لا شك أن منافع الصيام كعبادة للتقرب إلى الله من أعظم العبادات وهى عمل خالص إلى الله والله يجزى به، أما من الناحية الصحية وأثر الصيام على الصحة والأداء الوظيفى للجسم فى شهر رمضان، خاصة عندما يكون الصيام فى أكثر الشهور ارتفاعاً فى درجات الحرارة وعدد ساعات الصوم هى الأطول مقارنة بالأعوام السابقة فإن دراسة تأثير ذلك على صحة الإنسان بصفة عامة وعلى المرضى والمسنين والأطفال كان محل دراسات عديدة فى السنوات السابقة فى كثير من المؤتمرات والدوريات العلمية للأبحاث الطبية على مستوى العالم وأصبح لدينا فهم أكثر عمقاً فى تأثير الصيام على صحة الإنسان فى الظروف المختلفة. ويقول الدكتور يحيى محمد الفقى استشارى الأمراض الباطنة والأستاذ المحاضر بالكلية الملكية البريطانية وعضو الجمعية الأمريكية لأمراض السكر إن الامتناع عن الطعام بصفة عامة لمدة أكثر من 16 ساعة يومياً قد ثبت أن تأثيره إيجابى جداً لإعطاء الجسم الفرصة لاستهلاك الطعام وبالتالى التخلص من الدهون الزائدة المختزنة بالجسم، خاصة الكبد ودهون البطن الأمامية وفرصة رائعة لإنقاص الوزن وكأن شهر رمضان هو الشهر السنوى للتخلص من الدهون المتراكمة طوال العام فى داخل الجسم وبالتالى فإن نظام وجبتين بدلاً من ثلاث فى رمضان بجانب صيام عدد طويل من الساعات هو عملية إتاحة للتخلص من الدهون الزائدة بالجسم، وفى أحد الأبحاث بمؤتمر 2007 بالرباط بالمغرب عن آثار الصيام أثبتت هذه الرسالة أن معيار الصيام المفيد صحياً هو الصيام الذى يؤدى لفقدان من 2 إلى 3 كجم على مدار شهر رمضان أما من ثبت وزنه أثناء الصيام فإن صيامه وعادات الإفطار ونوعية الوجبات لم يكن سليماً صحياً فى رمضان، وهذا النقص ثبت أيضاً أنه نقص فى مخزون الدهون الزائدة عن الجسم فى أغلبه مع عدم الإخلال أو النقص بمكونات الجسم الأخرى، وهنا تكمن قضية أكثر تعقيداً أو اختلافاً فى دوريات الأبحاث الطبية، حيث من المؤكد علمياً أن نسبة من الجفاف ناتجة عن نقص المياه بالجسم، خاصة فى سنوات صيام الصيف الحار فى بلادنا ولكن المفاجأة كانت شديدة حينما أثبتت بعض الدراسات خاصة فى مجال أمراض الكلى والمسالك البولية أن دورات نقص المياه والجفاف التى يعقبها التعويض أثناء الإفطار وحتى السحور بصفة دورية لمدة شهر تعيد تنشيط الدورة الدموية وتدفق الدم إلى الكلى بصورة أفضل، وزاد على ذلك حيث أتى فى تأثير دوريات الجفاف المتكرر على الدورة الدموية ليؤكد مفاجآت أخرى فى تحسين وتنشيط الأداء الوظيفى للقلب وأن النقص المتكرر اليومى فى المياه بالجسم والذى يعقبه تعويض يومى «3 لترات سوائل على الأقل» يقوم بعملية ترييض وتدريب للجهاز الدورى والشرايين لوظائف الانقباض والانبساط بصورة أفضل بعد انتهاء شهر الصيام وانحسرت الأبحاث التى لا تشجع على الصيام لمرضى القلب والكلى فى حالات محدودة أقل كثير مما كنا نتصور من قبل فى الماضى القريب وتركزت فى عدم تشجيع الصيام لمرضى القلب والكلى فى حالاتهم الحرجة فقط والتى لا يتحمل فيها الجسم ووظائف أعضائهم نقص المياه لمدة يوم واحد أو عدة أيام وبالطبع تقدير ذلك لابد أن يكون من خلال الطبيب المعالج الذى يستطيع وحده تقدير قابلية المريض بالقلب أو الكلى من الصيام من عدمه، ويضيف الدكتور يحيى الفقى أن نقص الطاقة فى ساعات الصيام والتعويض بعد الإفطار لا يشكل أى ضرر فى أغلب الأحيان ولكن نقص الطاقة فى ساعات الصيام يتطلب فقط تحديد الجهد العقلى والبدنى لساعات أقل مع أخذ قسط من الراحة وعدد ساعات كاف للنوم يتناسب مع النقص بالطرق أثناء النهار خاصة بالنسبة للمسنين والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة مثل الحميات، ومن الناحية النفسية فإن اليقظة والتركيز والمزاج والنشاط الذهنى والعصبية الزائدة والتوتر فى كل هذه الحالات فإن الصيام لديه تأثير من الممكن أن يكون سلبياً أو إيجابياً متوقفاً على عدة عوامل أخرى منها إقران الصيام بعبادات وروحانيات وسلوك عام هادئ الطباع وعدد ساعات كاف للنوم يومياً وجعل الساعات الأخيرة قبل الإفطار هى الأقل جهداً وعملاً، عكس الساعات المبكرة من الصيام والتى يكون بها مخزون الجسم من السوائل والسكريات كافياً ومناسباً مع الجهد المطلوب والالتزام بالأدوية. للأسف الشديد فإن الدراسات أثبتت أن نسبة 32٪ من المرضى بصفة عامة فى كل الأمراض لا يتناولون علاجهم بالصورة الصحيحة أثناء الصيام وإن كان ذلك الأمر يحتاج إلى التواصل بين المريض قبل شهر رمضان والتأكيد على مواعيد وجرعات العلاج أثناء الصيام.