"لِم البضاعة وإجري بسرعة"، "البلدية جاية علينا"، "ادفع وهما يسيبوك".. عبارات يرددها بشكل يومي أحمد ومحمد وعمر، الباعة الجائلون، الذين حصلوا على مؤهلات عليا ولم يجدوا إلا العمل متجولين للحصول على لقمة العيش! . فبين النظارات الشمس والمفروشات والخردوات وغيرها من البضائع، يقف هؤلاء وغيرهم من الجامعيين، يروجون لبضاعتهم بين المارة، يجدون أنفسهم "حبة فوق وحبة تحت"، أمنيتهم "ألا تحاربنا الحكومة في عيشنا"، يعيشون على أمل أن تتغير السياسات في مصر تجاههم خاصة في العهد الرئاسي الجديد.. نظاراتي ببكالوريوس تجارة أحمد فرغلي.. يقف في أحد شوارع حي الهرم والتي ينتشر فيها كثير من الباعة الجائلين، يحكي تجربته قائلا: "أنا خريج جامعي ومعي بكالوريوس تجارة، وبعد التخرج بحثت عن وظيفة تليق بمؤهلي وتتناسب مع مجالي ولكنني لم أجد، فمعظم الشركات تشترط الخبرة، فمن أين أحصل على الخبرة وأنا خريج حديث؟!، والقليل من الوظائف التي كانت متاحة، كلها برواتب ضعيفة وفي تخصص غير تخصصي". يتابع: "بعد رحلة من البحث، قررت أن أعمل مشروعا بسيطا خاص بي وليس له رأس مال، فقررت شراء مجموعة من نظارات الشمس لأنها شبابية وتعاملي فيها هيكون مع الشباب، وبالفعل وجدت أن ذلك أفضل لي، ومستمر في البيع إلى أن تتيح لنا الحكومة وظائف تليق بمؤهلاتنا". "حل جذري" في الجانب المواجه لأحمد، يقف محمد شعبان.. شاب ذو مظهر أنيق، يبيع مفارش للأثاث المنزلي، وبالتحدث معه قال: "أنا حاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية، وواجهت نفس مشكلة الوظيفة التي تتكرر مع معظم شباب جيلي، لذلك فكرت في أن أشتغل "أي حاجة"، حتي أكوّن نفسي ولا أخذ المصروف من والدي". ويكمل: "لكن رغم ذلك يبدو أن الحكومة معترضة على أن نعمل بالحلال، وتريد لنا أن نتسول أو نسرق أو نلجأ للمخدرات، لأنها تحاربنا في أكل عيشنا، فقبل الثورة كل يومين كانت البلدية تأتي إلينا وتلم الكل عاطل مع باطل، وتأخذ بضاعتنا، وبالطبع يجب أن ندفع فلوس "رشوة" لأمين الشرطة حتى يعطينا البضاعة، أما الآن الدنيا هادية إلى حد ما، ولكننا خائفين أيضا أن تتكرر مأساة البلدية معنا مرة أخرى، لذا أطالب بحل جذري من جانب الرئيس محمد مرسي لوقف هذا الافتراء علينا". "منطقة جائلين" وفي شارع جانبي، يقف عمر فتحي بائع خردوات، 25 عاما، يحمل مؤهلا فوق المتوسط، يقول: "أنا أول حاجة أحب أن أقولها هو إننا نعاني الأمرين من افتراء البلدية، والفساد الذي نواجهه معه، فلقد كنت أقف في منطقة المقطم، وأبيع هناك وكنت في بداية تجارتي البسيطة، وفوجئت بالبلدية تهجم عليّ وتأخذ بضاعتي، وطبعا ذهبت وتحايلت عليهم وعرضت فلوس لكي أسترد بضاعتي، ولكن لا حياة لمن تنادي، وضاعت بضاعتي وكنت وقتها أدين بثمن البضاعة لأحد أصدقائي، وبالطبع إستدنت من جديد لكى أشتري بضاعة أخرى وغيرت المكان، وعملت لمدة سنة كاملة لكي أسدد ديوني فقط". يضيف: "أرجو من الرئيس محمد مرسي أن يصدر قرارا بعمل سوق في كل منطقة تجمع كل الباعة الجائلين وذلك بشراء أرض وبيعها لنا بالقسط وتكون في صورة أكشاك وليست عربية على الرصيف، لتكون منطقة مخصصة للبيع فقط".