومن ورائهم الشعب لمواجهة هذا النظام وذلك بأن يخرج الجميع يمارسون جميع الضغوط السياسية السلمية المتاحة والممكنة وأن نكون جميعاً مستعدين لدفع الثمن مهما كان هذا الثمن، فالحرية لها ثمن يجب أن ندفعه. السكرتير العام المساعد لحزب الوفد